"العصبة" تقيم حقوق الإنسان بالمغرب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نبهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان في تشخيصها للوضع الحقوقي بالمغرب خلال السنة الجارية، إلى “اتجاهات غير مطمئنة” لوضعية الصحافة وحرية التعبير تعاكس المبادرة الرائدة للملك المتمثلة في عفوه عن صحافيين ونشطاء، واستمرار إصدار “أحكام بالإعدام”، ومؤشرات أخرى “لا تساير التطلعات” عن تمتع الأطفال وذوي الإعاقة والنساء بحقوقهم، مع تأكيدها في المقابل على تاريخية قرار المغرب بالتصويت في الأمم المتحدة لصالح وقف تنفيذ الإعدام.

وفي تقرير أصدرته المنظمة الحقوقية بمناسبة الذكرى السادسة والسبعين لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، المخلد يوم 10 دجنبر من كل سنة، لفتت إلى “استمرار” المحاكم المغربية في “إصدار أحكام بالإعدام”؛ إذ “خلال هذه السنة، أصدرت المحاكم المغربية 12 حكما جديدا، مع إبقاء حوالي 70 سجينا في طابور الإعدام”.

في المقابل، ثمنت العصبة عزم المغرب التصويت بالموافقة على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، عادة إياه “قرارا تاريخيا” يعكس انسجام الدولة مع التزاماتها الوطنية المتجلية في الدستور من خلال الفصل 20 وتوصيات الإنصاف والمصالحة، وكذا التزاماتها الدولية المرتبطة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة.

بخصوص وضعية حرية الصحافة وحرية التعبير بالمغرب، ذكر التقرير أن البلد “شهد في 2024 محاكمة 25 ناشطا وصحافيا بسبب آرائهم، من بينهم حالات بارزة حوكم جلهم في ظروف جلبت انتقادات واحتجاجات بسبب انتفاء شروط المحاكمة العادلة”، معتبرا أن ما زاد من “الاستنكار” هو “محاكمة هؤلاء في حالة اعتقال اعتمادا على مضمون القانون الجنائي”.

وأوردت العصبة أن هذه الوضعية “تسير في اتجاهات غير مطمئنة”، مبرزة أن ذلك “يتم رغم المبادرة الرائدة لعاهل البلاد المتجلية في تفعيله لآلية العفو والإفراج عن عدد من الصحافيين والنشطاء”، و”رغم محاولات المسؤولين التأكيد على استقرار الأوضاع أو تحسنها اعتمادا على مؤشرات دولية”.

وأوصى التقرير الحكومة والجهات القضائية المختصة بالتفاعل “بشكل فوري وآني مع مطالب الحركة الحقوقية، وإيقاف مسلسل المتابعات في حق الصحافيين والمعبرات والمعبرين عن الرأي، وصد مد التشهير، وإصلاح شامل لقانون الصحافة والنشر ليتماشى مع المعايير الدولية”.

وأشار التقرير إلى أن “عمليات قمع الاحتجاجات قد انخفضت بشكل طفيف”، مستدركا بأن “قوتها وجسامتها مازالت في تصاعد”، موصيا بـ”مراجعة قانون التجمعات العامة لضمان احترام الحق في الاحتجاج السلمي”.

التشغيل والصحة والتعليم

على صعيد آخر انتقد التقرير وصول “البطالة إلى 13.5% سنة 2024، مع ارتفاعها إلى 30% بين الشباب دون سن 25 عاما”، مبرزا “تعثر برنامج أوراش 2 وبرامج أخرى وإخفاق السياسات الحكومية المتعاقبة وغياب مشاريع تنموية في المناطق المهمشة”، ما يستعجل “تطوير استراتيجيات تشغيل شاملة تركز على الصناعات الخضراء والابتكار التكنولوجي”.

علاقة بالصحة العامة، سجل المصدر ذاته “معاناة القطاع الصحي من نقص الموارد؛ حيث تخصص الدولة 6.2% فقط من ميزانيتها للصحة، كما يعاني المغرب من عجز يقدر بـ 12000 طبيب و20000 ممرض”، مردفا بأن هذا “ما أدى بشكل مخجل إلى وفاة مرضى في المناطق النائية بسبب غياب التجهيزات الطبية”.

وأوضح أن مشكل “تردي” الخدمات الصحية راجع، بالإضافة إلى هذا “النقص”، إلى “تفشي الفساد في كل مجالات هذا القطاع، وعلى رأسها مجال الأدوية التي فتحت فيها النيابة العامة تحقيقات مازلنا لحد الآن لن نتعرف على نتائجها”.

لذلك، أوصت المنظمة الحقوقية الحكومة بإيلاء “اهتمام لهذا القطاع وإصلاح منظومته والزيادة في ميزانيته إلى 10% وتحسين توزيع الموارد بين المناطق”، مطالبة “اجتثاث منابع الفساد التي صارت تزوده بما يساعد في تغلغلها عبر فيروسات خبيثة قد تؤدي إلى تقويض جهود ترسيخ منظومة الحماية الاجتماعية”.

ورغم أن منظومة التربية الوطنية شهدت مجموعة من الإصلاحات المعلنة كما أقرت العصبة، إلا أن “المغرب تراجع إلى المرتبة 136 عالميا في جودة التعليم، ووصلت نسبة الأمية بين البالغين إلى 26%، وتعاظمت نسب الهدر المدرسي، خاصة في العالم القروي”، مضيفة أن “سياسة التنكيل برجال التعليم أدت إلى فقدان المدرسة العمومية لقيمها، واستبيحت المناهج الدراسية ولم تعد تستجيب للتطورات العالمية”.

وشددت على أن الحكومة مطالبة بأن “تستوعب فكرة أن قطاع التعليم كما هو الحاضر هو بالأساس المستقبل الذي يتوجب علينا أن نستثمر في أجياله ونعدهم لمجابهة تحدياته، وذلك بالرفع من الميزانية المخصصة للتعليم وإطلاق برامج عاجلة لمحاربة الأمية”.

علاقة بالسكن، انتقدت العصبة “بطء كبيرا في تنفيذ برنامج مدن بدون صفيح، وبقاء آلاف الأسر بمدن مشردة بفعل هدم دورها دون تمتعيها بحق الاستفادة من البرنامج”، مردفة أن “عدة مدن شهدت انهيار 25 مبنى كان آيلا للسقوط خلال 2024″، مما يتيح “المجال للحديث عن جدوى البرامج الحكومية المخصصة للحد من هذه الكوارث”.

وأشارت إلى “عدد لا يحصى من ضحايا الكوارث الطبيعية التي عرفتها بلادنا خلال هذه السنة والسنة الماضية لم توف الحكومة بوعودها لهم، وظل بعضهم بغير سكن لائق أو تعويض يجبر الضرر الذي تعرضوا له”.

“فئات تنشد الحقوق”

العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان لفتت الانتباه إلى ما “تعانيه المرأة المغربية من فجوة أجور تبلغ 17% وارتفاع معدلات العنف الأسري بنسبة 10%”، مع “تسجيل حوالي 25000 حالة عنف ضد النساء خلال سنة 2024″، معتبرة أن هذا الوضع يؤشر على “ضرورة التطبيق الصارم لقانون محاربة العنف ضد النساء وزيادة التوعية المجتمعية”.

وتحدثت عن 100 ألف طفل متسربين من التعليم، “مع ارتفاع في حالات عمالة الأطفال، وانتهاكات متكررة تتخذ لها أشكالا متعددة، من أبرزها ظاهرة اغتصاب الأطفال التي ارتفعت بشكل مهول خلال هذه السنة”، موصية بـ”فرض رقابة مشددة على تشغيل الأطفال، واعتماد برامج إعادة الإدماج الدراسي”، و”سن قانون حقوق الطفل، يتضمن كل الحقوق المتعارف عليها دوليا التي صادق عليها المغرب، مع مراعاة الخصوصية المغربية في هذا الإطار”.

أما فئة ذوي الإعاقة، فإنها تعيش، وفق التقرير، “وضعية لا تتماهى مع طموحات الشعب المغربي عامة، والمواطنات والمواطنين من هذه الفئة خاصة”، مذكرة بعدة مؤشرات حول ما آلت إليه أحوال ذوي الإعاقة، على رأسها “أقل من 5% من الأماكن العامة مهيأة لاستقبالهم”، بالإضافة إلى “ضعف وسائل الرعاية والمواكبة والمراقبة”، وقالت: “لذلك، فإن أقصر طريق للاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة هو تطوير تشريعات تعزز إدماجهم في التعليم وسوق العمل، معززة بآليات الرقابة ومحاسبة كل من سولت له نفسه التعامل معهم بمنطق الدونية”.

صلاح جميل

الكاتب

صلاح جميل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق