كيف تتحكم المذهبية والعرقية فى النزاع السورى؟ .. أسرار الشبكة العنكبوتية التي تحكم المشهد

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أسرار الشبكة العنكبوتية التى تحكم المشهد


النزاعات الداخلية سوريا تحدد مستقبل الصراع بالمنطقة


شبكات متداخلة من العلاقات الدولية والمطامع التوسعية على أنقاض نظام الأسد


الصراع السورى يكشف أكبر غرائب الولايات المتحدة

136.jpg


 

تشكل التركيبة السكانية والديمغرافية فى سوريا حالة فسيفسائية معقدة التفاصيل، يجعلها تختلف كثيرًا عن محيطهما الإقليمى والعربي، حتى بالمقارنة بوضع شبيه فى دولة العراق المجاورة، وعلى مر الزمان كانت تلك الحالة مصدر اضطرابات وقلق فى دولة ذات حضارة عريقة كانت ملء السمع والبصر، ورغم ما كانت عليه سوريا من وضع حضارى لم يمنعها ذلك من الوقوع فى آثار الصراعات الناتجة عن تلك الحالة، سواء كانت صراعات مكتومة أو ظاهرة معلنة، مع أنه فى ظل هذا التنوع الحاد قد أثمر أيضا تنوعًا فكريًا وثقافيًا فريدًا، تغذت عليه الثقافتين العربية والإسلامية قرونًا طويلة ما زالت آثارها قائمة إلى الآن فى جميع العلوم العربية والإسلامية، غير أن الجراح الناتجة عن تلك الصراعات كانت تطغى أحيانًا على ما فيها من مزايا، كما هو الحال الآن.
فى وسط هذا الوضع الملتبس فى سوريا، قد لا يعرف الكثيرون مَن مع مَن، أو مَن ضد مَن، ومع إضافة العوامل الخارجية والأطماع الدولية يصبح المشهد أكثر تعقيدًا وتشابكًا مما ينذر بمستقبل أكثر قتامة على سوريا وعلى محيطها الإقليمي.. وفى هذه السطور نرصد الحالة الديمغرافية القائمة الآن فى سوريا وتشابكاتها مع الفاعلين الدوليين على أراضيها، إضافة إلى تنامى مخاطر جماعات العنف المحلية والعابرة للحدود على أراضيها وكيف يؤثر ذلك على مستقبلها وهل يمكن أن يعود الاستقرار إليها أم سيظل الوضع بلا نهاية.


الواقعان المذهبى والعرقي


لم يكن التنوع الديمغرافى فى سوريا حتى بداية القرن الماضى يشكل أزمة ذات بال فى الجمهورية السورية، فقد عاشت الطوائف المختلفة قرونا من السلام الاجتماعى والاستقرار رغم الحالة الفسيفسائية المتداخلة هناك، غير أن هذه الحالة لا تدوم طويلًا فى ظل التلاعب السياسى بها، أو استغلالها من الناحية السياسية، رغم أن هذه العرقيات والمذاهب قد شاركت فى بناء حضارة بلاد الشام.
سوريا كانت حاضرة العالم الإسلامى ومقر خلافته دمشق، التى استمرت قرونًا طويلة، وكان للأحداث التاريخية الكبرى النصيب الأكبر على أراضيها، فتأثرت مباشرة بالفتنة الكبرى، والانشقاقات الأولى التى حدثت فى التاريخ الإسلامى وظلت آثارها إلى اليوم، ومن ثم فقد ساهمت العوامل السياسية إلى جانب العوامل الدينية فى نشوء التنوع المذهبى على أراضيها واستمرار ذلك التنوع إلى اليوم. إضافة إلى التنوع العرقى الموجود قبل نشوء الخلافات المذهبية سواء داخل المذهب الواحد أو بين المذاهب المختلفة.


التركيبة الديموغرافية


وبحسب الأرقام المتوافرة، فإن الوضع المذهبى والعرقى فى سوريا يتشكل من:
٧٠٪ من السّنة العرب، ٨ إلى ٩٪ من العلويين العرب، ٨٪ من السنة الأكراد، ٨٪ من المسيحيين العرب الأرثوذكس فى الدرجة الأولى، ٢ إلى ٣٪ من الدروز العرب، ١٪ من الشيعة العرب وسواهم، أقل من ١٪ من السنة الشركس، أقل من ١٪ من أقليات أخرى كاليزيدية والإسماعيلية، ومنها عدة آلاف من اليهود.


السُنة فى سوريا


يتوزع السنة فى معظم البلدات السورية والمدن الرئيسية ذات الكثافة السكانية العالية، كالعاصمة دمشق وحلب وحمص وغيرها، ويمثلون أغلبية السكان والمذهب الفقهى السائد بينهم هو المذهب الشافعي، وقد اهتم الحكام والأمراء الذين حكموا سوريا حتى بعد سقوط الدولة العثمانية برعاية المذهب السنى من خلال تطوير المدارس والمساجد السنية، وبعد الثورة العربية الكبرى عام ١٩١٨ شهدت البلاد بصفة عامة نهضة فى الكثير من المظاهر الحضارية، التى انعكست على الوجود السنى فى سوريا، والذى كان يسير بصورة ودودة فى تعامله مع المذاهب والديانات المحيطة به دون حساسيات، فظهرت حركات إسلامية تنويرية تحمل لواء التجديد وشخصيات بارزة كان لها أثر كبير فى إثراء الحياة الفكرية والدينية فى سوريا وخارجها، مثل عبدالرحمن الكواكبي  صاحب كتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" وغيرها من الأعلام النجوم البارزة.
ويذكر تقرير وزارة الخارجية الأمريكية للحريات الدينية الصادر فى ٢٠١٩م، أن نسبة المسلمين السنة فى سوريا تبلغ ٧٧٪ بما فيهم الأكراد والتركمان.
ومع ذلك فقد تعرض هذا الفصيل- رغم أنه يمثل الأغلبية- لسنوات طويلة من الإقصاء لحساب المذهب الذى يمثله النظام السورى وأسرة الأسد دون أن يمس ذلك الثوابت الشعبية بين الطوائف خلال تلك الحقبة التى استمرت لما يقرب من ٥٠ عامًا ويزيد. إلا فى السنوات العشر الأخيرة التى تلت أحداث ٢٠١١م.


الشيعة والصراع


خلافًا للشيعة فى العراق ولبنان، الأقلية الشيعية فى سوريا صغيرة جدًا، بل ومبعثرة جغرافيًا، ورغم ذلك كانت تحظى برعاية أسرة الأسد العلوية، غير أن الأحوال لم تستقر لها منذ العام ٢٠١٢، فقد تطوّر الشيعة فى سوريا على الصعيد المؤسسي، عبر سلسلة خطوات بدءًا من إطلاق حركات كشفية خمينية، فى حمص ودمشق مثلًا، وصولًا إلى إنشاء سلطة دينية خاصة بالطائفة، تتمثّل بالمجلس الإسلامى الجعفرى الأعلى فى سوريا الذى تأسّس فى العام ٢٠١٢، فى خطوة مُستلهَمة من المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى فى لبنان. ظهرت هذه المؤسسات فى الوقت نفسه تقريبًا مع بدء التدخلات من جانب إيران وحزب الله وشيعة العراق فى النزاع السوري. لكن فى حين أدّت هذه التدخلات إلى دعم أكبر للفصائل العسكرية الشيعية السورية، لم يتم فعليًا إنشاء أى هيكلية تنظيمية شيعية جامعة.
وينقسم الشيعة فى سوريا إلى عدد من الطوائف لكل منها طقوسه الخاصة، ومنها:


العلويون:


يشكل العلويون نحو ١٠-١٢٪ من السكان، وهم أبرز الأقليات الدينية فى سوريا. يعتنق العلويون مذهبًا شيعيًا يتميز بتفسير خاص للتاريخ الإسلامى والمفاهيم الدينية. يعتبر المذهب العلوى طائفة من الشيعة الاثنى عشرية، لكن له خصوصياته التى جعلت منه أكثر انعزالًا عن باقى الشيعة.
وينتشر الوجود العلوى على الساحل السورى خاصة اللاذقية وطرطوس وقد لعبوا دورًا حاسمًا فى السياسة السورية. إذ ينتمى النظام السورى بقيادة عائلة الأسد إلى هذه الطائفة ومن ثم فقد وفر لها الدعم السياسى والاقتصادى الواسع، الذى عزز من نفوذها فى البلاد، وجعل تلك الأقلية هى المتحكمة فى مفاصل الدولة، حتى شاعت مقولة "إن الأقلية تحكم الأكثرية فى سوريا" وهى حالة نادرة الوجود فى أى نظام سياسى فى العالم.
كما تنتشر طوائف أخرى من الشيعة فى سوريا يشكلون نسبة أقل بكثير من العلويين، ولكنهم لا يزالون يمثلون جزءًا مهمًا من النسيج الدينى فى البلاد. يتركز فى مناطق معينة مثل ريف دمشق، وخاصة فى مناطق مثل السيدة زينب. وقد زاد نفوذ هؤلاء منذ أحداث ٢٠١١م، خاصة فى ظل الدعم الإيرانى والتدخلات العسكرية الإيرانى فى المشهد المرتبك فى البلاد، عن طريق الميليشيات الشيعية التابعة لحزب الله.
ويمكن تقسم الشيعة فى سوريا من الناحية المذهبية إلى عدة فروع مثل الاثنى عشرية، الزيدية، والشيعة الإسماعيلية.


الدروز


أما الدروز فهى طائفة أخرى من طوائف الشيعة، لهم طقوسهم الخاصة ويمكن أن تشاهدها فى الصلاة وفى الصيام، والتى تعود جذورها إلى المذهب الإسماعيلي، ويمثلون أقلية دينية صغيرة فى سوريا، ويقدر عددهم بحوالى ٣-٥٪ من نسبة عدد السكان. يعيش معظم الدروز فى منطقة السويداء جنوب البلاد. ولا يعتبرون أنفسهم مسلمين بشكل تقليدي، بل يمتلكون عقيدة وطقوسًا دينية خاصة بهم.
كما عُرف الدروز بتوجهاتهم السياسية المستقلة، حيث حاولوا على طول الخط أن يحافظوا على حيادهم دون الانخراط فى الصراعات السياسية أو المذهبية التى تظهر بين الحين والحين، رغم أن نظام أسرة الأسد كان يوفر لهم الحماية إلى حد ما بعد العلويين.


بين السنة والشيعة


ورغم البون الشاسع فى المعتقدات والعبادات بين طائفتى الشيعة بتنوعاتها، وبين السنة فى سوريا إلا أن هذا التنوع لم يكن يشكل تهديدًا كبيرًا قبل عقود، إلا أنه بعد أحداث ٢٠١١م أغرى ذلك اللاعبين فى المنطقة من أجل الاستغلال السياسى لهذا التنوع بصورة بشعة، بعد أن كانت الأمور تسير على مبدأ التعايش السلمى الشعبى بين المواطنين.
لكن الحرب الأهلية فى سوريا استغلت هذا التنوع واتخذته بعض القوى الخارجية مصدرًا للحشد الطائفى لشيعة المنطقة وانتشارهم داخل الأراضى السورية، مقابل حشد الجهاديين السنّة الأجانب، لإشعال الجبهة الداخلية بالصورة التى أصبحت عليها الآن والتى جلبت كتائب وميليشيات الشيعة الإيرانيين إلى سوريا، بقدر ما جلبت الجماعات الجهادية العابرة للحدود مثل تنظيمى القاعدة وتنظيم داعش.
ويصور الإيرانيون وحزب الله اللبنانى الصراع بين هذه المجموعات من منظور ديني. رغم أن الدوافع التى تحرّك المقاتلين الشيعة فى سوريا أو على الأقل الدول أو الجماعات التى ترسلهم إلى هناك تكتسب أبعادًا متشعّبة، وتنطلق من عوامل عدّة مثل الاعتبارات الجيوسياسية والرغبة فى الدفاع عن النفس علاوة بالطبع على العوامل الاقتصادية، أكثر ممّا تنطلق من الانقسام المذهبى الواضح.
الأقليات الأخرى


اليزيديون


ويشكل اليزيديون أقلية دينية صغيرة فى سوريا، وينتشرون بشكل رئيسى فى شمال البلاد. وتتراوح أعدادهم ما بين ٧٠ ألفا إلى ٥٠٠ ألف ويعتبرون جزءًا من المجتمعات الكردية، ولكنهم يعتنقون ديانة خاصة تحتوى على عناصر من الزرادشتية، المسيحية، والإسلام، وقد واجه اليزيديون حربًا من تنظيم داعش الإرهابى كان أبرزها حصار مجموعة تتألف مما يقرب من ٥٠ ألفا فى الجبال الواقعة فى الشمال الغربى من العراق دون غذاء أو ماء. وتعرضت نساؤهم للبيع كسبايا على يد عناصر التنظيم الإرهابى خلال فترة قوته وهو ما جعل تلك الطائفة فى دائرة الاهتمام الإعلامى والعالمي.


الآشوريون والسريان


الآشوريون والسريان هم أقليات مسيحية تعيش بشكل رئيسى فى شمال شرق سوريا. تعتبر هذه الأقليات جزءًا من الكنيسة الشرقية القديمة ولهم تاريخ طويل فى المنطقة.
تعرض الآشوريون والسريان لهجمات من قبل الجماعات المسلحة خلال الحرب الأهلية السورية، خاصة من قبل تنظيم داعش، الذى استهدفهم بسبب انتمائهم المسيحي.


أثر المذهبية فى الصراع السوري


وكما هو واضح فقد لعبت المذهبية الدينية الدور الأبرز في الحرب الأهلية السورية التى اندلعت فى ٢٠١١، فقد شهدت مناطق ذات غالبية سنية مثل حلب ودمشق قتالًا شرسًا ضد القوات الحكومية التى كان يقودها النظام العلوي. فى المقابل، شكلت الجماعات السنية المعارضة بؤرة مواجهة مع النظام العلوى المدعوم من قبل روسيا وإيران انتهت بالصورة التى آلت إليها الأحداث فى الأسابيع الأخيرة الماضية، والتى أدت إلى صعود تيار متشدد ينتمى أيديولوجيا لتنظيم القاعدة إلى القمة واستحواذه على السلطة، وإن حاول الظهور فى صور حركة التحرر الوطني.
وبالمثل فالبتوازى مع هذا الصراع بين الجماعات السنية نشأت تحالفات مذهبية أخرى خلال الحرب، حيث لعبت إيران الدور الأكبر فى دعم الطوائف الشيعية فى سوريا، كان من نتيجته ظهور ميليشيات تابعة للحرس الثورى الإيرانى فى مناطق متفرقة من البلاد خاصة فى العاصمة دمشق وريف دمشق بغطاء من نظام الأسد علاوة على وجود ميليشيات حزب الله اللبنانى الذى أضاف أبعادًا جديدة للصراع المذهبي. 


التدخلات الدولية


تمثل سوريا منذ أحداث الحرب الأهلية ساحة نزال وصراع للقوى الدولية ذات الأطماع فى المنطقة وتتمثل فى الوجود الأمريكى والروسى والإيرانى والتركي، الذى يحمل كل منها أجندته وأهدافه الخاصة، التى تتماس مع بعض الجماعات المحلية، فكل فريق منهم يدعم مجموعة من تلك الجماعات ويقف فى صفها لتحقيق أكبر المكاسب على الأرض، وهو ما يشكل حالة فسيفسائية أو شبكة علاقات عنكبوتية معقدة، فقد تجد دعمًا أمريكيًا لأحد هذه الفصائل فى منطقة، وفى الوقت نفسه تجد صراعًا بينه وبين ذلك الفريق فى مساحة أخرى على الأرض. بحسب التشابكات والعلاقات بينها وبين القوى الدولية فى سوريا.


التدخل الروسي


بدأ التدخل الروسى الفاعل فى سوريا عام ٢٠١٥ عبر إمداد نظام الأسد بالطائرات الحربية لضمان بقائه إذ كانت ترى موسكو فى سوريا حليفًا مهمًا يمكن أن يعزز نفوذها فى منطقة الشرق الأوسط. من خلال دعم النظام العلوي، وحاولت روسيا خلال الفترة الماضية الحفاظ على نظام مستقر بهدف خدمة مصالحها الأمنية والاقتصادية التى تتعارض مع القوى الأجنبية الأخرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
استغلت التوترات المذهبية والعرقية فى سوريا لتعميق استراتيجيتها، ودافعت عن الأسد فى مواجهة المعارضة السنية. كما حاولت روسيا كسب دعم الأكراد من خلال تعزيز علاقاتها مع "قوات سوريا الديمقراطية" قسد"، على أمل الحصول على دعم فى المستقبل.


إيران والنفوذ الشيعي


الموقف الإيرانى واضح من المنطقة فطهران لديها مشروعها التوسعى المعروف، تسعى لتحقيقة عبر نشر ميليشياتها المسلحة التابعة للحرس الثوري، وتستغل الحالة المذهبية الموجودة فى مناطق الصراع لصالحها، ولا تختلف سوريا بالنسبة لها عن الحال فى العراق، وقد عملت إيران على جعل تلك الميليشيات المسلحة بديلا للجيوش الوطنية كحال ميليشيات الحشد الشعبى الطائفى فى العراق، لكن إيران فى سوريا استغلت الصراع الطائفى بين العلويين الذين ينتمى لهم النظام السورى والجبهة السنية الواسعة التى ينتمى لها أغلب الجماعات والفصائل المقاتلة فى البلاد، فى إشعال الحرب الأهلية.
ومن جانب آخر تستغل إيران هذا الوضع فى إطار المنافسة التقليدية بينها وبين القوى السنية الخليجية، وكذلك لتصفية حساباتها على أراض خارج أراضيها بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية ومنافسيها الإقليميين.


تركيا والاستحواذ


لعبت تركيا دورًا بارزًا فى الحرب الأهلية السورية التى استغلتها من على ٣ جبهات:
الأولى: وتتمثل فى مطاردة الأكراد الذين ترى أنهم يمثلون تهديدًأ أمنيا لها فى ضوء مطالباتهم بالاستقلال والحكم الذاتى وهو الأمر الذى اتخذته ذريعة للتدخل العسكرى فى شمال شرق سوريا الأمر الذى أوقعها فى معارك مع قوات سوريا الديمقراطية"قسد" الكردية.
الثانية: تحاول تركيا تأمين حدودها السورية بحجة منع المتسللين عبر الحدود للدخول إلى أراضيها ومن أجل ذلك امتد النفوذ التركى فى الشمال السورى ليشمل عفرين التى استحوذت عليها تركيا بل ورفع العلم التركى فى الكثير من المناطق الشمالية لسوريا، وهو ما أدى لمواجهات مسلحة بين تركيا وبين الفصائل المسلحة فى تلك المناطق التى تسعى للسيطرة عليها وضمها لمناطق نفوذها.
الثالثة: تسعى تركيا لتكرار السيناريو الليبى الذى فشلت فى اتمامه هناك، فى سوريا مرة أخرى عسى أن ينجح هذه المرة، وهو ما اتضح بصورة جلية خلال الجولة التى اصطحب فيها أحمد الشرع أو أبو محمد الجولانى زعيم هيئة تحرير الشام أحد كبار المسئولين الأتراك بالعاصمة السورية دمشق بعد سقوطها فى يد جماعته، بعد أيام من إعلان اسم الإخوانى محمد البشير رئيسًا لحكومة تصريف الأعمال فى سوريا، فى محاولة أشبه بتلك الصورة التى حدثت فى ليبيا بعد سقوط نظام القذافى وتشكيل حكومة الوفاق الوطنى الإخوانية الموالية لتركيا. 


الولايات المتحدة


وهى اللاعب الرئيس فى المشهد السورى وتعتبر الولايات المتحدة الداعم الأكبر للأكراد حيث تقدم الدعم العسكرى واللوجستى لقوات سوريا الديمقراطية قسد فى حربها ضد تنظيم داعش، وفى الوقت نفسه تقف فى صف هيئة تحرير الشام والفصائل السنية المسلحة الأخرى المتصارعة مع قوات سوريا الديمقراطية، فى صراعها مع نظام الأسد، وهو أحد تناقضات المشهد الأمريكى فى سوريا والذى يلعب على كل الأطراف، فالولايات المتحدة حتى أيام قليلة كانت تدرج أبى محمد الجولانى زعيم جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام الذى بدل اسمه قبل أيام كما يبدل قميصه إلى أحمد الشرع، على قوائم الإرهاب، بل ورصدت وزارة الخزانة الأمريكية ١٠ ملايين دولار لمن يخبر عن مكان تواجده فى فترة من الفترات، لكن موقفها المتناقض جعلها تقدم الدعم للجولانى فى مقابل إسقاط نظام الأسد وهو ما اتضح خلال الأشهر الأخيرة، كما حدث بالضبط من قبل فى الحالة الأفغانية التى ساندت فيها الولايات المتحدة حركة طالبان التى ظلت طيلة ٢٠ عاما فى حرب معها ثم أوصلتها إلى السلطة بعد سلسلة من المفاوضات فى العاصمة القطرية الدوحة انتهت بعودة طالبان للسلطة فى أفغانستان فى أغسطس ٢٠٢١م.

 

عبد الله السعيد
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق