وافق مجلس الشيوخ نهائيًّا على مشروع قانون المسؤولية الطبية، ومن المنتظر أن يبلغ مجلس النواب بما انتهى إليه رأيه، وسط حالة من الجدل الواسع داخل نقابة الأطباء بشأن القانون.
وقال الدكتور أبو بكر القاضي، أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، إن النقابة كانت تطالب بإقرار قانون المسؤولية الطبية منذ 8 سنوات، إذ تعتبر النقابة المعنية الرئيسية بمقدمي الخدمة الطبية، أي الأطباء، وتحرص على وضع فلسفة وأهداف واضحة لهذا القانون، كما هو الحال في العديد من الدول العربية والأجنبية.
وأضاف القاضي لـ"الرئيس نيوز"، أنه عندما فوجئنا بالنسخة المقدمة من الحكومة، فكان لدينا ملاحظات عليها وأرسلناها إلى جميع الجهات المعنية، وللأسف الشديد لم يؤخذ بأي ملاحظات في القانون، فأصبح عار تمامًا من فلسفته وأهدافة، وفق قوله.
وأضاف أنه بعد تجاهل الملاحظات، لجأت النقابة إلى الخيار الأقوى، وهو الدعوة لعقد جمعية عمومية يوم 3 يناير، لافتًا إلى أن أعضاء الجمعية العمومية يملكون الحق الأصيل في مناقشة القانون واتخاذ ما يرونه مناسبًا، حيث ستُصدر الجمعية توصياتها، وسيعمل مجلس النقابة على مراجعتها وتنفيذها.
وأكد القاضي أن النقابة تسعى لتحقيق مصلحة الطبيب وحماية المهنة، إلى جانب ضمان مصلحة المريض، كونها شريكًا أساسيًا في المنظومة الصحية ونجاحها، لذلك هناك حاجة ماسة لقانون عادل يخلق بيئة عمل جاذبة ومستقرة.
وأشار إلى أن الطبيب يبذل قصارى جهده في تقديم الرعاية اللازمة، مشددًا على ضرورة أن يعمل الطبيب دون خوف، خاصة عندما يلتزم بتخصصه، وبالبروتوكولات العلمية المتعارف عليها، وبالإرشادات المهنية المعتمدة، وفي أماكن مرخصة، قائلًا: "لا نريد للطبيب أن يعمل ويده مرتعشة".
الأخطاء الطبية البسيطة والجسيمة
من جانبه، قال الدكتور أيمن سالم، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إن الأجواء محتقنة بين الأطباء، مشيرًا إلى أن النقابة كانت تأمل عدم تصاعد الأمور إلى حد الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة، ومع ذلك، كان لا بد من اتخاذ هذه الخطوة، خاصة في ظل انتشار شائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تزعم موافقة النقابة على مشروع قانون المسؤولية الطبية، وهو أمر غير صحيح.
وأوضح سالم لـ"الرئيس نيوز"، أن مجلس النقابة العامة للأطباء دعا جميع أطباء مصر للمشاركة في الجمعية العمومية الطارئة بهدف إعلان رفض مشروع قانون المسؤولية الطبية، ومناقشة الإجراءات اللازمة للتصدي له، نظرًا لتضمينه مواد تتيح تقنين حبس الأطباء في القضايا المهنية.
وأكد أن مشروع القانون المطروح أمام مجلس الشيوخ يستلزم التمييز بين الأخطاء الطبية البسيطة التي يرتكبها الطبيب أثناء ممارسته لمهنته ضمن الضوابط المهنية والإرشادات الإكلينيكية المحلية والعالمية، وبين الأخطاء الطبية الجسيمة.
وأشار إلى أن الأخطاء الجسيمة تشمل الأخطاء الناتجة عن الإهمال أو التعمد، مثل ممارسة الطبيب المهنة دون ترخيص، أو العمل خارج نطاق تخصصه، أو تقديم مستوى أدنى من المهارات المطلوبة ضمن تخصصه، وهي الحالات التي تستوجب المساءلة الجنائية في حال تضرر المريض.
تحقيق التوازن بين جميع الأطراف
وبدورها، أكدت الدكتورة إيرين سعيد، عضو لجنة الصحة بمجلس النواب، أن قانون المسؤولية الطبية لا يمكن أن يكون منحازًا بالكامل لصالح الأطباء، مشيرة إلى وجود أطباء مقصرين أو مهملين وأحيانًا يمارسون أعمالًا غير قانونية، وهو أمر يحدث في كل مهنة.
وقالت سعيد لـ"الرئيس نيوز"، إن القانون يجب أن يضمن حماية المواطن من هؤلاء الأطباء الذين يتسببون في أخطاء جسيمة، تضر بصحة المواطن.
وتابعت أن هناك أخطاء غير مقصودة قد تنتج عن طبيعة العمل الطبي، وهي أخطاء غير متعمدة، مما يستدعي أن يتضمن القانون بنودًا تحمي الأطباء في مثل هذه الحالات.
وأضافت: نحن نسعى لتحقيق التوازن بين جميع الأطراف من خلال صياغة قانون يراعي مصالح الأطباء والنقابة، ويحمي حقوق المرضى، ويحقق العدالة.
مطالب نقابة الأطباء
وتمسكت نقابة الأطباء خلال اجتماعها الأخير بمجموعة من المطالب جاءت كالتالي:
- رفض حبس الأطباء في القضايا المهنية، وإقرار وقوع المسؤولية المدنية على الطبيب حال التسبب في ضرر للمريض نتيجة خطأ، لكنه يعمل في تخصصه وملتزم بقواعد المهنة وقوانين الدولة، وتكون العقوبة هنا تعويضات لجبر الضرر وليس الحبس.
- تقع المسؤولية الجنائية على الطبيب فقط حال مخالفته لقوانين الدولة، أو عمله في غير تخصصه، أو قيامه بإجراء طبي ممنوع قانونا.
- عدم جواز الحبس الاحتياطي في الاتهامات التي تنشأ ضد مقدم الخدمة الصحية أثناء تأدية مهنته أو بسببها؛ حيث إن مبررات الحبس الاحتياطى غير متوفرة في القضايا المهنية.
- ضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التحقيق والتقاضي، وتتلقى كافة الشكاوى المقدمة ضد مقدمي الخدمة الطبية بجميع الجهات المعنية وذات الصلة بتلقي شكاوى المواطنين بشأن الأخطاء الطبية.
- صندوق التعويضات يجب أن يتحمل التعويض كاملا وليس المساهمة فيه كما نصت مسودة القانون.
0 تعليق