«حرب أكاديمية باردة» تلوح في الأفق بين أميركا والصين

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«حرب أكاديمية باردة» تلوح في الأفق بين أميركا والصين, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 03:22 صباحاً

هددت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بإلغاء تأشيرات العديد من الطلاب الصينيين البالغ عددهم نحو 277 ألف طالب في الولايات المتحدة، وإخضاع المتقدمين مستقبلاً من الصين - بما في ذلك هونغ كونغ - لتدقيق إضافي.

وتوقفت سفن الشحن المحملة بالبضائع من الصين عن الوصول إلى الموانئ الأميركية في وقت سابق من ربيع هذا العام، مع تصعيد ترامب حربه التجارية ضد بكين.

كما علّقت إدارة ترامب مبيعات بعض التقنيات الأميركية المهمة إلى الصين، بما في ذلك تلك المتعلقة بمحركات الطائرات، وأشباه الموصلات، وبعض المواد الكيميائية والآلات.

وبشكل عام، تُعدّ إجراءات إدارة ترامب بمثابة حملة شرسة لـ«فصل» الولايات المتحدة عن الصين، في سعيها إلى قطع العلاقات التجارية الوثيقة بين أكبر اقتصادين في العالم، والتخلص مما كان بمثابة ركيزة العلاقات بين البلدين لعقود.

ومن وجهة نظر ترامب ومساعديه، فإن من شأن فك الارتباط الجاد أن يعزز الأمن الأميركي، كما أنه سيُسرّع اتجاه كل قوة نحو ترسيخ نفوذها الإقليمي.

وتحدث مسؤولون في إدارة ترامب الأولى، عن ضرورة فك الارتباط مع الصين، معتبرين أن الروابط الاقتصادية والتعليمية في العديد من المجالات تُشكّل تهديداً للأمن القومي الأميركي.

وبينما أعادت تلك الجهود صياغة العلاقة كعلاقة تنافس بدلاً من التعاون، ظل حجم التجارة مرتفعاً، حتى خلال الجائحة. والآن في عهد ترامب الثاني، يُطلق المسؤولون حملة فك الارتباط مجدداً.

وبدأت الإجراءات بالفعل تُحدث عواقب وخيمة على البلدين وبقية العالم، فقد شعر الملايين بتقلبات السوق في الأسابيع الأخيرة، لكن من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كانت الإدارة ستحقق أي نتائج ملموسة.

وصرح مدير مبادرة الصين الجديدة في مجلس العلاقات الخارجية ومسؤول الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، راش دوشي، بأنه «من منظور الصورة الكبيرة، سيتطلب فك الارتباط، أكثر بكثير من مجرد قيود التجارة والتأشيرات».

ويرى بعض المحللين والباحثين أن هناك جوانب سلبية محتملة كبيرة للولايات المتحدة في المحاولات السريعة والصارمة لفك الارتباط. وتشمل هذه الجوانب ارتفاع معدل التضخم للأميركيين، ودفع الباحثين الموهوبين إلى أحضان الحكومة الصينية أو دول أخرى، وفقدان الحكومة الأميركية إمكانية الوصول إلى المواطنين الصينيين ذوي المعرفة العميقة ببلدهم، والذين يُعدّ بعضهم مجنّدين محتملين لأجهزة الاستخبارات.

تهديدات محتملة

ويقول رئيس جامعة «ويسليان»، مايكل إس روث، إنه بعد إعلان وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بشأن تأشيرات الطلاب مساء الأربعاء الماضي، فإن «الجزء الذي أجد صعوبة بالغة في فهمه، هو أن هناك الكثير من الصينيين الذين يرغبون في الوصول إلى الثقافة والتعليم الأميركي وشراء المنتجات الأميركية، ونحن نحاول أن نجعل لهم ذلك أقل جاذبية، وهو أمر أجده غريباً حقاً».

ويضيف روث: «إذا كنا نتنافس مع الصناعة والعلوم الصينية، فمن واجبنا أن نفهم المنافسة جيداً قدر الإمكان، وألاّ نعزل أنفسنا».

ولكن في نظر كبار المسؤولين في إدارة ترامب، فإن فوائد هذا التواصل لا تفوق مخاطر وجود مئات الآلاف من الطلاب الصينيين في الولايات المتحدة، خصوصاً أولئك الذين يعملون في العلوم الفيزيائية أو في التقنيات المتقدمة.

وفي إعلانه الموجز، أشار روبيو، إلى أن العديد من الطلاب يُشكلون تهديدات محتملة. وقال إن الطلاب الذين ستُلغى تأشيراتهم يشملون أولئك الذين تربطهم صلات بالحزب الشيوعي الصيني، أو الذين يدرسون في «مجالات حيوية». ولم يُحدّد عدد الأشخاص المتأثرين، ولم يُعرّف «المجالات الحيوية».

كما لم يُحدّد أنواع العلاقات مع «الحزب» التي ستُعتبر محفوفة بالمخاطر، أو كيف سيحدد المسؤولون هذه الروابط. وإذا كانت هذه التحركات عدوانية، كما قال روبيو، فإن بعض الروابط الشعبية والتبادلات المؤسسية ستنتهي بلا شك، وهي بالضبط النتيجة التي يسعى كبار مسؤولي إدارة ترامب إلى تحقيقها في إطار حملتهم لفك الارتباط.

ويقول الباحث الأول في سياسات التعليم بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، جون أوبري دوغلاس، إن «القومية الجديدة التي يتبنّاها ترامب تُترجم إلى (حرب باردة أكاديمية جديدة) تتضمن هجمات وقيوداً غير ضرورية على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الدوليين».

ويضيف: «تقوم جامعات الأبحاث الكبرى فعلاً بفحص وتقييد مشاركة الطلاب الصينيين، ومعظمهم طلاب الدراسات العليا، في الأبحاث في مجالات تُعتبر مخاطر محتملة على الأمن القومي، وذلك بالتعاون مع المسؤولين الفيدراليين».

ومن شبه المؤكد أن الإجراءات الجديدة لإدارة ترامب ستساعد الصين على إبقاء مواهبها أقرب إلى الوطن، في وقت يحاول فيه المسؤولون الأميركيون عرقلة تقدّم البلاد في مجال الذكاء الاصطناعي، وغيره من التقنيات المتقدمة.

وفي غضون ذلك، تواصل حفنة من المؤسسات الأميركية، بما في ذلك جامعة ديوك وجامعة نيويورك و«برنامج شوارزمان» للمنح الدراسية، إدارة فروع أو فصول دراسية في الصين، لكن جهودها تُصبح أكثر هشاشة في كل مرة ينشأ فيها صراع جديد بين الولايات المتحدة والصين.

هدنة مؤقتة

وفي الوقت الحالي، تعدّ الحرب التجارية المصدر الأكبر للخلاف. ففي أبريل، فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 145% على السلع الصينية، لكنه خفّضها إلى 30%، وهي نسبة لاتزال كبيرة، بعد أن اتفق المسؤولون الأميركيون والصينيون على هدنة مؤقتة هذا الشهر. وخفّضت الصين، الرسوم الجمركية على السلع الأميركية من 125% إلى 10%. ويوم الخميس الماضي، وافقت محكمة استئناف فيدرالية على الإبقاء مؤقتاً على العديد من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين وشركاء تجاريين آخرين، بعد يوم من إعلان لجنة من القضاة الفيدراليين أن العديد من هذه الرسوم غير قانونية.

واستفاد المستهلكون الأميركيون لعقود من السلع الرخيصة نسبياً المصنّعة في الصين، حيث تكون تكاليف العمالة وتجهيز المصانع أقل بكثير من مثيلتها في الولايات المتحدة.

لكنّ ترامب وعدداً من كبار مساعديه، بمن فيهم روبيو، يقولون إن هدفهم هو إنعاش قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة. ومع ذلك لا توجد أي مؤشرات على أن الشركات في الولايات المتحدة ودول أخرى، تنوي إنشاء مصانع جديدة بأعداد كبيرة في أميركا.

ويقول راش دوشي، إنه لتحقيق فصل فعال لبعض الصناعات، ينبغي لإدارة ترامب العمل مع حلفائها لنقل مواقع التصنيع، وتغيير سلاسل التوريد العالمية.

ويضيف: «على هذه الجبهة، يبدو أنهم لا يتحركون بالسرعة التي كنا نأملها»، مختتماً بقوله: «إن الفصل الفعلي قد يتحقق من خلال ضوابط تصدير التكنولوجيا والآلات والموارد الطبيعية الحيوية».

وخلال إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، كان دوشي أحد مهندسي سياسة تهدف إلى الحد من صادرات رقائق أشباه الموصلات المتقدمة، وبعض تقنيات تصنيع الرقائق إلى الصين، لعرقلة تقدمها في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، وغيرهما من المجالات.

ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، هذا النوع من السياسات الجراحية بـ«إزالة المخاطر»، وتبنّى مساعدو بايدن هذا المصطلح.

وتُظهر الصين استعدادها لخوض هذه اللعبة. فقد وجهت ضربة للولايات المتحدة في أبريل، بقرارها حظر تصدير المعادن والمغناطيسات الأساسية، رداً على تصعيد ترامب للرسوم الجمركية.

وتعتمد الصناعات الأميركية على هذه المعادن والمغناطيسات لإنتاج مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك الطائرات والمركبات الكهربائية والأسلحة.

ويوم الخميس الماضي، أعلنت إدارة ترامب ضوابط تصدير جديدة، بما في ذلك قيود على بيع برامج تصميم الرقائق. ويُعتبر التصعيد من كلا الجانبين بمثابة «حرب سلاسل توريد». لكن في نهاية المطاف، قد تكون أكبر عواقب جهود فك الارتباط هي فقدان التفاهم المتبادل، وهو نتيجة حتمية لقطع العلاقات الذي كان - في بعض مراحل التاريخ - مقدمة للصراع المسلح.

ويقول روث: «هناك بالتأكيد مخاوف أمنية مشروعة في بعض مجالات البحث، لكن القدرة على التحدث مع الطلاب الصينيين حول الثقافة الأميركية، والحرية الأميركية، والبحث الأميركي، والاستماع إلى وجهات نظرهم حول ما نقوم به وما يفعلونه في بلادهم، قد أثرت حياة العديد من الطلاب الأميركيين والصينيين على مدى فترة طويلة من الزمن». عن «نيويورك تايمز»


إعادة توجيه الطلاب

يقول الزميل البارز في مجال الصحة العالمية في مجلس العلاقات الخارجية، يانزونغ هوانغ: «يمكن للصين إعادة توجيه طلابها إلى هونغ كونغ أو المملكة المتحدة أو سنغافورة، مع الترويج لجامعاتها كمراكز عالمية».

ويضيف: «على المدى الطويل، قد تعزز بكين التعليم العالي المحلي، وتستقطب المواهب الأميركية لتقليل الاعتماد على المؤسسات الأميركية».

وصرح الرئيس الصيني، شي جينبينغ، خلال زيارة للولايات المتحدة في نوفمبر 2023، بأن الصين ترغب في استقبال 50 ألف طالب أميركي على مدى خمس سنوات. وفي العام الماضي، درس نحو 800 أميركي في الصين. وفي عام 2019، قبل جائحة كورونا، كان عددهم نحو 11 ألفاً.

. إجراءات إدارة ترامب تعد بمثابة حملة شرسة لفصل الولايات المتحدة عن الصين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق