المقاومة الفلسطينية .. من الحجارة إلى الطائرات المسيّرة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المقاومة الفلسطينية .. من الحجارة إلى الطائرات المسيّرة, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 07:23 صباحاً

ولادة مقاومة شعبية في وجه الاحتلال .. منذ نكبة 1948، لم تتوقف المقاومة الفلسطينية عن البحث عن أشكال وأساليب تُمكّنها من الدفاع عن الأرض والهوية. غير أن الانتفاضة الأولى عام 1987 شكّلت نقطة تحول مفصلية في مسار النضال، إذ خرج الفلسطينيون من عباءة التنظيمات المسلحة التقليدية، وأعادوا تعريف المقاومة بوسائل بسيطة، كان أبرزها الحجارة. لم تكن الحجارة مجرد أداة، بل رمزًا لشعب أعزل يواجه جيشًا مدججًا بالسلاح بإرادة لا تنكسر

في أزقة غزة وقرى الضفة، حمل الشبان حجارتهم بيد، وكرامتهم بالأخرى. سقط منهم شهداء كُثر، لكنهم أسّسوا لمرحلة جديدة من الصراع، عنوانها: لا مساومة على الحقوق، ولا استسلام مهما بلغت قوة العدو

تحول تكتيكي... وبداية التنظيم العسكري

مع بداية الألفية الجديدة واندلاع الانتفاضة الثانية، تطورت أساليب المقاومة باتجاه العمل المسلح المنظم. ظهرت خلايا عسكرية تنتمي لفصائل متعددة، مثل كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب شهداء الأقصى، أصبحت العمليات الاستشهادية إحدى أبرز أدوات الرد، وأربكت الاحتلال أمنيًا وسياسيًا

هذا التحول لم يكن عشوائيًا، بل جاء نتيجة تطور الوعي الفلسطيني بضرورة التوازن التكتيكي في مواجهة التفوق الإسرائيلي، ورغم اختلال موازين القوة، أثبتت المقاومة قدرتها على ابتكار أساليب غير تقليدية تُربك المنظومة الأمنية الإسرائيلية وتعزز صمود الفلسطينيين

حروب غزة... اختبار للمقاومة المسلحة

شهدت غزة منذ عام 2008 عدة حروب شرسة، كانت كل واحدة منها اختبارًا جديدًا لقدرات المقاومة. فمع كل جولة، كانت الفصائل تطوّر تكتيكاتها، وتوسّع مدى صواريخها، وتُدخل عناصر جديدة إلى المعادلة. ففي عدوان 2012، أُطلقت صواريخ وصلت إلى تل أبيب لأول مرة، وفي 2014، ظهرت أنفاق هجومية اخترقت حدود الاحتلال. أما في 2021، فقد دخلت الطائرات المسيّرة المصنعة محليًا إلى الميدان، ما شكّل نقلة نوعية في شكل المعركة

رغم الفارق الهائل في التسليح والتكنولوجيا، لم تتمكن إسرائيل من حسم أي معركة ضد غزة، بل ازدادت شعبيّة المقاومة محليًا وإقليميًا، وتكرّس في الوعي الجمعي أن الاحتلال لا يملك التفوّق المطلق

الحصار والمقاومة .. معركة الوعي والإرادة

فرضت إسرائيل الحصار على غزة في محاولة لتقويض المقاومة وفرض الاستسلام عبر الحصار الاقتصادي، لكنها وجدت نفسها أمام مقاومة تمتلك إرادة فولاذية وشعبًا يُعيد تدوير المعاناة إلى وقود نضال، فالمصانع المحلية بدأت بإنتاج أسلحة بدائية، ثم متطورة، في ظل الحصار، بل إن مهندسين فلسطينيين طوروا صواريخ وطائرات مسيّرة باستخدام معدات بسيطة، متحدّين القيود والمراقبة

إلى جانب السلاح، استمرت المقاومة الشعبية والإعلامية، عبر تنظيم المسيرات السلمية، كما حدث في “مسيرات العودة”، التي أحرجت الاحتلال أمام العالم، وأثبتت أن المقاومة لا تنحصر بالبندقية فقط، بل تتعدد أدواتها

المقاومة الرقمية... جبهة جديدة للصراع

في العقد الأخير، برزت المقاومة الرقمية كأحد أقوى الأسلحة التي يستخدمها الفلسطينيون لمواجهة الرواية الإسرائيلية عالميًا. الناشطون الفلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي نجحوا في إيصال صوتهم بلغات عدة، وكشفوا جرائم الاحتلال بالصوت والصورة، ما أدى إلى حراك شعبي عالمي وتضامن واسع، خاصة بين الشباب.

هذا التحول في طبيعة المواجهة جعل الاحتلال يخوض معركة سيبرانية موازية، تمثلت في حملات حجب للمحتوى الفلسطيني على المنصات، واختراق الحسابات، ومحاولة تشويه السردية الفلسطينية، وهو ما رد عليه الفلسطينيون بابتكار منصات بديلة وفضح ممارسات الرقابة.

وحدة الساحات: تكامل الجغرافيا والنضال

برز في السنوات الأخيرة مفهوم "وحدة الساحات"، والذي يقوم على تنسيق المقاومة في غزة مع المقاومين في الضفة الغربية، وحتى داخل الأراضي المحتلة عام 48. العمليات الفدائية التي نُفذت في قلب تل أبيب أو القدس لم تكن فردية، بل نتاج بيئة مقاومة موحدة لا تعترف بالتجزئة

كما أن التنسيق بين الفصائل أصبح أكثر احترافية، خصوصًا خلال المعارك، حيث يتم توزيع الأدوار، وتحديد بنك الأهداف، وتفعيل غرف العمليات المشتركة، ما يعكس تطورًا في بنية المقاومة وقدرتها على العمل الجماعي رغم الضغوط والانقسام السياسي.

المقاومة ليست إرهابًا... بل حق مشروع

رغم محاولات إسرائيل المتكررة لتصوير المقاومة على أنها إرهاب، فإن القانون الدولي يكفل للشعوب تحت الاحتلال حق المقاومة بكافة الوسائل، وهذا ما تؤكده اتفاقيات جنيف، الفرق بين الإرهابي والمقاوم هو أن الأول يعتدي بلا مبرر، والثاني يدافع عن وطنه ضد قوة غاشمة تسلبه أرضه وتقتل أبناءه

المقاومة الفلسطينية ليست خيارًا، بل ضرورة وواجب وطني، وهي التعبير الأسمى عن كرامة شعب يرفض أن يعيش ذليلًا، حتى وإن كان الثمن هو حياته. وهي اليوم تمثل مدرسة نضالية ألهمت شعوبًا أخرى، من أمريكا اللاتينية إلى جنوب إفريقيا.

المستقبل .. مقاومة أكثر ابتكارًا

ما يميز المقاومة الفلسطينية أنها لا تتوقف عند شكل معين، بل تتطور بحسب المتغيرات. فبعد الطائرات المسيّرة، بدأت المقاومة تهتم بالحرب السيبرانية، وتطوير الذكاء الاصطناعي في الرصد والمراقبة، واستثمار الإعلام البديل لتعزيز حضورها. كما تعمل على كسر الحصار عبر أدوات دبلوماسية وشعبية.

ربما لا تملك غزة طائرات F-16، لكنها تملك شبابًا لا يخشون الموت، وعقولًا تعرف أن الحق لا يُؤخذ بالتوسل، بل يُنتزع بالتصميم والثبات.

المقاومة الفلسطينية، غزة، كتائب القسام، سرايا القدس، الطائرات المسيّرة، صواريخ المقاومة، الانتفاضة الفلسطينية، حروب غزة، الاحتلال الإسرائيلي، العمليات الاستشهادية، الحصار على غزة، وحدة الساحات، الإعلام الفلسطيني، المقاومة الشعبية، الحق في المقاومة

أخبار ذات صلة

0 تعليق