احتضن مقر مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، الخميس، أشغال اللقاء التشاوري الجهوي، استعدادا للنسخة الثانية للمناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة التي ستعقد بمدينة طنجة يومي 20 و21 دجنبر الجاري.
وعرف هذا اللقاء التشاوري، الذي انعقد تحت شعار “الجهوية المتقدمة.. بين تحديات اليوم والغد”، حضور كل من عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، وبلاهي اباد، نائب رئيس مجلس جهة العيون الساقية الحمراء، ومولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس الجماعي للعيون، إلى جانب عضوات وأعضاء مجلس الجهة وممثلي ولاية الجهة ورؤساء المصالح الخارجية ومجالس العمالات والأقاليم والغرف المهنية.
وفي هذا الصدد، أكد عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، أن ورش الجهوية المتقدمة يشكل خيارا استراتيجيا يحظى بالعناية الملكية السامية، مبرزا أن “صاحب الجلالة الملك محمدا السادس يحرص باستمرار على ضرورة التنزيل الأمثل لهذا الورش الحيوي، لما له من أهمية كبرى في تحقيق تنمية مستدامة وشاملة”.
وأبرز والي جهة العيون الساقية الحمراء، في كلمة افتتاحية له بالمناسبة، أن اللقاء التشاوري يأتي في سياق ترسيخ التعاون والتنسيق بين مختلف الفاعلين الترابيين، لتعزيز حكامة تدبير الشأن المحلي وتحقيق العدالة المجالية، لافتا إلى أن “التحديات الراهنة تتطلب تجاوز الإكراهات التقليدية، عبر ابتكار حلول تستجيب لتطلعات الساكنة وتنسجم مع التحولات التي تشهدها المملكة”.
وسجل المسؤول الترابي بالجهة أن نجاح ورش الجهوية المتقدمة رهين بتعزيز التنسيق بين مختلف الفاعلين المحليين والمؤسسات الجهوية، مشددا على أن “هذا الورش يعد ركيزة أساسية لتكريس الحكامة الجيدة وتحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة على المستوى الجهوي، بما يسهم في تحسين مؤشرات العيش الكريم لجميع المواطنين”.
من جانبه، قال بلاهي اباد، نائب رئيس جهة العيون الساقية الحمراء، إن المغرب نجح في تحقيق تقدم ملموس في مسار تنزيل الجهوية المتقدمة، بفضل رؤية استراتيجية شاملة وملتزمة، موضحا أن “هذا الخيار الاستراتيجي مكن من تحقيق نقلة نوعية في الإدارة الترابية، من خلال تعزيز اللامركزية والرفع من قدرة الجهات على التدبير الذاتي لشؤونها، بما ينسجم مع متطلبات التنمية المحلية والمستدامة”.
وأشار بلاهي اباد إلى أن “هذه المكتسبات تمثل تجسيدا فعليا لروح دستور 2011، الذي أرسى أسسا جديدة لمنظومة الجهوية، من خلال منح الجهات صلاحيات واسعة ودورا محوريا في التنمية الترابية”، مضيفا أن “هذا النهج يعكس التزام المملكة الراسخ بتطوير نموذج تنموي متجدد وشامل، يجعل من الجهة شريكا رئيسيا في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية”.
وخلص اللقاء التشاوري بجهة العيون الساقية الحمراء إلى أهمية توفير اعتمادات مالية كافية لتفعيل البرامج التنموية الجهوية؛ علاوة على ذلك، فإن نجاح هذه البرامج يقتضي تخصيص ميزانيات تواكب الحاجيات التنموية الخاصة بالجهات، مع ضمان استدامة التمويل لمشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية.
كما تمت الدعوة إلى تفعيل الاختصاصات المخولة للجهات بموجب القوانين التنظيمية، مع تدقيق هذه الاختصاصات وتوضيحها لضمان التنفيذ الفعلي.
واعتبر المشاركون في اللقاء التشاوري أن “تعزيز الأدوار الموكولة للمجالس الجهوية يتطلب وضع آليات قانونية وتنظيمية تمكنها من ممارسة مهامها بشكل أكثر استقلالية وفعالية”.
وفي السياق ذاته، طالب المتدخلون بالتعجيل بتنزيل ميثاق اللاتركيز الإداري باعتباره ركيزة أساسية لتعزيز الجهوية المتقدمة، مؤكدين أن “الميثاق يشكل إطارا عمليا لتحقيق التكامل بين السلطات المركزية والجهوية، عبر توزيع عادل وفعال للموارد البشرية والمالية، بما يضمن تنمية شاملة ومستدامة لكل الجهات”.
وتسعى النسخة الثانية من المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، المنظمة من لدن وزارة الداخلية بشراكة مع جمعية جهات المغرب، إلى تقييم المكتسبات المحققة على مدى السنوات الماضية، وتسليط الضوء على أفضل الممارسات والتجارب الناجحة التي أنجزتها الجهات في مختلف المجالات. كما تهدف المناظرة، التي تحظى بالرعاية السامية للملك محمد السادس، إلى تعزيز تبادل الخبرات بين الجهات واستعراض المشاريع المهيكلة والمبادرات الابتكارية التي تساهم في إيجاد حلول مستدامة للتحديات التنموية.
وينتظر أن تشكل هذه المناظرة محطة محورية لتعزيز التعاون بين الجهات والفاعلين المحليين والوطنيين، وتحفيز التفكير الجماعي لإرساء نموذج تنموي جهوي يستجيب لتطلعات الساكنة ويتماشى مع الرؤية الملكية الرامية إلى جعل الجهات رافعة أساسية للتنمية والعدالة المجالية.
0 تعليق