أثر الاقتصاد السلوكي على القطاع العقاري السعودي

مال 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الاقتصاد السلوكي هو مجال يتقاطع فيه الاقتصاد وعلم النفس، ويسعى إلى فهم كيفية اتخاذ الأفراد قراراتهم الاقتصادية بناءً على السلوك الانساني الفعلي بدلاً عن الافتراضات التقليدية للعقلانية الاقتصادية. هذا المجال له أهمية كبيرة في تفسير مجموعة واسعة من الظواهر الاقتصادية، بما في ذلك القرارات المتعلقة بالاستثمار والادخار والشراء. و في المملكة العربية السعودية، يشهد القطاع العقاري تحولاً كبيرًا في ظل رؤية السعودية 2030، مما يجعله موضوعًا جديرًا بالبحث والتحليل.

الاقتصاد السلوكي ينبع من الرغبة في تفسير لماذا وكيف يتخذ الأفراد قرارات قد تبدو غير عقلانية في بعض الأحيان. يهدف الاقتصاد السلوكي إلى تحقيق هدفين رئيسين هما:  تحسين اليات اتخاذ القرار للفرد من خلال فهم التحيزات والعوامل التي تؤثر عليه، وتصميم سياسات فاعلة تحفز السلوكيات الايجابية المرغوبة وتقلل من السلوكيات السلبية غير المرغوبة المرتبطة بالاقتصاد بشقيه، مما يؤدي بالمحصلة إلى زيادة الفعالية الاقتصادية بشكل عام.

يبنى الاقتصاد السلوكي على ثلاثة مفاهيم أساسية و هي:  “التحيز التأكيدي” الذي يشير إلى ميل الأفراد إلى تفضيل المعلومات التي تؤكد معتقداتهم السابقة، و”النفور من الخسارة” حيث يكون الأفراد أكثر تأثرًا بالخسائر المحتملة مقارنة بالمكاسب المتوقعة، و”التأطير” الذي يوضح كيف يمكن لطريقة عرض الخيارات أن تؤثر بشكل كبير على القرارات. هذه المفاهيم تلعب دورًا جوهريا في كيفية تطبيق الاستراتيجيات الاقتصادية في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك القطاع العقاري.

في المملكة العربية السعودية، يعتبر القطاع العقاري من أهم القطاعات الاقتصادية، وقد بدأت تأثيرات الاقتصاد السلوكي تظهر بوضوح عليه. حيث يستخدم بعض المطورين العقاريين بيانات ، هي بالفعل من الاقتصاد السلوكي،  لتحسين تجربة العملاء، كأسلوب تحليل البيانات لتحديد تفضيلات المشترين وأنماط سلوكهم، مما يساعد على تقديم عروض مخصصة تتناسب مع احتياجاتهم وتفضيلاتهم. بالإضافة إلى ذلك، يتم توظيف الاقتصاد السلوكي في تصميم حملات تسويقية فعالة، من خلال فهم كيف يمكن لتحيزات الأفراد أن تؤثر على قرارات الشراء. وكذلك استخدام تأثير التأطير لتقديم خيارات شراء العقارات بطريقة تجعلها تبدو أكثر جاذبية. وكذلك تصميم استراتيجيات تسعير تجعل العروض تبدو أكثر جاذبية، والتعويل على مفهوم الاقتصاد السلوكي ” النفور من الخسارة”  في تحقيق الأهداف المرجوة، الأمر الذي قد يحفز العملاء على اتخاذ قرار الشراء سريعا.

علاوة على ذلك، يمكن للشركات العقارية استخدام التحليل السلوكي لتحسين التفاعل مع العملاء عبر القنوات المختلفة، مستفدين من البيانات المتاحة ، والمجمعة سابقا، عن سلوك العملاء في توجيه الحملات التسويقية وتعزيز رضا العملاء. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد نتائج التحليل البياني على تحديد أفضل الأوقات والأساليب للتواصل مع العملاء، متجنبين التواصل الأعمى مع الشرائح المستهدفة في أوقات انشغالاتهم الوظيفية أو الاسرية، مما يعزز من فعالية الجهود التسويقية ويزيد من معدلات النجاح في إتمام الصفقات العقارية.

وعلى هذا النحو، تستطيع الجهات الحكومية المعنية بالقطاع العقاري، والمطورين العقاريين كذلك، استخدام الاقتصاد السلوكي لتحفيز الاستثمار في الصناعة العقارية. وذلك بتقديم حوافز استثمارية مرتبطة بأهداف محددة، الأمر الذي قد يدفع المستثمرين لاتخاذ قرارات استثمارية سريعة ومستدامة تتوافق مع خطط التنمية الوطنية. ومما لا شك فيه أن هذا النوع من التحفيز يسهم في تحقيق توازن أفضل بين العرض والطلب في السوق العقارية، مما يؤدي إلى استقرار الأسعار وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

 

 

إخترنا لك

0 تعليق