د. محمود السعيد يكتب:عزوف أوائل الخريجين عن التعيين كمعيدين: الأسباب والحلول

السبورة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

على الرغم من أن مهنة أستاذ الجامعة استمرت خلال القرن الماضي كإحدى أهم المهن في المجتمع المصري، إلا أن السنوات الأخيرة بدأت تشهد تنامي ظاهرة عزوف أوائل الخريجين عن التعيين كمعيدين في الجامعات. هذه الظاهرة تتطلب تحليلا لأسبابها وتداعياتها المحتملة على مستقبل التعليم العالي والبحث العلمي. ولا يختلف الكثيرون على أن أهم سبب لهذه الظاهرة هو ضعف الحوافز المالية المخصصة لأعضاء الهيئات المعاونة في الجامعات،والمرتبطة في الأصل بقانون تنظيم الجامعات الصادر عام 1972 والذي لم تعد الحوافز المادية المذكورة به متناسبة مع تكاليف المعيشة المرتفعة في عصرنا الحالي. هذا يجعل العديد من الخريجين، وخصوصا الأوائل منهم، يفضل الاتجاه إلى وظائف ذات دخل أعلى سواء في القطاع الخاص أو في خارج البلاد.

بالإضافة إلى ضعف الحوافز المادية فهناك عدة أسباب أخرى قد تكون من ضمن أسباب تنامي هذه الظاهرة ومنها أن الترقي الأكاديمي هو مسار طويلجدا وغير مضمون للوصول إلى وظائف أكاديمية أعلى مثل أستاذ مساعد أو أستاذ، وهو ما يجعلالبعض يفضل بدائل مهنية أسرع وأكثر استقرارًا. كما يتطلب العمل كمعيد استكمال الدراسة في الدراسات العليا ولفترات تصل إلى سنوات عديدة، وهو أمر لم يعد يستهوي الكثير من الخريجين الذين قد يفضلون العمل مباشرة بعد التخرج دون استكمال الدراسات العليا. أيضا هناك ميل لكثير من الشباب في الأجيال الحالية إلى الهجرة خارج البلاد للحصول على فرص تعليمية أو وظيفية أفضل، حيث الحوافز المادية المغرية. وأخيرا فأن التقدير المجتمعي لمهنة أستاذ الجامعة في عصرنا الحالي لم يعد كما كان عليه خلال القرن الماضي، مما يقلل من جاذبية الوظيفة مقارنة بمهن أخرى تُعد أكثر تقديرًا في عالم اليوم.

ولهذه الظاهرة بعض التداعيات السلبية من قبيل أنرفض أوائل الخريجين للتعيين قد يؤدي إلى نقصالكوادر المتميزة في الجامعات، مما يضطرها لسد الاحتياجات إلى تعيين خريجين أقل تميزًا، وهو ما قد يؤثر على مستوى التدريس والبحث العلمي.

وأحد أهم الحلول لمواجهة هذه الظاهرة هو العمل على تحسين الأوضاع المالية للكادر الأكاديمي من خلال رفع الرواتب والحوافز المقدمة للمعيدين لتتناسب مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية. كما يمكن الاستفادة من قانون 23 لسنة 2018 والخاص بحوافز العلوم والتكنولوجيا والابتكار في تحسين دخل أعضاء هيئات التدريس والهيئات المعاونة لهم. كما أنه من المهم العمل على إصدار قانون حديث لتنظيم الجامعات يشتمل على حوافز مادية تتناسب مع الزمن الحالي، ويتضمن قواعد واضحة للمعيدين تشمل مسارات تتيح لهم الترقي الأكاديمي بشكل أسرع وأكثر استقرارًا.

وختاما نؤكد أن إن ظاهرة عزوف أوائل الخريجين عن التعيين كمعيدين تتطلب معالجة شاملة تشمل الأبعاد المالية، الاجتماعية، والأكاديمية، فالاستثمار في الكفاءات الشابة هو أفضل استثمار لمستقبل التعليم العالي والبحث العلمي، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة

كاتب المقال1

 ا.د محمود السعيد

ناب رئيس جامعة القاهرة

أحمد مسعود

أخبار ذات صلة

0 تعليق