انعقدت الجلسة النقاشية "مستقبل الصحافة فى عصر الذكاء الاصطناعى" ضمن فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر العام السادس للصحافة المصرية بنقابة الصحفيين، التى تناولت الاستخدامات الحالية للذكاء الاصطناعى فى المجال الصحفي وكيفية تنظيمها، خاصة وسط غياب العدالة بين الدول فيما يخص التقنية، وكذلك طرح النقاش تساؤلات حول التهديدات والفرص.
قالت الدكتور رضوى عبد اللطيف، خبيرة الذكاء الاصطناعى والاعلام الرقمى، أن تقنيات الذكاء الاصطناعى بدأت لأول مرة فى 1950، ولكن مؤخرا أصبح هناك نموا كبيرا ونوع من الثورة بخصوص هذه التقنية، لذلك عرف عنها الجميع وأصحبت أكثر استخداما فى صناعة المحتوى وصحة المحتوى وتوليده مثل ChatGPT، وكذلك جمع وتحليل المعلومات و"شخصنة المحتوى" أى أنه يحدد المحتوى لشخص معين حسب اهتماماته، وذلك بالإضافة إلى استخدامه فى التنبؤ والتوقعات التى يقدمها لتطوير الذات والصناعة.
وأضافت "عبد اللطيف"، "كنا نلجأ لبريد القراء قبل ذلك لدراسة ومعرفة رد فعل الجمهور واهتماماته، لكن الآن يأتى لنا الرد سريعا ونعرف سلوكه من الانترنت بسهولة والتفاعل معه حيث يضمن الذكاء الاصطناعى تتبع السلوك ومن ثم التنبؤ به"، موضحة أنه أصبح لدينا الآن الشات بوت الإخباري من 2016، وتقنيات الكشف عن الdeepfake أى التزييف العميق فى المحتوى منذ 2018، أما فى 2023 فبدأت غرف الأخبار تعتمد على ChatGPT وظهرت مصطلحات جديدة مثل صحافة الذكاء الاصطناعى وصحافة الخوارزميات والصحافة الآلية والتوليدية وصحافة الدرون حيث يتم التقاط الصور بطائرات بدون طيار.
كما كشفت خبيرة الإعلام الرقمى عن أرقام موثقة عن حجم استخدام الذكاء الاصطناعى فى الصحافة، قائلة أن هناك 300 مؤسسة صحفية على مستوى العالم تستخدم الذكاء الاصطناعى، ولعل 70% من محتوى الAI يتعلق بالرياضة والاقتصاد والطقس، وأقرت هذه المؤسسات أن 60% من أرباحهم زادت بعد الاعتماد على الذكاء الاصطناعى، مضيفة، أن لدينا نماذج عن هذه المؤسسات فى الوطن العربي مثل قناة العربية الرائدة فى الذكاء الاصطناعى وصحفية البيان الإماراتية، أما الوضع فى مصر فهناك 80% من المؤسسات الصحفية لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي.
وأكدت أنه يجب أن يكون لدينا الوعى بهذه التقنية وأن لا نترك للشركات العالمية أن تحدد معرفتنا، وتتحكم فى البيانات والحقائق مثلما تم إزالة بيانات مهمة عن قضية فلسطين ووضع بيانات محددة عن حرب أكتوبر لها علاقة بحقيقة النصر بمحركات البحث.
فيما طالبت "عبد اللطيف" بتبني وضع دليل للذكاء الاصطناعى من النقابة مع مشاركة المؤسسات الصحفية باستحداث أقسام للذكاء الاصطناعى وتحديد ما ستضيفه من أرشيف الصحافة للذكاء الاصطناعى وبأى شكل سيتم ذلك، مع إعداد الطلاب فى كليات الإعلام.
وفى هذا الإطار، شارك دكتور محمد شومان، عميد كلية الإعلام فى الجامعة البريطانية فى النقاش عن تدريب طلاب الإعلام وتأثير الذكاء الاصطناعى على الصحافة فى مصر، قائلا: الصحافة كمهنة لن تموت أبدا أو يتم استبدالها بالبشر، بل أننا نعمل على أنسنة الذكاء الاصطناعى بمعنى أنه يجب تحويل هذه التكنولوجيا لصالح الإنسان، ولعل التحدى الأساسى الذى نواجهه هو الرأسمالية الرقمية التى تقودها الدول الصناعية ويستثمروا بالبيانات دون الدول الأخرى، فيجب أن نضع مواثيق شرف دولية فيما يخص خصوصية البيانات، لن تنظيم الشركات مثل جوجل ومايكروسوفت للوضع هو وهم لأنها تسعى للربح.
وأضاف عميد كلية الإعلام، أنه لابد من التعامل النقدى مع التقنية، حيث أنها ستؤدى لتقليل عدد العاملين فى الصحافة لأنه يوجد برمجيات الآن سريعة فنحن الآن فى طريق الكمبيوتر الكمومى الذى يكون أسرع بكثير من الكمبيوتر العادى، موضحا أن التحدى الأكبر فى ذلك هو أن مثل هذه الحواسب لا تمتلكها إلا دول قليلة جدا وهى مسئول عن قفزات فى الذكاء الاصطناعى لدرجة أنه من الصعب علينا فى الصحافة الآن تحديد بعض المحتوى فى كونه واقعى أم افتراضى، ويوجد أيضا الواقع مختلط.
وأعرب شومان، عن عدم تفائله تجاه هذه التقنيات، قائلا: غير متفائل على المدى القريب هنا فى مصر أنه سيكون لنا دور حقيقي فى هذه التقنيات، فنحن محتاجين 10 سنوات على الأقل فى المؤسسات الصحفية حتى يعتمدون سياسة للذكاء الاصطناعى فى الصحافة، فلا توجد تجارب جادة وضخ استثمارات لذلك، بل مجرد محاولات فردية.
ومن جانبه، قال إيهاب الزلاقى، صحفي وخبير فى الإعلام الرقمى، إنه يعمل على استراتيجية للتطبيق العملى للذكاء الاصطناعي فى المجال الإعلامي، مع توطين هذه العناصر فى الصحافة، مضيفا أن هناك ثلاث نقلات حدثت فى تاريخ الصحافة تشمل على ظهور الكمبيوتر الشخصي فى الصحافة وإنتاج المحتوى وكتابته ثم النقلة الثانية والأكبر فى ظهور شبكة الإنترنت التى أثرت بداية من البحث والنشر الإلكتروني، أما النقلة الأخيرة هى الهاتف الذكى الذى نقل الصحافة من الإنتاج إلى الاستهلاك وحاليا نحن فى مرحلة جديدة تماما تتمثل فى الذكاء الاصطناعى وكيف نحول ذلك لجزء من إطار العمل.
وشدد الزلاقي، أنه يجب تحديد اتجاهات العمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، وذلك فى ثلاث محاور رئيسية، تتمثل فى إنتاج المحتوى وتحليله، وتخصيص المحتوى من خلال رصد السلوكيات، ووضع القصة الرئيسية وفقا لاهتمامات المستخدم، وتوسيع نطاق المحتوى بلغات مختلفة.
فيما أوصت إيمان الوراقي، الصحفية الاستقصائية صاحبة مبادرة ثورة الذكاء الاصطناعى، بأن تكون هناك خطوات جدية تجاه إنشاء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، مع توفير تدريبات عن الذكاء الاصطناعى وهو ما تقدمه من خلال المبادرة بشكل مجانى وبمشاركة 500 صحفي مصري و100 صحفي عربي.
وأضافت "الوراقى"، "نحاول أن نتخذ خطوات أولية بشأن الذكاء الاصطناعى، وكيف نعطى للأداة أمر صحيح لاحصل على محتوى توليدي، مؤكدة على ضرورة وضع دليل لاستخدام الذكاء الاصطناعي فى الصحافة باحترافية وبطريقة أخلاقية.
0 تعليق