هل تتحول سوريا إلى مركز طاقة إقليمي بعد سقوط بشار الأسد؟

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

اقرأ في هذا المقال

  • يربط مشروع خط أنابيب غاز قطر تركيا والشرق الأوسط بأوروبا
  • سوريا ظلت لسنوات حجر عثرة في طريق تنفيذ المشروع
  • عارضت روسيا المشروع لكونه يهدد إمداداتها من الغاز إلى أوروبا
  • تحوُّل سوريا إلى مركز طاقة إقليمي مرهون باستقرارها السياسي
  • الحجي يفنّد نظرية اندلاع الثورة السورية نتيجة مؤامرة خارجية

باتت سوريا في وضع أفضل يتيح لها إمكان التحول إلى مركز طاقة إقليمي في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، ومواتاة فرص إنشاء خط أنابيب غاز (قطر تركيا) المخطط لمروره عبر الأراضي السورية.

وكان يُعوَّل على مشروع خط أنابيب غاز قطر تركيا في توصيل الغاز العربي من الشرق الأوسط إلى الأسواق الأوروبية؛ ما كان سيرسم مكانة جديدة لدمشق على خريطة الطاقة الإقليمية والعالمية.

لكن سوريا بقيت لسنوات حجر عثرة في طريق تنفيذ هذا المشروع نتيجة معارضة نظام بشار له، بإيعاز من روسيا الداعم الرئيس للنظام السوري البائد، مخافة أن يهدد احتكار موسكو إمدادات الغاز إلى أوروبا.

كما عارض الأسد المشروع المقترح بسبب تعارضه مع مشروعات أخرى، ولا سيما أنبوب الغاز الإيراني الذي كان يمرّ عبر العراق وسوريا.

لكن، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يبقى تحقيق حلم سوريا في أن تصبح مركز طاقة إقليميًا مرهونًا باستقرار الأوضاع السياسية في البلد العربي، وعلاقة السلطة الجديدة بالدول المشارِكة في المشروع، وعلى رأسها قطر وتركيا.

حلم ممكن

أضحى مشروع بناء خط أنابيب غاز يصل بين قطر وتركيا ممكنًا بعد أن ظل حُلمًا بعيد المنال لعقود، مع سقوط نظام الرئيس بشار الأسد؛ في خطوة ستربط حقول الغاز في الشرق الأوسط بأوروبا، وفق مقال نشره الكاتب الصحفي بن أريس في موقع إنتل نيوز (intelNews).

وقال بن أريس، إن قطر تمتلك احتياطيات غاز ضخمة تلامس 25 تريليون متر مكعب، وكثيرًا ما أرادت بناء خط أنابيب يربط تلك الاحتياطيات بالسوق الأوروبية المربحة؛ وهو ما سيحوّل بدوره سوريا إلى مركز طاقة إقليمي رئيس.

ويرى كاتب المقال أن سوريا كانت بمثابة سدادة الزجاجة التي حالت دون وصول الشرق الأوسط إلى الأسواق الأوروبية، موضحًا أن بشار الأسد كثيرًا ما رفض فكرة إنشاء خط الأنابيب بين قطر وتركيا عام 2009، كما عارضتها روسيا التي كانت تهيمن في ذلك الوقت على إمدادات الغاز الواصلة عبر الأنابيب إلى أوروبا.

وبناءً عليه، واجه الاحتكار الروسي لإمدادات الغاز إلى أوروبا تهديدًا من قِبل قطر، ومن ثم عمل الكرملين جاهدًا لمنع بناء أيّ خطوط أنابيب تمرّ عبر الأراضي السورية.

الكاتب الصحفي بن أريس
الكاتب الصحفي بن أريس - الصورة من listennotes

عقبات جيوسياسية انتهت

انتهت كل العقبات الجيوسياسية التي كثيرًا ما عرقلت إنشاء خط أنابيب قطري تركي مع سقوط نظام الأسد في سوريا، وقطع إمدادات الغاز الروسي عن أوروبا منذ تدمير خطَّي أنابيب نورد ستريم 1 و2 في العام الماضي (2023)، وفق كاتب المقال.

كما أن بناء خط أنابيب غاز قطر تركيا سيحرر أوروبا إلى الأبد من أيّ احتياج لها إلى لغاز الروسي مجددًا.

فخطّ أنابيب الغاز الواصل من قطر سيتعين عليه أن يمر عبر السعودية وسوريا قبل وصوله إلى تركيا المتصلة بشبكة أنابيب الغاز الأوروبية عبر خط أنابيب ترك ستريم الذي يسلّم الغاز إلى الاتحاد الأوروبي.

وقال الكاتب الصحفي بن أريس، إن تكلفة إنشاء خط أنابيب يمتد بطول 1500 كيلومتر من حقل القبة الشمالية/بارس الجنوبي في قطر، تصل إلى 10 مليارات دولار؛ وهو ما ستشترك فيه مع إيران، إلى تركيا التي يراودها طموح في إنشاء مركز غاز مع المنتجين في شمال أفريقيا ووسط آسيا، إضافة إلى روسيا.

وفي وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن مركز الغاز التركي يمكن أن يوفر لأوروبا 100 مليار متر مكعب، أو ما يعادل ثلثي حجم الغاز الذي كانت روسيا توصله إلى أوروبا، على الرغم من حقيقة أن أنقرة لا تمتلك احتياطيات غاز خاصة بها.

حقل المهر في سوريا
حقل المهر في سوريا-أرشيفية

قطاع الطاقة في سوريا

يرى كاتب المقال أنه حتى مع استقرار الأوضاع في سوريا، ما تزال هناك بعض المخاطر السياسية التي تواجهها كل المسارات البديلة لخطّ أنابيب الغاز الواصل من قطر إلى أوروبا، والتي قد تزيد من مواءمة المسار السوري للمشروع؛ ما ينعكس إيجابًا على قطاع الطاقة في سوريا.

ولعل أبرز تلك المخاطر، وفق الكاتب، هو العراق الذي ما يزال غير مستقر حتى الآن، لا سيما بعد سحب أميركا آخر قوّاتها من هناك في نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم.

ويمرّ الجزء العراقي من الأنبوب عبر منطقة كردستان في شمال البلاد التي لا تنعم نوعًا ما بالاستقرار، وقد تشكّل معضلة بالنسبة إلى تركيا على خلفية المناوشات المستمرة بين أنقرة والأكراد.

ويعتقد كاتب المقال أن تلك المشكلات تجعل المسار السوري لخطّ أنابيب الغاز المقترح أكثر جاذبية وإقناعًا لتركيا التي تبقى لاعبًا رئيسًا في المشروع.

نظرية المؤامرة

يرى مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن نظام بشار الأسد السابق برّر نظرية المؤامرة التي طالما روّجت لها حكومته، ومؤداها أن الثورة اندلعت نتيجة استغلال بعض الدول للناس ودفع مبالغ لهم.

وأوضح الحجي أن تبرير الأسد استند إلى وجود خلافات بين قطر وإيران على أنابيب الغاز، وذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، وحملت عنوان: "مستقبل إنتاج النفط والغاز في سوريا".
وأشار الحجي إلى خريطة أنابيب غاز منتشرة مؤخرًا، وضعها بروفيسور فرنسي، يُروَّج لها على أن أنابيب الغاز كانت السبب الرئيس في اندلاع شرارة التغيير في سوريا بتأييد دولي.

أنابيب الغاز في سوريا

أنابيب الغاز في سوريا

قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة الدكتور أنس الحجي، إن مروّجي الفكرة القائلة، إن الأحداث الأخيرة التي شهدتها سوريا كان بهدف إحكام السيطرة على أنابيب الغاز في سوريا وما حولها، قد تناسوا كل شيء عن السجون وقتل وتشريد ملايين اللاجئين.

وتابع: "لم يتذكروا سوى أنابيب الغاز في سوريا، وتناسوا أن التغيير له أسباب أخرى، وهو ما يُعدّ قمة العنصرية وقمة الإهانة للشعب السوري".

وقال الحجي، إن أول أمر يجب توضيحه فيما يتعلق بموضوع أنابيب الغاز في سوريا، هو أن هناك مخططًا قُدِّمَ إلى بشار الأسد في عام 2008، بشأن خط أنبوب واحد، وليس أنبوبين، يأتي من حقل الشمال في قطر، المشترك مع إيران.

وواصل: "الأنبوب قطري والغاز إيراني، لذلك فهو أنبوب واحد، تموّله قطر، ولكن الغاز سيُضَخّ من الجزء الإيراني من الحقل، على أن يصل إلى منطقة حمص السورية، حيث يوجد خط الغاز العربي، الذي يأتي من الدلتا في مصر، ويتجه إلى سيناء قبل الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن هذا الخط، بدلًا من أن يدخل الأراضي المحتلة، ينزل تحت الماء في خليج العقبة، ويمتد عبر الأردن؛ إذ يدخل سوريا من جهة الجنوب، ثم يتجه إلى حلب، وصولًا إلى الحدود التركية، ليسلّم منها الغاز إلى أوروبا.

واستدرك: "لذلك، فإن الفكرة كانت أن يمتد أنبوب الغاز القادم من الخليج بتمويل قطري، ويحمل الغاز الإيراني، وبناءً عليه لم يكن هناك خلاف بين قطر وإيران حوله كما ادّعى نظام الأسد، ولم يكن هناك أنبوبان، بل واحد فقط، ولكن بشار الأسد رفض".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:
1.سوريا مهيأة لأن تتحول إلى مركز طاقة إقليمي من موقع إنتل نيوز.

2.أنس الحجي يكشف حقيقة نظرية المؤامرة على الثورة السورية من منصة الطاقة المتخصصة.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
السعيد أبو العلا
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق