النيران تلتهم حافظ الأسد في قبره

السبورة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في حادثة صادمة، أُضرمت النيران في قبر الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في محافظة اللاذقية شمالي غرب سوريا، مما أسفر عن أضرار جسيمة طالت الضريح الذي يضم قبر الأسد الأب وأفراد آخرين من عائلته.  

ونشب الحريق الذي في الضريح الواقع في قرية القرداحة، مسقط رأس عائلة الأسد، جاء في وقت حساس، وسط حالة من التوتر الأمني في المنطقة.

تفاصيل الحادثة

وقع الحريق في الضريح الذي يقع على تلة عند أطراف بلدة القرداحة، وهي بلدة ذات رمزية تاريخية، حيث يعتبرها الكثيرون مركزًا ثقافيًا ودينيًا للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس الراحل والضريح يضم قبر حافظ الأسد، الذي حكم سوريا لمدة ثلاثين عامًا حتى وفاته في عام 2000، وكذلك قبر ابنه باسل الذي توفي في حادث سيارة عام 1994، بالإضافة إلى قبور أخرى لأفراد من العائلة.

أظهرت مقاطع الفيديو التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي ألسنة النيران تتصاعد من مجسم ضريح حافظ الأسد، بينما كانت أجزاء من المبنى المحيط به تتعرض للتدمير المجسم نفسه، الذي كان يُمثل قبر الأسد الأب، دُمّر بشكل كامل، مما خلف أضرارًا جسيمة في الموقع.

ردود الفعل والمشاهدات الميدانية

على الرغم من غموض المسؤولين عن الحريق، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره في لندن، إلى أن الحادث تم على يد مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى الفصائل العسكرية المعارضة للنظام السوري. وفقًا للتقارير، فإن هؤلاء المسلحين يتنكرون بصفة "إدارة العمليات العسكرية" في مدينة القرداحة، وكانوا قد انتقلوا إلى المنطقة ضمن سياق العمليات العسكرية التي أدت إلى سقوط نظام بشار الأسد في نهاية الأسبوع الماضي.

ورصدت كاميرات الفيديو وجود مقاتلين وأفراد من السكان المحليين في الموقع، بعضهم كان يحمل العلم الخاص بالثوار السوريين. كما شوهد العديد من المدنيين يتجولون في المكان، ويبدو أنهم كانوا يعبرون عن مشاعر من الغضب أو الاحتجاج على النظام السابق، الذي حكم سوريا لعقود.

المرصد السوري لحقوق الإنسان

من خلال بيان صادر عن المرصد، تم التأكيد على أن الحادث وقع في إطار سلسلة من الاعتداءات على الأضرحة والقبور في المنطقة، وأنه تسبب في "إلحاق الأذى النفسي" للمواطنين الذين يرتبطون بهذه المواقع التاريخية والدينية.

 كما أفاد المرصد بأن الحريق يأتي في وقت حساس بالنسبة للمنطقة، حيث كانت هناك اجتماعات بين قيادات عسكرية من فصائل المعارضة وشيوخ العشائر العلوية في المنطقة، بهدف تأمين الاستقرار وفرض سيطرة جديدة بعد سقوط النظام.

تلك الاجتماعات، التي كان الهدف منها نزع السلاح من المنطقة وإعادة الأمن، تناولت أيضًا ملفات شائكة تتعلق بتسليم المطلوبين من رموز النظام السابق الذين كانوا متورطين في انتهاكات لحقوق الإنسان. وكانت هذه الاجتماعات جزءًا من جهود فصائل المعارضة لإعادة ترتيب الأوضاع في القرى العلوية في ريف اللاذقية، التي كانت تعد معاقل للنظام السوري.

التداعيات السياسية والاجتماعية

تأتي هذه الحادثة في وقت بالغ الحساسية بالنسبة لسوريا، حيث يواجه نظام بشار الأسد تحديات غير مسبوقة بعد سقوطه في نهاية الأسبوع الماضي. الحريق في قبر حافظ الأسد يعكس مشهدًا من مشاعر الغضب والانتقام التي تترسخ لدى العديد من فصائل المعارضة، الذين يرون في هذه المواقع رموزًا للنظام الاستبدادي الذي طالما سيطر على مصير البلاد.

كما أن الحادث يُعد بمثابة رد فعل على سنوات من القمع والدمار التي شهدتها سوريا طوال حكم عائلة الأسد. فهو يعكس كذلك انقسامًا عميقًا بين الفئات المختلفة في المجتمع السوري، لا سيما في المناطق ذات الغالبية العلوية، التي كانت تساند النظام بشكل قوي في مواجهة الثوار.

حافظ الأسد وبشار الأسد: إرث وتداعيات

حافظ الأسد، الذي حكم سوريا من عام 1970 حتى وفاته في 2000، ترك إرثًا ثقيلًا في تاريخ سوريا الحديث. وُصف حكمه بالاستبدادي، حيث تمكن من إحكام قبضته على السلطة بفضل تكوين شبكة من الولاءات القوية في الجيش والأجهزة الأمنية. خلفه ابنه بشار الأسد الذي تولى السلطة بعد وفاته، واستمر في الحكم لمدة 24 عامًا، شهدت خلالها البلاد تدهورًا اقتصاديًا ودمارًا ماديًا ومعنويًا هائلًا بسبب النزاع السوري المستمر منذ عام 2011.

ومع نهاية حكم بشار الأسد، الذي اقتربت سنواته الأخيرة من السقوط، يظل إرث عائلة الأسد محل جدل كبير. وقد أصبح الضريح في القرداحة، الذي يرمز إلى هذا الإرث، هدفًا للاحتجاجات والاعتداءات من قبل أولئك الذين يرفضون سياسات النظام السابقة.

 

حريق قبر حافظ الأسد في القرداحة لا يُعدّ مجرد حادث عابر، بل هو جزء من حالة عدم الاستقرار المستمرة في سوريا بعد سنوات من الحرب والدمار. يُظهر الحادث استمرار الانقسام العميق في المجتمع السوري وتعمق مشاعر الانتقام والغضب ضد النظام السابق. وفي الوقت نفسه، يعكس التحديات الكبرى التي تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، حيث يسعى العديد من الفاعلين السياسيين والعسكريين إلى إعادة رسم ملامح السلطة والاستقرار في مناطق مختلفة من البلاد.

 

 

 

 

أحمد مسعود
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق