قطاع الطاقة في سوريا ركيزة التعافي الاقتصادي.. وهذه الدروس المستفادة من دول الجوار

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

اقرأ في هذا المقال

  • ثمة العديد من الفرص أمام قطاع الطاقة في سوريا للتعافي بعد الحرب
  • الوضع في سوريا يتشابه مع المشكلات التي تواجه دولًا مثل العراق ولبنان وليبيا
  • النفط والغاز يمثّلان مصدرًا مهمًا لإعادة إعمار سوريا
  • إمكانات الطاقة المتجددة في سوريا تعزّز فرص بناء نظام كهربائي مستدام

تمثّل نهاية نظام بشار الأسد بداية مرحلة انتقالية معقدة، لكن من المؤكد أن قطاع الطاقة في سوريا يتربع على رأس أولويات السلطة الجديدة لإعادة إعمار البلاد والتعافي الاقتصادي.

فخلال سنوات الصراع التي استمرت 14 عامًا، عانى القطاع أضرارًا جسيمة، مع انخفاض إنتاج النفط والغاز وانهيار شبكة الكهرباء.

ورغم الفوضى الحاصلة، فإن حقبة ما بعد الحرب تقدّم فرصة إلى قطاع الطاقة في سوريا ليتحول من عبء ثقيل إلى قوة دافعة للتعافي والنمو عبر الاستفادة من تجارب دول الجوار، حسب مقال حديث، اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ومن خلال تحديث البنية التحتية للقطاع ودمج حلول الطاقة المتجددة، يمكن لسوريا أن تضع الأساس لإحياء الاقتصاد.

ويتوقع البنك الدولي انكماش اقتصاد سوريا بنحو 1.5% خلال 2024، ليواصل الانخفاض الذي بلغ 1.2% خلال 2023.

لمحة عن قطاع الطاقة في سوريا خلال الحرب

بحسب رؤية الرئيس التنفيذي لشركة قمر للطاقة، روبن ميلز، في مقال نشره موقع "إنرجي كونيكت"، كان قطاع الهيدروكربونات مصدرًا مهمًا لإيرادات الحكومة وإمدادات الطاقة المحلية.

وأشار ميلز في مقاله إلى التوزيع الجغرافي للنفط والغاز في سوريا قبل الحرب، حيث تتمركز الموارد في مناطق معينة:

  • حقول النفط في الشمال الشرقي الذي يهيمن عليه الأكراد.
  • حقول النفط في المنطقة الشرقية المحيطة بدير الزور بالقرب من الحدود العراقية.
  • حقول الغاز موزعة على نطاق أوسع، خاصة في منطقة تدمر وسط البلاد.

وأدت حقول النفط القديمة والصراع الدائر إلى انخفاض الإنتاج من 400 ألف برميل يوميًا قبل الحرب إلى 40 ألفًا بحلول عام 2023، كما يرصد الرسم البياني التالي:

إنتاج النفط في سوريا

وكان بعض الإنتاج المحلي يخضع للتكرير داخل منشآت بدائية وملوثة في جميع أنحاء المناطق الريفية، مع تضرر المصفاتين القائمتين في البلاد جراء عدم الصيانة، وهما: "حمص" بسعة تصميمية 110 آلاف برميل يوميًا، و"بانياس" بقدرة 130 ألف برميل يوميًا.

في المقابل، تمكّنت المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد من إدارة الأوضاع على نحو أفضل، مع نقل النفط إلى إقليم كردستان العراق أو نظام الأسد من خلال وسطاء.

ومن جهة أخرى، تمكن قطاع الغاز من الصمود قليلًا، إلا أنه لم يخلُ من التحديات، أبرزها:

  • انخفاض الإنتاج من 8.4 مليار متر مكعب سنويًا إلى 3 مليارات متر مكعب بحلول عام 2023.
  • تقوّضت قدرة سوريا بصفتها دولة عبور للغاز المصري إلى لبنان عبر خط أنابيب الغاز العربي؛ ما أدى إلى تفاقم أزمة الطاقة في بيروت.
  • فشل المفاوضات بشأن صفقات عبور الغاز المصري أو الكهرباء من الأردن في ظل حكم نظام الأسد.

في الوقت نفسه، واجهت البنية التحتية لقطاع الكهرباء أضرارًا جسيمة:

  • تدمير أكثر من نصف شبكة الكهرباء في سوريا أو أصبحت غير صالحة للعمل.
  • انخفاض إمدادات الكهرباء إلى 2-4 ساعات يوميًا.
  • زيادة الاعتماد على المولدات باهظة الثمن وغير الموثوقة.

أما بالنسبة إلى الطاقة المتجددة فكانت القدرة المركبة للطاقة الشمسية متواضعة وتُقدّر بنحو 60 ميغاواط، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا).

أوجه التشابه بين سوريا وجيرانها

يعتقد روبن ميلز، أن التحديات التي تواجه الدول المتضررة من الصراع تقدم دروسًا قيمة لإعادة بناء قطاع الطاقة في سوريا.

فثمة أوجه تشابه بين سوريا وجيرانها، مثل لبنان واليمن وليبيا والعراق، التي تشترك في الآتي:

  • ضعف شبكات الكهرباء

على سبيل المثال، استمرت هذه الأزمة في العراق لأكثر من عقدين بعد الغزو الأميركي، ما يعوق التعافي الاقتصادي ويغذّي السخط العام، خاصة خلال فصول الصيف الحارقة.

فرغم أن قطاع الكهرباء يتلقى إعانات ضخمة، فإنه ما يزال غير قادر على توفير إمدادات موثوقة ويستنزف أموال الدولة.

  • الاعتماد على مولدات الديزل

تعتمد كل هذه الدول، بما في ذلك سوريا، على مولدات الديزل المكلفة والملوثة للحد من نقص إمدادات الطاقة.

  • السيطرة على الموارد

بالتوازي مع ذلك، أصبحت السيطرة على البنية التحتية للنفط والغاز أداة سياسية حاسمة، إذ غالبًا ما تستغل الفصائل المتنافسة والإدارات المستقلة -خاصة في ليبيا واليمن والعراق- هذه الموارد لتمويل عملياتها، وممارسة النفوذ على نظيراتها، وهو ما عانت منه سوريا طوال الحرب.

ولاستعادة السلطة المركزية، سيتطلب التوفيق بين هذه المطالبات، ودون ذلك، كما هو الحال في ليبيا، تخاطر الدولة بالانقسام، حيث تغذّي عائدات النفط المليشيات وتديم الصراعات القائمة على الموارد.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- احتياطيات النفط في سوريا تاريخيًا، التي استقرت عند 2.5 مليار برميل منذ 2007:

احتياطيات النفط في سوريا

في الوقت نفسه، ظهرت مخاوف من أن هذا التغيير لا يمثّل سوى مرحلة من الحرب الجارية في سوريا، وأن السيطرة على موارد النفط قد تصبح ساحة للمعركة، بحسب وكالة "أوراسيا ديلي".

فقد سيطرت القوات الكردية على الحقول الشمالية، في حين هيمنت الجماعات المسلحة الموالية لأميركا على الحقول الشرقية، ما يؤكّد أهميتها للإيرادات والنفوذ.

ومع سعي السلطات الجديدة لتأمين الوقود على الأراضي التي تسيطر عليها، فمن المرجح أن تظل أزمة توزيع النفط والسيطرة عليه محورية، ما يزيد من تعقيد المشهدَيْن السياسي والعسكري في سوريا.

أهمية النفط والغاز في إعادة الإعمار

يشكّل تعافي قطاع الطاقة في سوريا بعد الحرب تحديًا كبيرًا، لكن النفط والغاز قد يؤديان دورًا محوريًا في عملية إعادة البناء، وذلك بسبب:

  • عائدات النفط والغاز تمثّل أهمية بالغة لإعادة الإعمار.
  • تشكّل الهيدروكربونات مصدرًا للإيرادات الحكومية.
  • الإدارة الفعالة للموارد مهمة لتجنّب الفساد أو الإعانات عديمة الجدوى.
حقل نفط في سوريا
حقل نفط في سوريا – الصورة من ديفينس بوست

ويمكن تحقيق ذلك عبر تحسين إنتاج النفط والغاز في سوريا مع تعزيز الأمن والإعفاءات من العقوبات الدولية، وفي الأمد البعيد، قد تؤدي عمليات الحفر في الشمال الشرقي والاستكشافات البحرية إلى زيادة الموارد.

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع قطاع الطاقة في سوريا بالقدرة إلى الانتقال إلى نظام كهربائي أكثر استدامة ومنخفض الكربون، حيث توفر المناطق الصحراوية الشاسعة فرصة لمحاكاة برامج الطاقة الشمسية الناجحة التي تحققت في الدول المجاورة، مثل الأردن.

كما يمكن أن تؤدي مبادرات الطاقة الشمسية صغيرة النطاق، بما في ذلك الألواح الكهروضوئية على أسطح المنازل مع البطاريات وأنظمة تسخين المياه، إلى تسريع توفير الكهرباء، كما هو الحال في لبنان واليمن.

إلى جانب ذلك، توجد مناطق غنية بالرياح على طول الجبال الساحلية وجبال تدمر الممتدة إلى الفرات وجبال لبنان الشرقية وجنوب دمشق.

وفي سيناريو ما بعد الصراع، من الممكن أن تؤدي سوريا دورًا حيويًا في توفير نظام طاقة متكامل في الشرق الأوسط، يربط الخليج والأردن ولبنان والعراق وتركيا.

الخلاصة..

رغم التحديات التي واجهها قطاع الطاقة في سوريا خلال سنوات الصراع، فإنه قد يؤدي دورًا مهمًا في إعادة الأعمار والتعافي الاقتصادي للبلاد.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. قطاع الطاقة في سوريا يسهم في تسريع التعافي الاقتصادي من إنرجي كونيكت.
  2. سوريا على أعتاب حرب من أجل النفط من أوراسيا ديلي.
  3. رسم يوضح احتياطيات النفط في سوريا من وحدة أبحاث الطاقة.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
مصطفى منصور

أخبار ذات صلة

0 تعليق