دور محوري.. الوحدة العربية بعد الأسد تشكل نقطة تحول في سوريا

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

 قالت صحيفة "جلف نييوز" إنه لامناص من أن تغتنم سوريا الفرصة الراهنة من أجل الوحدة والإصلاح، ولا تكرر أخطاء الماضي، وفي الآونة الأخيرة، كافح النظام الإقليمي العربي لتحمل وطأة العديد من التحديات. 

وقد نشأ هذا الهشاشة من الخلاف الأيديولوجي فضلًا عن تحالف سوريا مع التأثيرات الخارجية في ظل نظام الأسد الذي ذهب بلا رجعة.

وتاريخيًا، شكلت سوريا، إلى جانب مصر والمملكة العربية السعودية، العمود الفقري للنظام العربي الشرقي. وإذا نجح هذا المحور في تحقيق التعاون البناء، فقد يكون بمثابة أساس لوحدة أوسع، ودعوة الآخرين للانضمام على مبادئ المساواة والمصالح المشتركة.

ونشأ هذا التحالف الثلاثي بعد بضع سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية، وسط جهود من جانب القوى الكبرى لجذب الدول الإقليمية إلى منافساتها العالمية؛ ومن الأمثلة البارزة على هذه الجهود "حلف بغداد"، الذي تأسس في عام 1955 باعتباره "منظمة المعاهدة المركزية". 

وضم الحلف إيران وتركيا وباكستان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، مما يعكس الاستراتيجيات الجيوسياسية في ذلك العصر.

اجتمعت الدول الثلاث - المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا - في الظهران، المملكة العربية السعودية. وقد جمع اللقاء الملك الراحل سعود بن عبد العزيز والرئيسين المصري والسوري الراحلين جمال عبد الناصر وشكري القوتلي، ليشكل ميلاد ما أصبح يُعرف بتأسيس النظام العربي الجديد.

وأكدت تلك المبادرة على تجنب التحالفات والصراعات الدولية مع إعطاء الأولوية للدفاع عن المصالح العربية. 

وكان الهدف حماية المنطقة من الانجرار إلى التنافسات العالمية - بين ما يسمى المعسكرين الغربي والشرقي - والحفاظ على الموارد اللازمة لتنمية ورفاهية شعبها، وانسحبت العراق من حلف بغداد في أواخر عام 1958. 

وفي أعقاب حل الاتحاد المصري السوري في نهاية عام 1961، انزلقت سوريا إلى صراع داخلي قبل أن تسقط في نهاية المطاف تحت حكم عائلة الأسد. 

وعلى مدى ما يقرب من نصف قرن، نأت سوريا بنفسها عن المحور العربي، واصطفت بدلًا من ذلك مع محور إقليمي يقف على النقيض من تطلعات الشعب السوري.

وشهد المشهد السياسي السوري لحظة محورية مع سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الجاري، والذي تميز بدخول قوات المعارضة إلى دمشق، وفي السنوات الأخيرة، أصبح حكم الأسد ضعيفًا بشكل متزايد لأسباب عديدة يصعب حصرها، بما في ذلك القمع الداخلي الذي أثر على جميع شرائح المجتمع السوري تقريبًا. 

وعلى الرغم من المحاولات التي بُذلت في مراحل مختلفة لتثبيت حكمه، إلا أن الإنكار المتأصل، وهو عيب قاتل، أدى في النهاية إلى تدهوره.

إطار للتعاون

تلعب سوريا دورًا حاسمًا في ترسيخ أسس النظام الإقليمي العربي. ويمكن للثلاثي الذي يتألف من المملكة العربية السعودية ومصر وسوريا أن يشكل مرة أخرى حجر الزاوية في هذا النظام، نظرًا للتطورات الأخيرة في المنطقة.

ويبدو أن المملكة العربية السعودية، بارتباطاتها القوية بالخليج والشبكات العالمية، ومصر، بمواردها البشرية الهائلة، فضلًا عن سوريا، التي كانت لفترة طويلة وسيطًا في العالم العربي، تشكل معًا إطارًا رئيسيًا للتعاون ومن الضروري أن ينسجم النظام السوري الناشئ عن الثورة الأخيرة مع هذا المحور المصري الخليجي، مع الأخذ في الاعتبار التطورات التاريخية في المنطقة والتعلم من الدروس المأساوية التي تحملتها كافة شرائح الشعب السوري.

ولفتت الصحيفة إلى أن عودة سوريا إلى حضنها العربي هي الضمانة الوحيدة لتصبح أكثر أمنا وأكثر فعالية في التحرك على الساحة الدولية وأشارت إلى أن التحدي الرئيسي الذي يواجه النظام الجديد هو تجنب تكرار أخطاء النظام السابق، التي قادت سوريا إلى القمع والفقر والخوف والعزلة.

وذكرت الصحيفة أن وصفة التغلب على هذا المأزق تكمن في أربعة ركائز أساسية: أولا، إقامة نظام سياسي يضمن الحرية لجميع المواطنين والمجتمعات السورية، مع تحديد واضح لأدوار السلطات، وثانيا، نظام اقتصادي يضمن العيش الكريم للجميع، خاليا من الإقصاء والاستيلاء، في حين أن الركيزة الثالثة هي نظام قانوني يصون الحقوق في إطار العدالة الإنسانية، وأخيرا نظام إعلامي حر يعمل ضمن حدود القوانين الحديثة.

وحذرت الصحيفة من أن الانزلاق إلى الأحادية والتركيز على التفاهات والشكليات، التي هي متناقضة مع العصر والعقل، من شأنه أن يقود النظام الجديد، الذي لا يزال هشا، إلى مخاطر خطيرة، كما يهدد بتحويل الآخرين ضده، مما يجعله عرضة للتلاعب من قبل القوى الإقليمية المستعدة لاستغلال أي فرصة لتعطيل مستقبل سوريا. إن المسارات التي تتعارض مع الركائز الأساسية الأربعة تمثل "نوافذ" يمكن للقوى الأجنبية من خلالها التدخل في مصير الشعب السوري.

وفي المرحلة الحالية، يمكن وصف ما حدث في سوريا حتى أسبوعين بعد سقوط النظام، إذا استعرنا إشارات المرور، بأنه "أخضر وبرتقالي" - أخضر من حيث الكلمات والوعود، وبرتقالي في بعض الأفعال، وهناك أيضًا عبارات تحذيرية مثل "إذا كان صحيحًا"، والتي تتضمن تدابير مثل استبعاد النساء من القضاء.

 وتساهم مثل هذه التصريحات في توسيع المنطقة البرتقالية، والتي إذا تُركت دون معالجة، ستؤدي حتمًا إلى المنطقة الحمراء - وهو أمر لا يرغب أي وطني سوري أو عربي يحب سوريا في رؤيته، وأضافت الصحيفة كلمة أخيرة جديرة بالاهتمام والتحليل، وهي أن كل تغيير يمر بمرحلة شهر عسل، قد تطول  أو تقصر، ولكن العمى السياسي ينشأ عندما يعتقد البعض أن شهر العسل لا نهاية له.
 

أحمد مسعود
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق