الاثنين 13 يناير 2025 | 11:18 صباحاً
مخيم قوز الحاج، شمال الخرطوم
بدأت الحرب السودانية في أبريل 2023، ومع اقترابها من إتمام عامها الثاني، لا يزال من الصعب على السودانيين أنفسهم وحتى بعض المراقبين الخارجيين استيعاب حقيقة ما يجري.
ومنذ تمرد قوات الدعم السريع عن الجيش السوداني، التي كانت حليفًا سياسيًا سابقًا، تسارعت وتيرة الانهيار في البلاد بشكل مذهل، محدثة أزمات متداخلة يصعب فهم أبعادها بالكامل، وفقَا لتقرير الجارديان
أزمات متفاقمة وأوضاع إنسانية كارثية
تسببت الحرب في نزوح الملايين داخل البلاد وخارجها، فيما تهدد المجاعة مئات الآلاف. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى وقوع أعمال عنف جنسي على نطاق "مروع"، حيث دفعت الانتهاكات المبلغ عنها بعض الضحايا إلى الانتحار، فيما تعيش أخريات في خوف دائم. في ولاية الجزيرة، أفادت شابة بأن أسرتها النسائية اتفقت على الانتحار جماعيًا عند سماع اقتراب قوات الدعم السريع.
إعادة إنتاج جرائم الماضي
نشأت قوات الدعم السريع من بقايا ميليشيات عربية شاركت في قمع التمرد في غرب السودان خلال أوائل العقد الأول من القرن الحالي. واليوم، تعيد المجموعة ممارسة الإبادة العرقية التي وصفتها المحكمة الجنائية الدولية سابقًا بأنها إبادة جماعية، عبر استهداف مجموعات عرقية معينة، وارتكاب جرائم قتل جماعي، وتدمير البنى التحتية، ودفع الناجين للفرار إلى تشاد للاستيلاء على أراضيهم ومنع عودتهم.
المجتمع الدولي: استجابة متأخرة وضعيفة
رغم العقوبات الأمريكية المفروضة على قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وشركات مرتبطة به، فإن الاستجابة الدولية تظل رمزية ومحدودة التأثير. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، اكتفت بمعاقبة قائد قوات الدعم السريع دون توجيه أي ضغوط جادة على داعميه الخارجيين.
واقع قاتم ومستقبل أكثر قتامة
في ظل انقسام العاصمة الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتفكك السودان إلى مناطق نفوذ متناحرة، أصبح السودان دولة شبه منهارة. ومع غياب الحسم العسكري لدى أي من الطرفين، واستمرار دعم القوى الخارجية، يبدو أن الصراع سيستمر لسنوات قادمة، مما يعمق معاناة السودانيين ويزيد من التداعيات الإقليمية.
تجاهل السودان.. خيار مكلف
السودان، بموقعه الجغرافي الاستراتيجي وحجمه الكبير، يعد شريانًا حيويًا في القارة الإفريقية.
انهياره لن يكون شأنًا داخليًا فحسب، بل سيؤثر على دول الجوار مثل مصر وتشاد، مما يزيد من تدفق اللاجئين والأسلحة والمرتزقة، ويحول المنطقة إلى بؤرة اضطرابات دائمة.
العالم في مواجهة اختبار أخلاقي وسياسي
في ظل تعدد الأزمات العالمية، أصبحت مأساة السودان مجرد كارثة أخرى ضمن سلسلة الكوارث الإنسانية.
لكن تجاهل هذه الحرب لن يكون دون ثمن، إذ إن استمرارها سيعني تصعيدًا إضافيًا للعنف والفوضى في منطقة تعاني بالفعل من أزمات معقدة. لقد حان الوقت لتحرك دولي جاد يضع حدًا لهذه الكارثة قبل أن تتحول إلى مأساة لا يمكن احتواؤها.
0 تعليق