ليبيا: قانون «المصالحة» يُشعل «صراع الصلاحيات» بين البرلمان و«الرئاسي»

الشرق الأوسط 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

دخلت الخلافات بين مجلسي النواب و«الرئاسي» في ليبيا مرحلة جديدة من التأزّم أشعلت الصراع مجدداً على «الصلاحيات القانونية» بينهما، وذلك على خلفية مشروع قانون «المصالحة الوطنية»، الذي أقره البرلمان الأسبوع الماضي.

و«الصراع على الصلاحيات» يتكرر في ليبيا بين غالبية الأجسام السياسية المتناحرة، ولا سيما بين مجلسي النواب و«الرئاسي»، إذ إن كلاً منهما يتمسّك بأحقيته بها في ظل تصاعد الانقسام السياسي.

جلسة سابقة لمجلس النواب الليبي (المركز الإعلامي لصالح)

وفي أول تعليق لصالح، بشأن اعتراض «الرئاسي» على إقرار النواب لمشروع قانون «المصالحة الوطنية»، استبعد أحقية الأول في تقديم مشاريع قوانين، وأضاف في تصريح لمركزه الإعلامي: «هناك طريقتان لعرض القانون على البرلمان، وهما: مقترح يقدم من أعضائه، أو مشروع قانون يقدم من الحكومة، وخلاف ذلك فإن مجلس النواب غير ملزم بعرض أي قوانين من أي جهة كانت».

ولا يعترف البرلمان بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، ويعدّ غريمتها في شرق ليبيا بقيادة أسامة حمّاد «صاحبة الشرعية الوحيدة» في البلاد.

وبدأت الأزمة عندما تقدم «المجلس الرئاسي» في فبراير (شباط) 2024 بمشروع قانون «للمصالحة الوطنية» إلى مجلس النواب، وانتظر مناقشته والموافقة عليه، لكن الأخير كان يعمل على مشروع مماثل، أقره منتصف الأسبوع الماضي خلال انعقاده في مدينة بنغازي شرق ليبيا.

عقيلة صالح خلال إدارة جلسة سابقة لمجلس النواب (المركز الإعلامي لصالح)

وفي مواجهة غضبة «الرئاسي» على تحركات البرلمان منفرداً، وجّه صالح حديثه «للمعترضين على قانون المصالحة الوطنية»، وقال إن «الطريق في عرض القوانين على مجلس النواب يكون بمقترح مقدم من 10 نواب، أو مشروع قانون يعرض من الحكومة»، ورأى «أن هذا هو السبيل لعرض القانون ومناقشته وإصداره من مجلس النواب».

ويرى أكاديمي ليبي مختص في القانون، أنه وفقاً للتعديل الدستوري الحادي عشر، فإن مجلس النواب أدخل «الاتفاق السياسي» ضمن الإعلان الدستوري، وبالتالي «بات من حق المجلس الرئاسي تقديم مشاريع قوانين لمجلس النواب، والأخير يناقشها ويقرها أو يرفضها».

وقال الأكاديمي الليبي الذي يقطن في طرابلس لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس من حق رئيس مجلس النواب حرمان الرئاسي من التقدم بمشاريع قوانين»، لافتاً إلى أن حالة التوتر بين المجلسين «أصبحت شبه اعتيادية بين مختلف المؤسسات في ليبيا».

وعبّر الأكاديمي الليبي عن استغرابه من المراحل التي مر بها مشروع القانون، ووصفها بأنها «غير طبيعية»، مشيراً إلى أن البرلمان صوّت على مشروعه في جلسة سرية، في أجواء «لم تخل من الضبابية وعدم الوضوح».

وسبق وعلق «المجلس الرئاسي» على «تجاهل مشروعه للمصالحة»، وقال إنه «كان يأمل التعامل مع المشروع الذي تقدم به بروح المسؤولية الوطنية، بعيداً عن التسييس»، إلا أن جلسة البرلمان «خالفت هذه التطلعات، وزادت من تعقيد المسار».

ودعا «الرئاسي»، البرلمان إلى «تجنب القرارات الأحادية التي تقوض الشراكة الوطنية، وتؤثر سلباً على أمن واستقرار البلاد»، وتعهد بأنه «سيواصل حماية هذا المشروع الوطني، وضمان مساره الصحيح وفق صلاحياته».

وتقطّعت السبل بين الطرفين الداعيين للمصالحة، ودخلا مبكراً في مشاحنات على خلفيات تتعلق بالسلطة، والصراع على «الصلاحيات القانونية».

و«الاتفاق السياسي»، الذي يُعرف أيضاً باسم «اتفاق الصخيرات»، نسبة إلى مدينة الصخيرات في المغرب، وُقّع في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015 بعد مفاوضات طويلة برعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية، وتشكيل حكومة «وحدة وطنية».

وإلى جانب «الاتفاق السياسي»، تطرق الأكاديمي الليبي أيضاً، إلى «اتفاق جنيف»، وقال إنه «أشار بشكل صريح إلى أن المجلس الرئاسي يتولى ملف المصالحة، ويقدم مشاريع قوانين إلى مجلس النواب لاعتماده».

غير أن الأكاديمي الليبي يرى أن الوقت الذي تمر به ليبيا راهناً «غير ملائم لتفعيل المصالحة الوطنية في ظل الانقسام بين المؤسسات، وعدم وجود استقرار»، وعدّ غير ذلك «عبثاً».

حمّاد رئيس حكومة شرق ليبيا المكلفة من البرلمان خلال مساءلتها أمام البرلمان (مجلس النواب)

وكان مجلس النواب صوّت في أغسطس (آب) 2024 على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية في طرابلس، وهي حكومة الدبيبة، و«المجلس الرئاسي»، وعدّ الحكومة المكلفة منه برئاسة حمّاد، هي «الشرعية»، كما سحب صفة «القائد الأعلى للجيش» من «المجلس الرئاسي»، وأعطاها لرئيسه صالح، وفقاً للإعلان الدستوري.

وخلال العامين الماضيين، احتضنت مدن ليبية كثيرة اجتماعات اللجنة التحضيرية لـ«مؤتمر المصالحة»، التي رعاها «المجلس الرئاسي». وظلت المساعي تُبذل على أمل عقد «مؤتمر وطني جامع» بمدينة سرت في 28 أبريل (نيسان) الماضي، لكنها تعثرت بعد تفاقم الخلافات.

ومنذ رحيل نظام الرئيس معمر القذافي عام 2011، شهدت ليبيا اشتباكات وخلافات مناطقية، بعضها يرتبط بتصفية حسابات مع النظام السابق، والبعض الآخر كرّسه الانقسام السياسي، الذي عرفته البلاد منذ بداية 2014.

أحمد مسعود

أخبار ذات صلة

0 تعليق