مصر.. دعم ثابت لفلسطين ومسؤولية سيادية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مصر.. دعم ثابت لفلسطين ومسؤولية سيادية, اليوم الأربعاء 11 يونيو 2025 10:14 مساءً

في لحظة إقليمية مشبعة بالغضب والألم، وتحت وطأة عدوان إسرائيلي مستمر على قطاع غزة خلّف كارثة إنسانية غير مسبوقة، تتكئ جمهورية مصر العربية على ثوابت راسخة في دعمها التاريخي والمبدئي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، دون مزايدة أو ضجيج إعلامي، بل من خلال تحركات دبلوماسية فاعلة، ومبادرات إنسانية ملموسة، ومواقف سيادية نابعة من إدراك عميق لطبيعة اللحظة وحدود المسؤولية.

 

وفي هذا السياق، تبرز من حين إلى آخر تحركات من بعض المجموعات الأجنبية – أفرادًا أو منظمات – تحاول الوصول إلى معبر رفح أو المناطق الحدودية تحت عناوين "التضامن" أو "الدعم الرمزي"، دون أن تخضع لأبسط الشروط القانونية أو التنسيق الرسمي، وكأن المسألة مجرد حملة علاقات عامة تُمارس فوق أرض بالغة الحساسية، وليست منطقة حدودية لدولة ذات سيادة، تواجه منذ شهور أزمة أمنية وإنسانية متفاقمة في محيطها الإقليمي.

 

ما لا يفهمه – أو يتغافل عنه – البعض ممن يحاولون الوصول إلى العريش أو معبر رفح بشكل مباشر، هو أن السيادة الوطنية ليست أمرًا رمزيًا أو تفاوضيًا، بل هي جوهر وجود الدولة.. إن محاولة دخول الأراضي المصرية أو تنظيم أنشطة ميدانية على حدودها دون الالتزام بالضوابط والسياسات المنظمة يُعد تجاوزًا مرفوضًا، لا سيما في ظل حالة الحرب القائمة على الجانب الآخر من الحدود، وما يصاحبها من مخاطر أمنية وتعقيدات لوجستية.

 

وقد أوضحت مصر – بكل شفافية – أن السبيل الوحيد للنظر في مثل هذه الطلبات هو من خلال القنوات الرسمية المعروفة، سواء عبر السفارات المصرية بالخارج، أو السفارات الأجنبية بالقاهرة، أو عبر مخاطبات الجهات الدولية المعتمدة لوزارة الخارجية المصرية، وهي آلية تم تطبيقها مرارًا خلال الأشهر الماضية، وجرى على أساسها تنظيم زيارات حقيقية لوفود دبلوماسية ومنظمات إنسانية معروفة، تعمل وفق القانون لا فوقه.

 

أما تلك التحركات الفردية أو الجماعية التي تُدار خارج الأطر الرسمية، ولا تتبع أي جهة حكومية أو منظمة معترف بها، فهي لا تُلزم الدولة بشيء، ولا تعبّر عن دعم حقيقي بقدر ما تُربك المشهد وتُعرّض المشاركين فيها للخطر.

 

في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن القوافل الرمزية، أو يحاولون تسجيل مواقف استعراضية على مشارف الحدود، تعمل الدولة المصرية بجهد حقيقي ومتواصل لدعم الفلسطينيين في غزة، عبر ثلاثة مسارات متكاملة:

 

المسار السياسي والدبلوماسي:

حيث تقود القاهرة جهود التهدئة والمفاوضات غير المباشرة بين الأطراف، وتتحرك عبر قنوات إقليمية ودولية لوقف إطلاق النار، وضمان حماية المدنيين، وتهيئة الأرضية السياسية لحل دائم يعيد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة. ومصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تحافظ على خط اتصال مفتوح مع جميع الأطراف، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، في إطار دور الوسيط النزيه والمسؤول.

 

المسار الإنساني والإغاثي:

إذ فتحت مصر معبر رفح بشكل استثنائي منذ الأيام الأولى للحرب، وسمحت بإدخال آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية والوقود إلى القطاع، رغم العراقيل الإسرائيلية المستمرة عند المعابر الأخرى، كما استقبلت آلاف الجرحى والمرضى للعلاج في مستشفياتها، وجهزت مراكز طبية متقدمة في العريش والمناطق القريبة.

 

المسار القانوني والأخلاقي:

وهو ما عبّرت عنه مصر مرارًا في المحافل الدولية، بدءًا من مجلس الأمن، مرورًا بجامعة الدول العربية، وصولًا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث رفضت القاهرة سياسة العقاب الجماعي والحصار، ووصفت الانتهاكات الإسرائيلية بأنها "مخالفة صريحة للقانون الدولي الإنساني".

 

في ظل هذه الجهود المتواصلة، يصبح من الطبيعي – بل من الضروري – أن تُنظم الدولة المصرية ضوابط واضحة لزيارة المناطق الحدودية، ليس فقط لضمان الأمن، بل لحماية الزائرين أنفسهم، ولضمان ألا تتحوّل هذه التحركات العشوائية إلى أداة للاستغلال السياسي أو الإعلامي من قبل جهات لا تعمل لصالح الفلسطينيين، بل تتاجر بمعاناتهم.

 

إن السيادة لا تتجزأ، واحترام القوانين المحلية ليس خيارًا، بل التزام أساسي لكل من يدّعي الرغبة في الدعم والتضامن، والتاريخ سيشهد أن مصر لم تغلق الباب يومًا أمام من أراد أن يساعد الفلسطينيين حقًا، لكنها لن تسمح بأن تُستغل أراضيها أو تُوظّف حدودها في مغامرات غير محسوبة أو شعارات فارغة.

 

ختامًا... لا يمكن إنكار معاناة الفلسطينيين في غزة، ولا يجب أن يُنظر إلى دعمهم باعتباره مناسبة عاطفية موسمية، فالدعم الحقيقي لا يأتي بالصور والبيانات العشوائية، لكنها بالمواقف السياسية الحازمة، والمساعدات الإنسانية المنظمة، والدفاع عن الحقوق في المحافل الدولية.

 

وفي كل ذلك، كانت مصر – وستظل – ركيزة أساسية، أما من لا يملكون غطاءً قانونيًا ولا انتماءً مؤسسيًا، فمكانهم ليس على حدود سيناء، بل في صفوف الجماهير التي تبحث عن دور حقيقي وشرعي في نصرة فلسطين.

أخبار ذات صلة

0 تعليق