بقلم محمد أمين :التكنولوجيا التحويلية في عام 2025: هل بدأت مرحلة الاختبار والتعلم تؤتي ثمارها؟

بوابة الكلمة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد مصطلح شائع، بل أصبح أساسيًا في رحلة التحول الرقمي في المنطقة. ففي عام 2024، شرعت الشركات في استكشاف أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي واختبارها، مما جعل الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية في تحسين العمليات التجارية. من المتوقع أن تشهد الأشهر الاثنا عشر القادمة عصرًا من التحول الرقمي المتسارع، مدعومًا بتقنيات متقدمة، بدءًا من الأجهزة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وصولًا إلى ابتكارات مراكز البيانات من الجيل التالي. في هذا السياق، يبرز السؤال: كيف يمكن لقادة الأعمال الحفاظ على موقعهم في صدارة هذه التحولات المستقبلية؟

الذكاء الاصطناعي لتقديم قيمة تجارية حقيقية

من المتوقع أن يشهد عام 2025 التحول من مرحلة الاستكشاف إلى التنفيذ الفعلي لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وفقًا لتقرير شركة McKinsey، تضاعف استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي خلال 10 أشهر فقط، حيث تواصل الشركات في مختلف القطاعات التعلم والتجربة، مما يساعدها في الحصول على رؤى عميقة حول الإمكانيات التي يمكن أن يحققها الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء وتحقيق نتائج ملموسة.

بالنسبة للعديد من الشركات، بدأت مرحلة الاختبار والتعلم في إظهار النتائج. ومع اقتراب العام المقبل، من المتوقع أن تواصل الشركات تحقيق عوائد ملموسة على استثماراتها من خلال توسيع نطاق تطبيقات الذكاء الاصطناعي. يقدر تقرير Strategy& أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يسهم بما يصل إلى 23.5 مليار دولار سنويًا في اقتصاد الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ومن المتوقع أن تقود صناعات الإعلام والترفيه هذا التأثير بمبلغ 8.5 مليار دولار، تليها الرعاية الصحية بمبلغ 3.8 مليار دولار، ثم الخدمات المصرفية والمالية بمبلغ 3.5 مليار دولار، وأخيرًا تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمبلغ 2.9 مليار دولار، تبرز الحاجة في الصناعات مثل الإعلام، والرعاية الصحية، والتمويل في المنطقة للتحول من المشاريع التجريبية إلى الحلول الموسعة. يجب أن يتحول التركيز نحو تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي المخصصة والقابلة للتوسع، التي لا تقتصر على معالجة التحديات الحالية فحسب، بل أيضًا تضع الشركات في موقع استراتيجي للاستفادة من الفرص المستقبلية.

ماذا يعني ذلك؟ إذا لم تكن قد حددت استراتيجية واضحة للذكاء الاصطناعي حتى الآن، فعليك أن تضع الموضوع في الاعتبار في عام 2025. فالأدوات التقنية تتطور بسرعة كبيرة، والشركات التي تفشل في التكيف مع هذه التحولات قد تجد نفسها متخلفة عن الركب وتضيع على نفسها الفرص المستقبلية.

تقديم أجهزة الكمبيوتر الذكية: مستقبل العمل بين يديك

تخيل أن تبدأ يومك مع جهاز كمبيوتر شخصي قادر على التعامل مع المهام الأساسية مثل كتابة المسودات، تتبع المهام، وتنظيم قائمة الأعمال، بل وحتى تلخيص رسائل البريد الإلكتروني أثناء تحضيرك للقهوة. مرحبًا بك في عام 2025، حيث توفر أجهزة الكمبيوتر الذكية هذا المستوى من الراحة في الحياة اليومية.

تمثل هذه الأجهزة الشخصية بداية لثورة في طريقة أداء الأعمال، فهي مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المدمجة التي تتيح لها معالجة البيانات محليًا، مما يعزز الأداء، ويحسن الأمان، ويزيد من كفاءة التكاليف.

تعتبر هذه الأجهزة مثالية بشكل خاص للشركات التي تدير فرقًا متعددة أو تعمل في بيئات عمل هجينة. ومع تزايد أهمية "السحابة الطرفية"، وهي النقطة التي تُنتج فيها البيانات وتُستهلك، تساهم أجهزة الكمبيوتر الذكية في تغيير مفهوم الإنتاجية عن طريق نقل العمل إلى موقع أقرب إلى مصدر البيانات. تتمتع هذه الأجهزة بقدرات عالية بفضل وحدات المعالجة المركزية (CPU)، ووحدات معالجة الرسومات (GPU)، ووحدات المعالجة العصبية (NPU)، بالإضافة إلى شرائح الكمبيوتر الشخصية المتطورة، مما يمنح المستخدمين إمكانيات ابتكار وكفاءة غير مسبوقة.

ماذا يعني ذلك؟ في الصناعات التي تتطور بسرعة، لم يعد استخدام الأجهزة الذكية خيارًا بل أصبح أمرًا أساسيًا. إذا كنت لا تزال تعتمد على الأجهزة القديمة، فقد حان الوقت للتحديث والانتقال إلى التكنولوجيا الحديثة لمواكبة التغيرات السريعة والاستفادة من الإمكانيات الجديدة.

إعادة التفكير في مراكز البيانات لعصر الذكاء الاصطناعي

يتطور الذكاء الاصطناعي بسرعة تفوق أي تقنية أخرى في العصر الحالي. وفقًا للمحللين، بحلول عام 2025، يُتوقع أن تتركز غالبية عمليات الذكاء الاصطناعي (من 70% إلى 90%) على الاستدلال، أي استخدام الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات في الوقت الفعلي. وهذا التحول يتطلب تحديثًا جذريًا للبنية التحتية للبيانات.

نتيجة لذلك، يتم استبدال مراكز البيانات التقليدية المعزولة بـ "الهندسة المعمارية القابلة للتوسيع"، التي تتيح لأنظمة الحوسبة والتخزين والشبكات التوسع بشكل مستقل عن بعضها البعض. هذا يتيح للشركات تحسين سرعة العمليات ومرونتها دون أن تكون مقيدة بحلول مقدمي الخدمة المحددين، مما يعزز الكفاءة والمرونة بشكل كبير.

علاوة على ذلك، يشكل ارتفاع تكلفة الطاقة وتأثير أحمال الذكاء الاصطناعي على مراكز البيانات تحديًا كبيرًا. للتغلب على هذا، يتعين على الشركات تبني تقنيات موفرة للطاقة واستخدام مصادر طاقة متجددة.

ماذا يعني ذلك؟ يجب على الشركات إعادة تقييم استراتيجيات مراكز البيانات الخاصة بها لضمان قدرتها على دعم التوسع والمرونة وكفاءة الطاقة اللازمة لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي.

التطور مع وكلاء الذكاء الاصطناعي

بحلول عام 2025، سيتطور دور وكلاء الذكاء الاصطناعي ليشمل مهامًا أكثر تعقيدًا من مجرد مساعدات افتراضية أو برامج للدردشة. سيصبح هؤلاء الوكلاء أنظمة ذكية قادرة على اتخاذ قرارات وتنفيذ مهام بشكل مستقل لتحقيق أهداف محددة مسبقًا. سيتواجد هؤلاء الوكلاء في العديد من المجالات مثل التعامل مع استفسارات العملاء المعقدة أو إنشاء حملات تسويقية بشكل مباشر وفي الوقت الفعلي.

ماذا يعني ذلك؟ بدلاً من أن يقوم المحترفون بإدارة الأشخاص فقط، سيصبحون مسؤولين عن إدارة وكلاء الذكاء الاصطناعي. وهذا سيؤدي إلى بيئات عمل أكثر تنوعًا، تفاعلية، وابتكارًا.

الذكاء الاصطناعي يصبح مهارة عالمية

تشير الدراسات إلى أن 72% من قادة تكنولوجيا المعلومات يرون أن مهارات الذكاء الاصطناعي تشكل فجوة كبيرة تتطلب اهتمامًا عاجلاً. مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، سيصبح جزءًا أساسيًا من العمليات التجارية، مما يعزز التعاون بين البشر والتكنولوجيا. ومن المتوقع أن تتقلص الوظائف الروتينية التي تركز على المهام التقليدية، بينما ستظهر فرص عمل جديدة مثل مؤلفي البرامج ومحرري محتوى الذكاء الاصطناعي، مما سيساهم في دفع الشركات نحو الابتكار والتفوق في مجالاتها.

ماذا يعني هذا؟ يجب على الشركات الاستثمار في تدريب موظفيها على مهارات الذكاء الاصطناعي، مما يساعد في بناء قدرات جديدة تُعيد تشكيل طرق العمل وتفتح أبوابًا جديدة للنمو والتطور.

قائمة مراجعة لقادة الأعمال في عام 2025:

الالتزام بالذكاء الاصطناعي: وضع استراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعي، مع تجربة التطبيقات الجديدة، والتعلم من التحديات المبكرة، وتوسيع نطاق الحلول التي أثبتت نجاحها.

ترقية البنية التكنولوجية: من أجهزة الكمبيوتر المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى مراكز البيانات المتطورة، تأكد من أن بنيتك التحتية تدعم طموحاتك المستقبلية وتواكب الابتكارات التقنية.

الريادة في الاستدامة: تبني تقنيات موفرة للطاقة وتطبيق الحلول البيئية المستدامة لتعزيز مكانتك كعلامة تجارية مسؤولة بيئيًا.

جهّز فرقك: من المهم تمكين الموظفين باستخدام أدوات مثل وكلاء الذكاء الاصطناعي التي تساهم في تحريرهم من المهام المتكررة وتفتح أمامهم المجال للتفكير الاستراتيجي والتركيز على الأهداف الأكثر أهمية.

ختاما، الشركات التي ستنجح في عام 2025 هي تلك التي تستجيب للتغييرات بمرونة ورؤية واضحة. مع التحولات الكبيرة المنتظرة في المنطقة، سيكون العام المقبل فرصة كبيرة للنمو والتحول. هل أنتم مستعدون للريادة في هذه التغييرات؟

نائب الرئيس الأول لمنطقة أوروبا الوسطى والشرقية، والشرق الأوسط وأفريقيا، بشركة دِل تكنولوجيز

عبد الله السعيد
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق