يذكر مؤلف الكتاب -في مقدمة كتابه- أنَّه قد كتب هذا الكتاب وهو متأثر وما زال بأحوال أمتنا الإسلاميَّة، وما وصلت إليه من ضعف أخلاقي، لافتًا إلى إيمانه بأن علاج هذا الضعف إنما هو في أهم جوانبه بـ: (أخلاقنا) نحن المؤمنين، وكيف لا، وقد أمضى نبينا الذي وصفه ربه تعالى بقوله: "وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ" [القلم : ٤] أمضى من عمر الرسالة عشر سنين يربي المسلمين على: (العقيدة) وعلى (الأخلاق) في مكة، فسادوا الدنيا، ونشروا هذه الأخلاق عمليا في فتوحاتهم لنشر الإسلام، وتحرير المستضعفين المستذلين في دولتي الفرس والروم، فأعجب بأخلاقهم أهل هذه الشعوب، فدخلوا في دين الله أفواجًا؛ فساد العدل والسلام.
ويتساءل ربيع جوهري: كيف انتشر الإسلام في جنوب شرق آسيا، وكيف انتشر في أماكن عدة من إفريقيا، فهذه البقاع لم يذهب إليها جيوش إسلامية، لتفتحها، وتنشر فيها هذا الدين؟ كيف انتشر الإسلام وأضاء وأنجب هؤلاء الأبطال الأفذاذ؟ ليجيب بالقول: لقد انتشر الإسلام فيها عن طريق: "أخلاقنا" كما كان يعيشها أسلافنا، وكانت "أخلاقنا" هي العلاج لكل المفاسد التي كانت تملأ هذه البلاد آنذاك، تمامًا كما أنَّ أخلاقنا هي العلاج لكل هذه المفاسد التي تظهر في واقعنا.
ويلفت المؤلف أنه قد قضى فترة من حياته في دراسة وتدريس: «الأخلاق الفلسفية» فاطلع على عددٍ من كتبها، وعرف بعضًا من أعلامها، وأعجب حينًا بنظرياتها، ووفق أحيانًا لكشف زيفها، فلاحظ عليها أمورًا من ضمنها:
1. أن القضايا الأخلاقيَّة التي يبحثها فلاسفة الأخلاق، لم تنقص ولم تتغير خلال التاريخ، فالمسائل التي كان يبحثها فلاسفة اليونان الأخلاقيون هي نفسها المسائل التي يبحثها فلاسفة الأخلاق المعاصرون فلا تقدم.
2. أنَّها أفكار نظرية ذهنية، مجال وجودها عقل صاحبها وفكره، فهذا حظُّها من الوجود، وليس لها من الواقع نصيب يذكر.
3. كل فيلسوف يحكم على نفسه بالحق والصواب، ويحكم على غيره بالجهل والحمق، والخطأ والغباء، بل قد يصل الأمر إلى الشتم والسباب.
4. كتب الفلسفة الأخلاقيَّة مؤلفات لخاصة البشر، الذين تمكنهم ثقافتهم من فهم أساليبها، وتساعدهم أذهانهم في درك نظرياتها، فما أكثر ما يصعب المعنى، وما أكثر ما يغمض المراد!
5. لم يتفق فلاسفة الأخلاق -حتى الآن- على "مقياس أخلاقي" يَزِنون به الأخلاق، فليس هناك سبيل إلى "اليقين الأخلاقي".
6. الجفاف والتركيز على جانب العقل، وإهمال جانب الروح والعاطفة، والوجدان، وهذا الجانب الأخير قد يكون أكثر تأثيرًا في سلوك الإنسان.
هذه الأسباب الستة وغيرها، دفعت المؤلف للجد في البحث في مجال الأخلاق، ليجد ما يقنع عقله، ويرضي قلبه، فتوجه إلى المصادر التي يدين بصحتها، وهي ذلك الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وهذه السنة التي لا ينطق صاحبها عن الهوى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فأخذ يقرأ القرآن الكريم، ويجمع آياته الأخلاقية، ويطالع السنة المطهرة، يجتني من ثمارها الخلقية، ويقطف من أزهارها السلوكية فتجمع له من ذلك هذا الكتاب: "أخلاقنا". وشتَّان بين هذا المنهج، ونهج الأخلاق الفلسفية!
وقد قسم المؤلف كتابه إلى قسمين رئيسين؛ القِسم الأَوَّل: في الشَّقِّ النَّظَرِي، تعرض فيه لبيان أن الإسلام منبع أخلاقنا، وعرج على الأخلاق الفلسفية مبينًا قصورها عن تقديم المنهج الصحيح للأخلاق، ثم تحدث عن خصائص الأخلاق الإسلامية. أما القسم الثاني فقد خصصه للشق العملي، وذكر فيه جملة من الأخلاق الإسلامية؛ فتكلَّم عن الرحمة، والحياء، والعفة، والصدق والأمانة، والعدل، والحلم، والصبر، وهو في كل أولئك يعرضها من خلال تناول القرآن الكريم، ومثالها التطبيقي من أخلاق النبي ﷺ.
وينقسم الكتاب إلى بابين، الباب الأول "في الأبحاث النظرية" ويضم خمسة فصول؛ الأول: "الإسلام منبع أخلاقنا"، ويشتمل على المباحث التالية: عجز الأخلاق الفلسفية عن تقديم المنهج الصحيح للأخلاق، مذهب القائلين بالعرف السائد في المجتمع، مذهب القائلين بالضمير الإنساني، مذهب السعادة والمنفعة، مذهب القائلين بالعقل البشري. الفصل الثاني "خصائص أخلاقنا"، ويشتمل على المباحث التالية: السنن الكونية والسنن الأخلاقية، نماذج للقوانين الأخلاقية العامة والخاصة، العلاقة بين السنن المادية والسنن الأخلاقية، مميزات أخلاق الإسلام. ويناقش الفصل الثالث ارتباط الأخلاق بالعقيدة والعبادات، ويشتمل على المباحث التالية: ارتباط الأخلاق بالعقيدة الإسلامية، ارتباط الأخلاق بالعادات الشرعية. بينما يلقي الفصل الرابع الضوء على الخلق والتخلق، فاشتمل على المباحث التالية: تعريف الخلق، الخلق فطري ومكتسب، مراحل تكوين الخلق، الخلق والسلوك والعلاقة بينهما، بناء الخلق: الوسيلة الأولى: الوعظ والنَّصيحة، الوسيلة الثانية: تعود الخلق الفاضل، الوسيلة الثالثة: صداقة الأخيار، الوسيلة الرابعة: الثواب أو العقاب، الوسيلة الخامسة الأسوة والقدوة، صيانة الأخلاق الفاضلة. ويأتي الفصل الخامس والأخير من الباب الأول تحت عنوان "حماية أخلاقنا"، واشتمل على المبحثين التاليين: حق ولي الأمر في سن عقوبات على المخالفات الأخلاقية، هذه التشريعات لا تعارض الحرية الشخصية.
أما الباب الثاني من الكتاب فجاء تحت عنوان "في الدروس العملية"، ويضم 7 فصول، الأول: "دروس الرحمة"، ويشتمل على المباحث التالية: معنى الرحمة، الرحمة في القرآن الكريم، رحمة النبي صلوات الله وسلامه عليه، المسلمون وخلق الرحمة، الرحمة بذوي الأرحام، الرحمة بالأطفال، الرحمة بالحيوان. الفصل الثاني: "دروس الحياء والعفة"، ويشتمل على المباحث التَّالية: معنى الحياء والعفة، الحياء والعفة في القرآن الكريم، أحكام النظر، حياء النبي وعفته، حث النبي على الحياء والعفة، من صور الحياء والعفة، تشريعات أخلاقية لتأصيل الحياء والعفة، ليس من الحياء. ويناقش الفصل الثالث درس الصدق، ويشتمل على المباحث التالية: معنى الصدق، الصدق في القرآن الكريم، صدقه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، الترغيب في الصدق، الصدق وتربية الأطفال، الصدق والمزاح، الصدق والمدح، أنواع الصدق المحمود، أنواع الصدق المذموم، من نتائج الصدق، الكذب السائغ. ويلقي الفصل الرابع الضوء على درس الأمانة، ويشتمل على المباحث التالية: معنى الأمانة، الأمانة في القرآن الكريم، أمانته عليه الصَّلاة والسلام، من صور الأمانة. ويتناول الفصل الخامس "درس العدل"، ويشتمل على المباحث التالية: معنى العدل، العدل في القرآن الكريم، العدل في السنة المطهرة، من مجالات العدل. ويذهب بنا الفصل السادس نحو درس الحلم ويشتمل على المباحث التالية: معنى الحلم، الحلم في القرآن الكريم، حلمه عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، حثه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ على الحلم، مظاهر الغضب وخطورته، علاج الغضب. ويأتي الفصل السابع والأخير حول درس الصبر ويشتمل على المباحث التالية: معنى الصبر، الصبر في القرآن الكريم، صبره عَلَيْهِ الصَّلاة والسلام، تعليمه الصحابة الصبر، أقسام الصبر، الشكوى والصبر.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
0 تعليق