اليازغي: "حصيلة 2024" تؤكد سيطرة كرة القدم وتراجع الألعاب الفردية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

قال منصف اليازغي، الباحث المتخصص في السياسة الرياضية، إننا أصبحنا نعيش كروية المشهد الرياضي، فكرة القدم فقط هي التي تبرز في الساحة على مستوى الأندية والمنتخبات.

وتحدث اليازغي، في حوار مع “هسبورت”، عن العديد من المواضيع التي تخص الرياضة الوطنية والمكتسبات التي جناها المغرب سنة 2024.

نص الحوار:

ما هي المكتسبات التي حققتها المملكة رياضيا سنة 2024؟

ربما سنة 2024 تختلط فيها التعليقات والأحكام، لأننا عشناها بشكل متباين، فخروجنا من كأس إفريقيا بالكوت ديفوار فاجأ الجميع، بمن فيهم المتتبعون خارج المملكة، إذ لم نستغل الطفرة التي حققناها في مونديال 2022.

قد يرتبط الأمر باختيارت أو غرور أو اضطراب، لكن ما عوض ذلك شيئا ما هو الإبهار الذي حققه المنتخب الأولمبي في الأولمبياد الباريسي عندما أنهى المنافسة ثالثا، وكان قريبا من بلوغ النهائي.

الإشكال هو أن باقي الرياضات لا تعرف تألقا، وبالتالي أصبحنا نعيش “كروية المشهد الرياضي”، فكرة القدم فقط هي التي تبرز في الساحة على مستوى الأندية والمنتخبات، بما أنه حتى المنتخبات الأخرى، سواء الفئات السنية أو في باقي الأنواع، مثل الكرة النسوية أو كرة القدم الشاطئية، أو كرة القدم داخل القاعة، كلها تتألق بدون استثناء في حدود إمكانياتها وتطورها، في حين أن باقي الرياضات تعيش على إيقاع الكسل التام. وهذا ربما يضعنا أمام حقيقة واحدة، وهي أنه مازال الطريق أمام المغرب طويلا ليقول إنه دولة رياضية، أو نحن أمة رياضية كما يقال في وسائل الإعلام، دون دراية بحجم هذه الكلمة.

يصعب أن تقول أمة رياضية بعدد ممارسين لا يتعدى 400 ألف ممارس مرخص له داخل 58 جامعة في بلد ساكنته بلغت 36 مليونا. إذا كنا نقول عن هذا البلد بالأرقام إنه بلد رياضي أو أمة رياضية فماذا سنقول عن ألمانيا التي يفوق عدد ممارسي كرة القدم فيها لوحدها 7 ملايين، أو فرنسا التي يتعدى عدد المرخصين فيها في جميع الجامعات 16 مليونا.

هل الإخفاق الأولمبي متعلق بفشل السياسة الرياضية؟

حاليا أنا أقولها وأكررها في مختلف تدخلاتي؛ لدينا سياسة كروية إلى غاية الآن، وليست لدينا سياسة رياضية بالمعنى العلمي للأمر، أي سياسة رياضية حكومية موجهة لجميع الرياضات، سواء نخبوية أو قاعدية. لدينا سياسة كروية على مستوى جامعة كرة القدم، بالنظر إلى الانطلاقة التي حققتها في الـ15 سنة الأخيرة منذ علي الفاسي الفهري، قبل أن يحضر فوزي لقجع ليمر إلى السرعة القصوى، ما جعلنا أمام جامعة تشتغل ولديها إمكانيات وتصور ونتائج، ولديها أيضا طموحات وأصبحت رهاناتها أكبر من أن تكون هناك مباريات لكرة القدم، بل هناك رهانات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهذا الأمر عشناه في السنوات الأخيرة على الخصوص.

الإشكال أنه عندما نقارن ما تحقق في السنوات الماضية، خصوصا في الـ24 سنة منذ أولمبياد سيدني إلى غاية الآن، نجد أن حصيلة الألعاب الفردية في تراجع كبير، في مختلف الرياضات، بل أكثر من ذلك أنه حتى عدد الذين يصلون إلى السباقات النهائية في ألعاب القوى بالألعاب الأولمبية يتراجع بشكل كبير، وأحيانا لا نصل في بعض الرياضات حتى إلى نصف النهائي، بل أكثر من ذلك أن بعض الرياضات لا نحقق فيها التأهل نهائيا إلى الأولمبياد.

هناك تراجع خطير، ينضاف إليه ما يتعلق بالملاكمة والرياضات الأخرى، كالتيكواندو؛ ما يلزم الوزارة وأيضا الجمعيات التي هي مكون أساسي في الجامعات بإحداث تغيير؛ فرئيس يستمر أكثر من 20 سنة ولم يحقق أي شيء يجب أن يطاله التغيير.

والإشكال أنه يتم ربط استمرار الرئيس بمادة داخل قانون التربية الوطنية تسمح بتجاوزه ولايتين إذا كان ممثلا للمغرب في إحدى الاتحادات الدولية، أو أن يكون ذلك من مصلحة النشاط الرياضي، وهذا تم تأويله بشكل خاطئ جدا والتعسف في تطبيقه. والأكيد أن بعض الجامعات كما هو حال جامعة الملاكمة وألعاب القوى على الخصوص أضرت بهذا المبدأ وجعلتنا أمام واقع غريب جدا.

برأيك هل بقاء فوزي لقجع في منصبه أفضل من ترؤس “الكاف” مستقبلا؟

ترؤس فوزي لقجع “الكاف” أمر يحتاج إلى التروي، فلكي تترأس “الكاف” يجب أن تنسحب من جميع المهام التي لديك، سواء كرئيس للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أو عضو حكومي أو أي التزامات أخرى، أي أن تكون متفرغا تماما، كما هو الأمر لموتسيبي أو من سبقه في هذا المنصب. إذن هذا الأمر غير ملائم بالنسبة لفوزي لقجع، بالنظر إلى التزاماته الكبرى، خصوصا أنه رئيس اللجنة المنظمة لكأس العالم 2030، وبالتالي موقعه داخل “الكاف” وداخل “الفيفا” هو الأفضل على اعتباره أنه يخدم بلده بشكل أكبر ويقدم الإضافة اللازمة؛ أما بالنسبة لرئاسة “الكاف” فستضطره للجولان في مختلف البلدان الإفريقية، والحضور في بعض الملتقيات، في حين أن هناك التزامات هنا في المغرب أفضل وأقوى.

هل ساهمت الهيكلة الرياضية الجيدة في تألق بركان هذا الموسم؟

أعتقد أن نهضة بركان ظل في السنوات الأخيرة يعطينا الدرس تلو الآخر، ويؤكد أنه في منحى تصاعدي في ترتيب بيته الداخلي على مستوى الممارسة، سواء داخل أكاديميته أو على مستوى فريقه الأول الذي نجح في تثبيت نفسه كرقم صعب في المعادلة الإفريقية والوطنية، بدليل الفوز بلقبين إفريقيين، وأيضا السوبر الإفريقي وكأس العرش.

الفريق هيكل نفسه بشكل كبير، والبعض يتساءل من أين يأتي بهذه الأموال، وأعتقد أن السؤال الجدي هو كيف نجح في تدبير أموره، لأن المال لم يكن يوما وسيلة للنجاح، فهناك فرق كبرى لديها أموال هنا بالمغرب ولم تنجح في تدبير أمورها؛ والأكيد أن ما تعيشه فرق الدار البيضاء حاليا من أزمات يؤكد ذلك. إذن المال ليس كل شيء، فهناك الإدارة والتدبير والحكامة الجيدة، وهي التي تخلق التميز والتفرد.

هل الشركة الرياضية هي الحل للخروج من الأزمات؟

في اعتقادي الأمر يتعلق بعملية انتقالية نعيشها حاليا، ولم نمر إلى مفهوم الشركة الرياضية وفق المادة 15 من قانون التربية البدنية بالشكل اللازم. كانت هناك ممارسة كروية تعيش على إيقاع الاستهتار، فيما لو كانت لدينا شركة لكان التدبير أفضل. والوصول إلى مفهوم الشركة قد يتطلب 5 سنوات أخرى.

برأيك ماذا ينقص المغرب قبل المونديال؟

في اعتقادي ما ينقص المغرب للاشتغال عليه قبل حلول المونديال هو أمر لم يتم التطرق إليه، لأن كل ما يتعلق ببناء الملاعب والمطارات والقناطر والمستشفيات وكل ما يتطلبه دفتر تحملات “الفيفا” سينجح المغرب في إنجازه وتثبيته وإنزاله، وستكون تنمية شاملة إن شاء الله، (ما ينقص المغرب) هو أن نبني البشر ونتجاوز بعض السلوكات التي تضر بالبلاد، مثل ظاهرة الشغب.
تعليق على جوائز “الكاف” التي احتضنتها مراكش.

كباقي المتتبعين، سواء هنا في المغرب أو خارجه، الكل كان يرى أن أشرف حكيمي هو الأنسب للفوز بالكرة الذهبية، لتتويج مساره وأدائه الرائع. صحيح أن هناك اعتبارات أخرى تنبني على أداء اللاعب مع المنتخب خلال هذه السنة، والألعاب الأولمبية أيضا التي ربما لا تلقى نتائجها حظوة كبيرة عند المتتبعين أو عند “الفيفا”، وأيضا غياب ألقاب على مستوى باريس سان جيرمان؛ لكن كنا نرى أن أداءه العالي باعتباره من أفضل الأظهرة في العالم قد يكون شفيعا له ليفوز بالكرة الذهبية، لتكون هي خامس كرة ذهبية يفوز بها المغرب. هناك اعتبارات أخرى تداخلت لتمنح اللقب لشخص آخر.

في اعتقادي المغرب جنى صورة تنظيمية رائعة جدا من هذا الحفل، والنقطة الثانية هي أنه ضدا على كل الادعاءات التي قدمها البعض، سواء في الجزائر أو مصر أو تونس، بأن لقجع يتحكم في “الكاف” وسيسهم في إفراز نتائج لصالح المغرب، فقد تم التعامل مع “الكاف” كمؤسسة تحترم كل قراراتها. فالمغرب حتى وهو ينظم لم يضغط في اتجاه أن يفوز أشرف حكيمي، وخضع لاختيارات المكلفين، سواء المدربين أو عمداء المنتخبات وغيرهم. والنقطة الثالثة أن المغرب ثبت نفسه كرائد لكرة القدم النسوية وهو يفوز بأربع جوائز، وهذا يحسب للجامعة التي اشتغلت في السنوات الأخيرة ومنحت أفقا كبيرا لتطور الكرة النسوية، إلى درجة أنه باتت لدينا مدربة تشتغل في الكونغو وفازت بالكأس الإفريقية للأندية البطلة، كما صرنا نتوفر على حكمة ولاعبات واعدات يحترفن في الخارج.

صلاح جميل

الكاتب

صلاح جميل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق