أزمة الكهرباء في إيران ولماذا تفاقمت؟.. القصة كاملة بالأرقام (تقرير)

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

يواجه قطاع الكهرباء في إيران تحديات متزايدة تتعلق بالكفاءة والتوازن بين الإنتاج والاستهلاك والاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري، والتغيرات المناخية التي أثّرت بموارد الطاقة التقليدية.

ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تعاني محطات توليد الكهرباء من كفاءة منخفضة مقارنة بالمعدلات العالمية، ورغم أن الغاز الطبيعي يشكّل الوقود الرئيس المُستعمل في هذه المحطات، فإن الاستهلاك المفرط له في القطاعات المنزلية، لا سيما خلال فصل الشتاء، يؤدي إلى أزمات متكررة.

ويؤكد رئيس لجنة الطاقة في غرفة التجارة الإيرانية آرش نجفي أن كفاءة محطات الكهرباء لا تتجاوز 38% في المتوسط، مع وجود محطات تعمل بكفاءة منخفضة تصل إلى 19% فقط، موضحًا أن هذا الأداء بعيد عن المعدلات العالمية التي تصل إلى 44%.

وأضاف أن 90% من الكهرباء في البلاد تُنتج من الغاز، إلّا أن الاستهلاك المفرط لهذا المورد في القطاع المنزلي خلال الشتاء يعقّد عملية التوليد، ويزيد من الضغط على شبكة الكهرباء.

إنتاج الكهرباء في إيران

يعتمد إنتاج الكهرباء في إيران أساسًا على الغاز الطبيعي الذي يُعدّ وقودًا نظيفًا، إلّا أن استعماله المفرط في التدفئة المنزلية يضعف قدرة محطات التوليد على العمل بكفاءة خلال فصل الشتاء.

محطة كهرباء في إيران
محطة كهرباء في إيران - الصورة من وكالة تسنيم

وأشار نجفي إلى أن الوقود السائل، مثل النفط والديزل، يُستعمل بصفته بديلًا في هذه المدة، ما يرفع تكاليف التشغيل ويزيد التلوث البيئي.

وأكد أن تحسين كفاءة محطات الطاقة الحرارية وإجراء إصلاحات في شبكة النقل يمكن أن يقلل من استهلاك الوقود، قائلًا: "زيادة الكفاءة أمر أساس لتجاوز مشكلات نقص الكهرباء، ولكن ما تزال هناك محطات لا تتجاوز كفاءتها 25%".

الطاقات المتجددة في إيران

في ظل تراجع كفاءة المحطات الحالية، يرى الخبراء أن الطاقات المتجددة في إيران قد تمثّل حلًا مستدامًا لأزمة الكهرباء، ورغم الإمكانات الطبيعية الهائلة للطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، فإن حصة هذه المصادر في إنتاج الكهرباء ما تزال محدودة.

وأشار نجفي إلى أن تكلفة إنشاء محطات الطاقة الشمسية أصبحت معقولة للغاية خلال العقد الماضي، ومع ذلك لم تستغل إيران هذه الفرصة بشكل كافٍ.

أحد مشروعات الطاقة الشمسية في إيران
أحد مشروعات الطاقة الشمسية في إيران

وأوضح أن دولًا أخرى تمكنت من تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال استثمار مصادر مثل الطاقة الشمسية والرياح، بينما ما تزال إيران تعتمد بشكل كبير على الغاز والوقود السائل.

وأضاف أن وزارة الطاقة فشلت في دعم الطاقات المتجددة عبر استثمارات صحيحة، ما أدى إلى عدم تحقيق أهداف توليد الكهرباء من مصادر نظيفة، موضحًا أنه كان بإمكان طهران إضافة ما بين 6 إلى 7 آلاف ميغاواط من الكهرباء النظيفة.

هدر الكهرباء في إيران

يُعدّ هدر الكهرباء في إيران إحدى المشكلات الكبيرة التي تواجه القطاع، إذ أوضح نجفي أن المتر المكعب من الغاز ينتج ما بين 3 إلى 3.6 كيلوواط من الكهرباء، لكن ما يصل إلى المستهلكين يتراوح بين 2.4 و3 كيلوواط فقط بسبب الهدر".

وشدد على ضرورة تحسين شبكة التوزيع لتقليل الفاقد، مشيرًا إلى أن استعمال محطات توليد موزعة وتقنيات متطورة يمكن أن يحدّ من هذه الخسائر بشكل كبير.

وأكد أن تحسين البنية التحتية للشبكة، مثل تجديد المرافق وتقليل المسافات بين محطات التوليد والمستهلكين، هو خطوة ضرورية لضمان كفاءة أعلى وتقليل الضغط على المصادر الحالية.

دور القطاع الخاص في تطوير قطاع الكهرباء

انتقد نجفي السياسات الحكومية التي حدّت من مشاركة القطاع الخاص بتطوير قطاع الكهرباء في إيران، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضح أنه في عام 2016، أصدرت الحكومة قرارًا بوقف تزويد محطات القطاع الخاص بالغاز، ما أدى إلى تعطيل خطط توليد مئات الميغاواط من الكهرباء.

وأشار إلى أن تأخُّر وزارة الطاقة في سداد مستحقات أصحاب المحطات الخاصة وعدم توفير بيئة استثمارية مستقرة قد أسهما في خروج القطاع الخاص من هذا المجال.

وأضاف: "دون دعم القطاع الخاص، لن تتمكن البلاد من تحقيق نقلة نوعية في قطاع الكهرباء، خاصة في ظل الزيادة المستمرة بالطلب خلال الصيف".

سياسات الطاقة في إيران

انتقد نجفي غياب رؤية استراتيجية واضحة لسياسات الطاقة في إيران، مشيرًا إلى أن البلاد تعاني من عقوبات دولية تحدّ من قدرتها على تطوير تقنيات جديدة لإنتاج الكهرباء.

كفاءة محطات الكهرباء في إيران
محطة كهرباء في إيران - الصورة من وكالة تسنيم

وأكد أن تحسين استهلاك الكهرباء يجب أن يكون الأولوية القصوى، مع ضرورة التركيز على الابتكار وتقليل البيروقراطية التي تعوق تنفيذ الخطط.

وتعكس أزمة الكهرباء في إيران واقعًا معقّدًا يتطلب جهودًا منسّقة بين الحكومة والقطاع الخاص لتطوير البنية التحتية وتحسين الكفاءة.

ومع وجود إمكانات طبيعية هائلة للطاقة المتجددة، يمكن لإيران تحقيق نقلة نوعية في قطاع الكهرباء إذا ما اعتُمدت سياسات جديدة تعزز الاستثمار في الطاقات النظيفة وتحسّن استغلال الموارد الحالية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
مصطفى منصور

أخبار ذات صلة

0 تعليق