نددّت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بما أسمته “وضعاً مُقلقا” في ما يتصل بالتزام المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالمغرب بإشعار الحائز الثالث عند عملية الحجز، محذرة من أن “تنامي غياب هذا الإبلاغ قبل تطبيق إجراءات هذه العملية يهدد مئات الآلاف من الشركات الصغيرة والمتوسطة وموظفيها”، وداعيةً هاتين المؤسستين إلى “الحرص على منح الفرصة للمعنيين لإثبات سلامة وضعيتهم”.
واستحضرت الكونفدرالية، في بلاغ توصلت به هسبريس، أن “التشريعات السارية تتضمن أحكاما واضحة لحماية أصحاب المقاولات، من خلال إبلاغهم قبل تطبيق إجراءات الحجز”، مُستدركةَ بأنها لاحظت “مؤخرا أن المديرية العامة للضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يلتزمان بهذه التدابير الوقائية”.
وأوضح المصدر ذاته أن ذلك “يُعرض المقاولات الصغيرة والصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة بالخصوص لإجراءات مالية متسرعة وغالبًا ما تكون غير مبررة”، مبرزا أنه “في دول أخرى القاضي هو من يأمر بتطبيق الإجراءات التحفظية”.
وحذّرت الكونفدرالية من أن “استنفاد” الموارد المالية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، “عبر تدابير قسرية مفاجئة، ودون إشعار مسبق، لا يزيد إلا من تفاقم وضعها، ما يؤدي إلى إفلاسها وفقدان الوظائف”، مشددة على أن “الاستمرار في هذه الممارسات يقود نحو فوضى اقتصادية، ما يهدد السلم الاجتماعي ومئات الآلاف من هذه المقاولات التي تعاني بالفعل من أجل البقاء”.
ودعا البلاغ إلى “إصلاح عاجل لتطبيق الإجراءات التحفظية أو الحجز”، على أن “يتضمن إلزامية الإشعار المسبق لأصحاب المقاولات قبل التطبيق”، و”تدابير دعم للمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة التي تواجه صعوبات، لتمكينها من تسوية وضعها دون الخوف من إجراءات فورية ومفاجئة”.
كما طالبت الكونفدرالية إدارة الضرائب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بـ”تغيير مفهومها تجاه (هذا الصنف من المقاولات)، وألا يعتبرا الجميع متهربين من أداء واجباتهم”، مُنادية بـ”منح الفرصة لأولئك الذين هم في وضعية سليمة لتقديم معطياتهم وأدلتهم لتجنب الأسوأ”، بحسب البلاغ.
تطبيق القانون
عبد الله لفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، أوضح أن “الكونفدرالية لا تعارض تطبيق الإجراءات التحفظية والحجز على الذين هم في وضعية غير سليمة، لكنها تُشدد على ضرورة إعلام المقاولات المنتمية إلى هذه الفئة، قبل إنزال هذه الإجراءات بها، نظرا لأنه تبيّن أن عددا من هذه المقاولات يتمّ الحجز على أموالها وممتلكاتها دون إشعارها مسبقا، أو منحها الفرصة لإثبات سلامة وضعيتها”.
وأبرز الفركي أنه “في وقت يُلزم القانون المديرية بإنذار المقاول المعني، قبل الشروع في الحجز على أمواله وممتلكاته، فإن هذا المقتضى لا يتم تطبيقه في حقّ مئات من المقاولين الصغار”، مردفا بأن “أحد هؤلاء باع محله منذ سنة 2011، بعد شرائه بأموال حصلت الضرائب عنها، وإصلاحه كذلك بمواد بناء مطبقة عليها ضريبة القيمة المضافة، وقد تمّ الحجز أخيرا على أموال له تفوق قيمتها الأموال التي تحصّل عليها من بيع المحل”.
وشددّ المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، على أنه “في بعض الأحيان يكون المقاول الصغير أو المتوسط المتضرر من الحجز دون إشعار انتقل إلى مدينة أخرى، ما يفرض عليه عند الحجز على حسابه البنكي، جراء اتهامه بعدم التصريح ببيع ممتلك له بمدينته الأصلية، إلى تكبد عناء التنقل لهذه الأخيرة من أجل إثبات أنه في وضعية سليمة”.
ونبّه رئيس الكونفدرالية إلى أن “خُطورة الحجز دون إشعار تتمثل كذلك في أنها قد تؤدي ببعض المقاولين الصغار الذين يضطرون لتقديم شيكات شخصية للموردين، بسبب صعوبة ولوجهم للتمويلات والقروض، إلى السجن؛ لأنهم يصبحون حينئذ غير قادرين على أداء ما بذمتهم من مستحقات مالية للآخرين”، لافتا إلى أنه “حتى ولو تمّ إصلاح الوضع، وتقدّمت عائلة المعني بالوثائق المفيدة بأنه في وضعية سليمة، فإن سمعته التي تضررت لدى الموردين تصعب إعادة بنائها”.
عرضة للبطلان
أكد جواد لعسري، أستاذ المالية العمومية والتشريع الضريبي، أن “مديرية الضرائب ملزمة خلال تطبيقها مسطرة التحصيل الجبري للدين الضريبي بالاحتكام إلى المادتين 36 و39 من القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، إذ يمُكن للقضاء الإداري إبطال قرارتها في هذا الصدد إذا لم تحترم هذه المسطرة”.
وأوضح لعسري، في تصريح لهسبريس، أن “النظام الضريبي المغربي مبني في الأصل على التصريح التلقائي والأداء التلقائي، ولذلك فإن الأشخاص الذاتيين والمعنويين ملزمون بهذين الأمرين قبل تدخل الدولة لإنذارهم”.
وأورد المتحدث ذاته شارحا المسطرة المذكورة أنه “عند امتناع الشخص الذاتي أو المقاولة عن التصريح بالواقعة المنشئة (ذات الآثار الجبائية) يتعيّن على المديرية أن تُشعر المعني(ة) بإيداع التصريح، ثمّ في حال أحجم عن ذلك تُذكره برسالة ثانية مع إمهاله 30 يوما”، مُبرزا أنه “بعد ذلك إذ لم يحدث التصريح تلجأ المديرية إلى الإيعاز للمحاسب العمومي ببدء إجراءات التحصيل الجبري”.
وفصّل الأستاذ ذاته بأنه “بعد القيام بالحجز، وفقا للمسطرة، تباشر عملية بيع الممتلكات المحجوزة، على أنه في حال لم تماثل قيمتها قيمة الدين الجبائي فإنه يمكن المرور إلى تطبيق الإكراه البدني بالنسبة للأشخاص الذاتيين”، مُؤكدا أن “هذا يأتي إعمالا للمبدأ القانوني التدرج في المتابعات”، ومبرزا أهمية “تطبيق هذه المسطرة بما أن المعنيين بتسوية وضعيتهم، سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو مقاولات، قد تكون لهم التزامات بنكية”.
كما أكدّ لعسري أن “عدة اجتهادات لقضاء الغرفة الإدارية ذهبت إلى إبطال إجراءات التحصيل الجبري التي لم يتم فيها احترام هذه المسطرة”، موضحا أنه “بمقتضى المادة 120 من مدونة تحصيل الديون العمومية يحق للمقاولات أن ترفع تظلما وتطعن أمام المحكمة الإدارية في الإجراءات المخالفة لهذه المسطرة”.
0 تعليق