أخيرا صدرت موافقة مجلس الوزراء على اعتماد سلم رواتب الوظائف الهندسية الذي سيبدأ العمل به من 31 / 12 / 2024م، ويستهدف موظفي الجهات الحكومية شاغلي الوظائف الهندسية وفق التصنيف السعودي الموحد للمهن ممن هم على سلم رواتب الموظفين العام ويحملون شهادة البكالوريوس في أحد التخصصات الهندسية من الجامعات السعودية أو المعترف بها.
ولا شك أن في صدور هذ السلم الجديد دعما لهذه المهنة المهمة جدا، وقد صدر بعد جدل طويل بشأنه، ومع ذلك فإن المهم الآن هو شمول هذا الكادر أكبر عدد من المهندسين السعوديين، فالمسألة تكمن في دعم الوظائف الهندسية بكافة فروعها، وأن يكون المرجع في ذلك هو كل الوظائف التي تم تصنيفها تحت اسم "الاختصاصيون في الهندسة" ضمن التصنيف السعودي الموحد للمهن، فلا يتم استبعاد خريجي كليات التقنية الحاصلين على درجة البكالوريوس تحت أي ذريعة، وحتى لا تحدث فجوات في هذه المهنة لأسباب غير موضوعية، فالمهن الهندسية واحدة وإن تم تصنيفها إلى عدة فئات، وهي تشبه في ذلك المهن الصحية، فلو تم دعم فئة دون أخرى لما تحقق المنشود من زيادة سلم الرواتب.
المهن لا تعمل في الواقع إلا من خلال تضافر جهود كافة مكوناتها، فلا يتصور أن ينجح الطبيب مهما بلغ علمه في المستشفى بدون كادر من الأطباء المساعدين، وكادر من الإخصائيين في التخدير وخلافه، ولا يتصور أن تجد مستشفى يعمل دون وجود كادر تمريض ولو توفر له آلاف من الأطباء، ولا يمكن لأي منهما أن يعمل دون كادر من الإخصائيين في الأشعة، ولن يعمل كل هؤلاء دون إخصائيين في التغذية، لذلك يجب اعتبار كل هذه الفئات ضمن المهن الصحية التي تتطلب نفس الاهتمام والرعاية دون تمايز، كذلك في المهن الهندسية لا يتصور وجود مهندس إنشاءات يقوم بتخطيط وتصميم ومراجعة خطط تركيب العناصر الإنشائية التي تحتاج إلى تحليل الإجهادات، وإعداد الوثائق والتقارير المتخصصة بنتائج الأعمال دون وجود إخصائي تقنية هندسية يقوم بإعداد جداول الكميات والمواصفات للمواد الإنشائية، ومتابعة توفير وتدفق المواد الإنشائية لموقع العمل والإشراف على تنفيذ المشروع ومطابقة المواصفات، وإعداد الوثائق والتقارير المتخصصة بنتائج الأعمال. لا يمكن تصور أن يتم اعتبار مهندس الإنشاءات ضمن السلم الجديد بينما يتم استبعاد إخصائي التقنية، وكلاهما مطلوب جدا لاستكمال العمل في مهنة الهندسة وكلاهما مصنف ضمن المهن الهندسية وكلاهما حاصل على البكالوريوس وفقا لقرار مجلس الوزراء.
السلم الجديد للمهن الهندسية جاء ليضع المهندسين في مكان مناسب من جانب العوائد بما يحافظ على مهنة الهندسة والإقبال عليها، لكن من المهم أن ندرك أن المهندسين أكثر من غيرهم يتعرضون لمغريات كثيرة من أجل تمرير بعض العمليات والمخالفات للمواصفات التي يتم إقرارها في كراسات الشروط والمواصفات.
فهم بحق يحتاجون إلى مثل هذا الدعم، لكن يجب أن نتذكر أيضا أن الإخصائيين من خريجي كليات التقنية هم أيضا يتعرضون لنفس الضغوط، خاصة أنهم يقومون فعليا بإعداد جداول الكميات والمواصفات للمواد الإنشائية، وهم أيضا يقومون بإعداد الوثائق والتقارير المتخصصة بنتائج الأعمال، لذلك فإنهم فعليا في نفس الميدان الهندسي ويتعرضون لنفس التحديات، وقد قيل إن الغنم بالغرم.
لذلك فإذا تساوى المهندسون وإخصائيو الهندسة في الغرم فإنه من المهم أيضا أن يتساووا في الغنم. فمن المهم ألا يتم تحجير واسع وتضييق النطاق لاعتبارات غير عملية، ولا تأخذنا التصنيفات المستحدثة عن حقيقة الأمر في ميدان العمل، فأسماء مثل إخصائي وفني لا تقلل من مهنية الأشخاص العاملين في الميدان، وكما قلت سابقا لا يتصور وجود هذا دون ذلك، إذن لا وجود للمهنة بدون هذا التنوع.
0 تعليق