هل يعيد ترتيب البيت الداخلي حزبَ الاستقلال إلى واجهة المشهد السياسي؟

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

أمضى حزب الاستقلال غالبية سنة 2024 المشرفة على الانتهاء في إعادة ترتيب بيته الداخلي، إذ مر بمرحلة المؤتمر الوطني الثامن عشر، مرورًا بتشكيل اللجنة التنفيذية، وانتهاء بانتخاب رئيس المجلس الوطني للحزب، ما جعل هذه السنة بالكامل بالنسبة له مجرد “سنة تنظيمية”.

وفي وقت كان “الاستقلال” منشغلاً بترتيب بيته الداخلي كانت إشارات المهتمين بالشأن السياسي تشير إلى أن “هذه الأمور الداخلية أثرت سلبًا على حيوية الحزب على المستوى الخارجي، إذ ظهر كما لو أن حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة هما الوحيدان اللذان كانا يُسيّران الحكومة بدون حليف ثالث”.

وبعدما انتهى من هذه الإجراءات، التي استغرقت ما يقرب من سنة كاملة، من خلال انتخاب عبد الجبار الراشيدي رئيسًا للمجلس الوطني، يبدو أن الحزب الثالث ضمن الأغلبية الحكومية سيراهن على إعادة التموقع سياسيًا وفرض نفسه على مستوى المشهد السياسي خلال ما تبقى من الولاية الحكومية، وهو ما يشير إليه محللون سياسيون بالتحديد ممن اعتبروا أن “حزب الميزان من المنتظر أن يسعى إلى تعزيز تموقعه داخل المشهد السياسي، كحزب استطاع الحلول في مراتب متقدمة خلال انتخابات 2021، إذ من المرتقب أن تكون لترتيب البيت الداخلي نتائج إيجابية في صالحه”.

في تعليقه على الموضوع أكد محمد الغالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن “الأمور الداخلية المرتبطة بالشأن التنظيمي للحزب كان لها تأثير على أدائه على مستوى المؤسسات، بما فيها الحكومة والبرلمان؛ فالنقاش الداخلي للمؤسسة الحزبية وعدم وجود توافق على مجموعة من النقاط وحتى القرارات جعل التكلفة العامة بالنسبة لها باهظة”.

وأضاف الغالي، في تصريح لهسبريس، أن “الوضع الداخلي دائمًا ما يكون له دور أساسي في الصورة التي يمكن للحزب تقديمها على المستوى الخارجي، انطلاقًا من أدائه وحضوره في المشهد السياسي العام؛ فعدمُ التوافق خلال الفترة الماضية بخصوص بعض المسائل الداخلية أضعف موقف التنظيم وقدرته على التفاوض على مصالحه السياسية”، مشيرًا إلى أن “الحزب لم يستفد كثيرًا من مجموعة من الانعطافات والمحطات بالنظر إلى النقاش السياسي الداخلي الذي كان يعرفه وقتها، بينما اليوم يمكن الحديث عن وجود الحد الأدنى من التوافق”.

ولم ينفِ المتحدث ذاته أن “هذا المجهود المبذول خلال الأشهر الماضية، الذي خُصص لهيكلة البيت الداخلي، قد يساعد الحزب على تحقيق تموقع بالنظر إلى دوره وقيمته التاريخية والحزبية، إذ يمكن أن يساهم الأمر في تجاوز مختلف نقاط الضعف من أجل تحقيق التموقع بشكل جيد أو حتى أفضل مما سبق، خصوصًا إذا استحضرنا أن الانتخابات التشريعية المقبلة تفصلنا عنها أقل من سنتين”.

أما حفيظ الزهري، باحث في الدراسات السياسية والدولية، فاعتبر أن “المناسبات الأخيرة لإعادة ترتيب البيت الداخلي الاستقلالي تمت موازاة مع وجود صراع داخل الحزب بين تيار ولد الرشيد وتيار نزار بركة؛ أما اليوم فتظهر بشكل جلي قوة تيار بركة داخل التنظيم وفروعه الإقليمية ومنظماته الموازية”.

وأوضح الزهري أن “الواضح أساسًا هو أن الحزب بدأ يسترجع قوته على المستوى الداخلي، خاصة على مستوى اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني، وذلك بعدما كانت قياته متحكمة في مختلف المراحل التنظيمية الداخلية الأخيرة، بما فيها مرحلة المؤتمر وما بعدها”، مشيرًا إلى أن “هذه المعطيات تبرز أن التنظيم السياسي صار يسترجع قوته الداخلية التي ركز عليها طوال مدة مرحلة ما بعد حميد شباط”.

وأضاف الباحث ذاته في تصريحه لهسبريس: “الحزب يسعى اليوم إلى إثبات ذاته على مستوى المشهد السياسي والحزبي، كما سيسعى إلى مجاراة كل التطورات التي عرفها المشهد خلال الآونة الأخيرة، وربما سيجعل نصب عينيه التموقع جيدًا خلال المناسبة الانتخابية التي تحل بعد أقل من سنتين، رغم أن ذلك لن يكون هينًا”.

كما ذكر المتحدث أن “ما يجب التأكيد عليه هو أن الواضح هو انصهار التيارات الداخلية للحزب، بما يمكن أن يعطيه قوة على المستوى الميداني، وذلك بعدما كان منهمكًا خلال السنة الأخيرة في ترتيب بيته الداخلي”، مؤكدًا أن “ذلك يمكن أن يساعد حزب الميزان على الظهور بشكل جيد”.

أحمد مسعود
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق