نظمت فيدرالية رابطة حقوق النساء لقاء داخليا لتدارس التعديلات التي تم الإعلان عنها في إطار مدونة الأسرة، وتطرق نقاشها لقضايا جوهرية تتعلق بتعزيز أسس الأسرة والمجتمع المغربي.
وأشادت الفيدرالية ذاتها بالمكتسبات التي تحققت من خلال مدونة الأسرة، مثل حماية حقوق الأطفال والقاصرات، مع الإشارة إلى إمكانية إدراج شرط منع التعدد في عقد الزواج، واعتباره حقًا مشروعًا للمرأة يستند إلى الفقه الإسلامي.
وفي هذا الإطار قالت فوزية العسولي، الرئيسة الشرفية لفيدرالية رابطة حقوق النساء، إن “المكتسبات المعلنة في إطار تعديلات مدونة الأسرة من شأنها تعزيز الأسس الأساسية للمجتمع، التي تبدأ بالأسرة”، وتابعت ضمن تصريح لهسبريس: “الأسرة السليمة تُبنى على أسس صحيحة تراعي الكرامة وتحترم حقوق جميع أفرادها، بمن فيهم المرأة، الرجل، والأطفال، الذين يمثلون العمود الفقري لصحة وسلامة أي مجتمع”.
وتحدثت العسولي عن “تحقيق عدد من المكتسبات التي تهدف إلى ضمان حقوق أفراد الأسرة، خاصة الأطفال، وحمايتهم من الانتهاكات”، مردفة: “مع ذلك تبقى بعض الاجتهادات التي استندت إلى الفقه المالكي دون أن تذهب بعيدًا في تحقيق التغيير المطلوب”.
وواصلت المتحدثة ذاتها: “نحن ننتظر المزيد من التطوير في هذا المجال، خصوصًا في ظل فتح جلالة الملك باب الاجتهاد في إطار مواصلة جهود تحقيق الإنصاف للمرأة والرجل، ولجميع مكونات الأسرة والمجتمع، بغية وضع أسس متينة لها”.
وضربت الفاعلة النسائية مثالا بمدونة الأسرة الحالية التي تنص على إمكانية إدراج شرط في عقد الزواج يمنع التعدد، “وهو ليس أمرًا جديدًا، بل مستند إلى الفقه، ويُعد من حقوق المرأة”، وأضافت: “هذا الشرط لا يُضر بالرجل، بل يُبنى على مبدأ التراضي من البداية، ما يسهم في تقوية أسس الأسرة المغربية”
وزادت العسولي: “من المعروف أن التعدد يُلحق الضرر، بدرجة كبيرة، بالأطفال الذين هم الضحية الأولى له، ويؤدي إلى مشاكل تؤثر على استقرار الأسرة، لذا فإن بناء أسرة مكونة من أب وأم وأطفال في إطار موحد يعزز من نجاح الأسرة، ويفتح المجال لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأجيال القادمة”.
واسترسلت المتحدثة: “رغم ذلك لم تتم الاستجابة لجميع المطالب التي دعت إليها الحركة النسائية والحقوقية، لكن ما يهمنا هو أن النقاش مازال مفتوحًا. وهذا النقاش الذي يتم في جو هادئ وبناء يعزز من قوة المغرب والمجتمع. وبفضل فتح جلالة الملك هذا الباب نواصل إيصال أصواتنا لتحقيق المزيد من المكتسبات من خلال تحويل التوجهات الكبرى إلى قوانين عملية تتطلب تعبئة شاملة من الجميع لإنجاحها، مع العمل على تحسيس المجتمع وتوعيته بشكل إيجابي”.
وأشارت العسولي إلى أنه “من المهم التأكيد أن هذه المسألة لا تتعلق بصراع بين الرجل والمرأة، بل بشراكة تكاملية بينهما داخل الأسرة؛ فالرجل هو الأب والأخ والابن، والمرأة هي الأم والأخت والابنة، والهدف هو تقوية المجتمع والأسرة، وليس خلق صراعات مصطنعة”.
أما بخصوص العزوف عن الزواج فقالت الحقوقية ذاتها إن “الإحصائيات أظهرت أن نسبة النساء غير المتزوجات تبلغ حوالي 9 بالمائة”، معلقة: “هذا العزوف لا يتعلق فقط بالقوانين أو الحقوق، بل له أسباب متعددة، منها الظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة وارتفاع تكاليف تأسيس الأسرة”.
ولفتت المتحدثة إلى أن “التحديات الاقتصادية، من السكن إلى تكاليف التعليم والرعاية الصحية، تلعب دورًا كبيرًا في تقليص معدلات الزواج والإنجاب؛ ولذلك تحتاج هذه القضايا إلى معالجات جذرية عبر سياسات حكومية فعّالة تهيئ بيئة أسرية سليمة ومستقرة، بعيدًا عن المهاترات والغوغائية”.
واختتمت العسولي قائلة: “إن الأهم هو العمل بجد على تحسين الظروف التي تتيح بناء أسرة قوية قائمة على الاحترام المتبادل، وضمان حقوق جميع الأطراف، لتحقيق مجتمع أكثر عدلاً وتماسكًا”.
" frameborder="0">
0 تعليق