إبداع|| بَاغَتَهُ الْوَحْشُ.. قصيدة لـ حاتم الأطير

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لَسْتَ فِي حَاجَةٍ لِلْكَلَامِ

 

لِعِلْمِكَ مِنْ قَبْلُ بَاغَتَنِي الْوَحْشُ

 

كَسَّرَ فَوْقِي نَبَابِيتَهُ الْخَيْزَرَانَ

 

وَأَعْرِفُ مَا فِيكَ

 

مَرْبُوطَتَانِ يَدَاكَ إِلَى الْخَلْفِ

 

عَيْنُكَ مَعْصُوبَةٌ بِشَرِيحَةِ صُوفٍ

 

وَتَسْمَعُ رَفْرَفَةَ الْمِرْوَحِيَّةِ وَهْيَ مُغَادِرَةٌ

 

بَعْدَمَا أَنْزَلَتْكَ عَلَى سَطْحِ نَاطِحَةٍ

 

فِي خَرَابٍ مَهُولٍ

 

وَحِيدًا وَتَرْعَشُ

 

تَغْرَقُ فِي شِبْرِ نُسْتَالْجِيَا

 

وَتُرِيدُ عِنَاقًا

 

تُرِيدُ شِوَاءً عَلَى حَجَرٍ فِي الْبَرَارِي

 

تُرِيدُ السُّلَالَةَ كَامِلَةً حَوْلَ نَارِكَ

 

ثَرْثَرَةً وَنَدَامَى

 

تُرِيدُ الْمَسَاءَ عَلَى هَيْأَةِ امْرَأَةٍ

 

تَتَوَسَّدُ عَنْزَتَهَا الْجَبَلِيَّةَ

 

وَهْيَ تُلَقِّمُ غَلْيُونَهَا قُنَّبًا رَعَوِيًّا

 

تُرِيدُ حَمِيمِيَّةً إِسْتِوَائِيَّةً

 

يَتَأَوَّهُ فُلْفُلُهَا 

 

تَحْتَ وَنَّاسَةِ الْقَمَرِ الْوَثَنِيِّ

 

تُرِيدُ كِهَانَةَ ضَيْفٍ غَرِيبٍ

 

عَلى مِشْعَلٍ فِي الْمَغَارَةِ

 

تَطْرَبُ مِنْهُ الظِلَالُ

 

تَعَالَ مَعِي..

 

مَرَّةً كُنْتُ نَدَّاهَةً!

 

يَلْبَسُ الْلَيْلُ حُلْكَتَهُ

 

وُيُدِيرُ إِذَاعَةَ صُرْصُورِهِ

 

وَيُدَخِّنُ فِي كِبْرِيَاءٍ ضَبَابَتَهُ

 

فَأُنَادِي عَلَى بَائِسٍ أَوْ شَرِيدٍ

 

وَأُوسِعُهُ جِعَةً أَلْفَلَيْلِيَّةً

 

فَوْقَ رِيشِ نَعَامٍ

 

وَأُبْقِيهِ حَيًّا

 

يُرَى فِي الصَّبَاحِ

 

كَأَنْ حَمَّمَتْهُ مَلَائِكَةٌ فِي مَزَازِيكِهَا

 

عَمَلٌ رَائِعٌ لَمْ يَرُقْ لِلْخُرَافَةِ

 

خَافَتْ عَلَى سُمْعَةِ الْلَيْلِ

 

مِنْ رَهَفِي وَسُلَافَةِ عَاطِفَتِي

 

طَرَدَتْنِي مِنَ الْحَقْلِ صَارِخَةً:

 

أَنْتَ أَخْيَبُ أًسْطُورَةٍ شُفْتُهَا فِي حَيَاتِي.

 

وَأَصْبَحْتُ يَا صَاحِبي سُوسَةً!

 

كُنْتُ أَعْمَلُ ضَابِطَ مَتْلَفَةٍ 

 

بِقِطَاعِ مُكَافَحَةِ الشَّجَرَاتِ

 

وَذَاتَ مَسَا تَتَقَصَّعُ فِيهِ الرُّطُوبَةُ

 

مَاشِيَةً فِي الدِّيَارِ

 

سَحْبْتُ جُنُودِيَ مِنْ سَاقِ جُمَّيْزَةٍ غَادَةٍ

 

وَدَخَلْتُ بِهِمْ عَرْشَ طَاغِيَةٍ

 

وَنَخَرْنَا بِكَامِلِ شَهْوَتِنَا

 

حَدَّ أَنْ فَضَحَتْنَا النُّشَارَةُ

 

وَهْيَ عَلَى شَكْلِ مِشْنَقَةٍ

 

بَصَقَ الْقَحْطُ فِيَّ

 

وَأَوْثَقَنِي تَحْتَ دَوَّاسَةٍ عِنْدَ بَابِ الْمَدِينَةِ

 

أَعْدَمَنِي بِحِذَاءِ الَّذِينَ اشْتَهَيْتُ تُرَابًا

 

يُطَرِّزُ آيَتَهُ بِخُطَاهمْ.

 

وَأَصْبَحْتُ دَوَّامَةً!

 

فَوَشَتْ مَوْجَةٌ بِي

 

رَأَتْنِي أُقَلِّصُ دَائِرَتِي

 

 لِزَوَارِقِ صَيْدٍ مُشَارِفَةٍ

 

وَأُسَرِّعُهَا تَحْتَ بَارِجَةٍ

 

أَتَذَكَّرُ بَكَّتَنِي الْبَحْرُ..

 

 قَالَ: أَهَنْتَ حِيَادِي

 

وَبَخَّرَنِي

 

عِبْرَةً لِلَّذِينَ يُوَارُونَ أَدْمِغَةً حُرَّةً

 

بَيْنَ فِزْيَائِهِمْ.

 

ثُمَّ صِرْتُ أَدِيمًا كَمَا أَنْتَ رَاءٍ

 

فَعَيَّنَنِي الطِّينُ فَوْرًا

 

عَلَى مَتْنِ رِحْلَتِهِ الْبَشَرِيَّةِ

 

عَامِلَ بَوْصَلَةٍ فِي النَّهَارِ

 

وَعَمَّالَ عَاطِفَةٍ فِي الْلَيَالِي

 

رَأَيْتُكَ إِبَّانَ عَسْعَسَتِي 

 

جَاثِيًا فِي الْعَرَاءِ وَتَشْهَقُ فِي الدَّمِ

 

ذَاتُكَ مَبْطُوحَةٌ وَحَيَاتُكَ وَارِمَةٌ

 

وَعَمُودُ خَيَالِكَ مَخْلُوعَةٌ كُلُّ فِقْرَاتِهِ

 

لَسْتَ فِي حَاجَةٍ لِلْكَلَامِ

 

لِعِلْمِكَ مِنْ قَبْلُ بَاغَتَنِي الْوَحْشُ

 

كَسَّرَ فَوْقِي نَبَابِيتَهُ الْخَيْزَرَانَ

 

وَأَعْرِفُ مَا فِيك.

صلاح جميل

الكاتب

صلاح جميل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق