فئات مهنية تحاول انتزاع مكاسب بتصعيد وتيرة الإضرابات قبل "التقنين"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

على إيقاع تصاعد وتيرة التوتر بين المركزيتين النقابيتين الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل وبين الحكومة بشأن مشروع القانون التنظيمي للإضراب، الذي يرتقب أن تشرع لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية في مناقشته خلال الأسبوع الجاري، وتوعد “الجبهتين”: المناهضة” لقانون الإضراب والخاصة بالدفاع عن هذا الحق، عاد الاحتقان إلى عدد من القطاعات التي قرر مهنيوها خوض إضرابات وطنية، خصوصا الأطباء والتقنيين.

وبالموازاة مع مواصلة التقنيين خوض إضراب كل أربعاء خلال شهر يناير الجاري، تلبية لدعوة الهيئة الوطنية للتقنيين، قرر التنسيق النقابي لقطاع الصحة خوض إضراب وطني، غدا الأربعاء، مع وقفة احتجاجية ممركزة في اليوم ذاته أمام مقر وزارة الصحية والحماية الاجتماعية، “ردا على تهرب الأخيرة من الوفاء بالالتزامات وتنفيذ الاتفاقات”.

ويثير تزامن هذه الإضرابات المعلنة مع ما تصفه مركزيات نقابية ونقابات مستقلة “بمعركة مواجهة قانون الإضراب التكبيلي” تساؤلات حول ما إذا كان المهنيون “يحاولون من خلال تكثيفها انتزاع أقصى ما يمكن من المطالب، قبل صدور القانون، بما أنه سوف يجعل الدعوة إلى الإضراب مقيدة بآجال محددة بعد مناقشة الملف المطلبي مع المشغل، ويحصر الجهة مطلقة الدعوة في النقابة الأكثر تمثيلية”.

قياديون في نقابات وهيئات ممثلة لأطر الصحة والتقنيين لم يخفوا “التفاعل بالإيجاب مع هذا السؤال، بما أن إقرار القانون المذكور سوف يكبّل الحق في الإضراب بطريقة تجعل ممارسته غير متاحة بالشكل الذي هي عليه الآن؛ ما سيعني أن تحقيق المطالب قد يستوجب وقتا أطول من الوقت الممكن الآن في حالة خوض الإضرابات”.

هواجس قائمة

بالنسبة للتقنيين المغاربة الذين أعلنوا الإضراب كل أربعاء خلال الشهر الجاري، فإن “ثمة بالفعل تخوفا من صدور القانون التنظيمي للإضراب يدفع إلى تسريع وتكثيف الخطوات النضالية لأجل انتزاع أقصى ما يمكن من المطالب قبل بدء تنفيذه، رغم أنهم يناضلون عنها سنوات قبل ولوج هذا القانون مسطرة المصادقة”، وفق ما أكده عبد العزيز أملال، عضو المكتب الوطني للهيئة الوطنية للتقنيين بالمغرب CNTM.

وأوضح أملال، في تصريح لهسبريس، أن “هذه المخاوف راجعة إلى أن حصر القانون الجهة الداعية للإضراب في النقابة الأكثر تمثيلية سوف يضر بالهيئات الوطنية والتنسيقيات وتنظيمات الشغيلة المغربية”، مشيرا إلى أن “هنالك أساسا تخوفا من وجود تواطؤٍ بين المركزيات النقابية وبين الحكومة من أجل إخراج هذا القانون بصيغته الحالية التكبيلية لحق من حقوق الإنسان والعمال بصفة خاصة”.

وعلى الرغم من ترقب صدور تعديلات على مشروع القانون بمجلس المستشارين، فإن التقني ذاته قد تساءل عن “المنتظر من قانون إضراب يصدر عن حكومة “الباطرونا”؟، مستدركا أن “التقنيين في إطار الهيئة يناضلون قبل إخراج القانون المذكور لمسطرة المصادقة، ومنذ سنوات من أجل الدفاع عن حقوقهم؛ إلا أنهم للأسف لم يروا أية استجابة من كافة الحكومات المتعاقبة”، غير مستبعد “وجود بعض النقابات التي ترغب في أن تفتح السلطة التنفيذية الحوار معها فقط”.

ولم يُبدِ المتحدث عينه معارضته لكون استثمار هذه الظرفية للتصعيد، قبل صدور القانون التنظيمي للإضراب، يستحضر أنه بعد هذا الصدور قد لا يتاح للهيئة الجلوس مع الحكومة وحتى الإضراب سوف تصبح آجال محددة لممارسته؛ غير أنه شدد على أن “هذا القانون سوف لن يوقف نضالات الهيئة بالنظر إلى وجود آليات متعددة للترافع عن مطالب التقنيين، عدا أنه سوف يجعل مسؤولية عدم الاستجابة لها ملقاة على عاتق النقابات”.

وشدد على أن “خروج هذا القانون التكبيلي إلى حيز الوجود سوف يكون بمثابة إجهاز على ما تبقى قائما من حقوق للشغيلة”.

تسريع الخطوات

قال رضا شروف، الكاتب العام للجامعة الوطنية لقطاع الصحة، إن “التصعيد الحاصل في قطاع الصحة من خلال تكثيف خطوات نضالية بغرض الاستجابة لمطالب مهنيي هذا القطاع يأخذ بعين الاعتبار إمكانية صدور القانون التنظيمي بصيغة تقييدية لحقوق العمال”، مبرزا أنه “بمثابة تحذير للحكومة من أن المسار الذي تمضي فيه غير سليم؛ فمن غير الإضراب لا يمكن الاحتجاج”.

وأوضح شروف أن “إقرار قانون الإضراب بصيغته الحالية سوف يثير إشكالات عديدة، خصوصا بالنسبة للمعايير التي سوف يتم الاحتكام إليها لاعتبار نقابة ما بأنها الأكثر تمثيلية؛ وبالتالي لها الحق في الدعوة إلى الإضراب، وهل يشترط فيها أن تكون الأكثر تمثيلية بالقطاع الخاص أو العام، أو بهما معا؟”، مؤكدا “أهمية هذه الإشكالات، خاصة في ظل غياب قانون النقابات الذي من شأنه الإجابة عنها”.

وأشار الفاعل النقابي ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى أنه بالموازاة مع المعركة الحاصلة ضد القانون لا يمانع المهنيون “الحرص على انتزاع أقصى ما يمكن من المطالب قبل صدوره”؛ فهو، بتعبير شروف، “تكبيلي وتعجيزي، ولا يتضمن الضمانات الكافية لممارسة حق الإضراب؛ فمثلا رب العمل في حال لم يجلس إلى طاولة الحوار مع الشغيلة، يغرم بغرامة صغيرة لا تتعدى خمسة آلاف درهم”.

وذكر الكاتب العام لقطاع الصحة بأن “الخطوات الاحتجاجية التي يخوضها التنسيق النقابي لقطاع الصحة هي تأتي بغرض تسريع الاستجابة لمطالب المهنيين التي كانت موضوع محضر اتفاق 24 يوليوز الموقع بين النقابات والوزارة الوصية، خصوصا بعدما بدا أن الوزير الجديد أمين التهراوي يتهرب من تنفيذ مقتضيات هذا الاتفاق”.

وكانت الجمعية الوطنية لموظفي الجماعات الترابية قد عبرت، بدورها، وهي تنتقد “خذلان النقابات”، عن استغرابها “عدم تفطن الهيئات النقابية لتماطل وتسويف وزارة الداخلية في تأجيل جلسات الحوار القطاعي مرات عديدة، بدون أية مبررات، إلى حين صدور قانون الإضراب الذي يضع شروطا تعجيزية للإضراب يصبح معها الإضراب والنضال بدون فائدة؛ وعلى رأسها توفير الحد الأدنى من الخدمات أثناء الإضراب”.

صلاح جميل

الكاتب

صلاح جميل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق