ذكرى ميلاد محمد حسنين هيكل.. كتاب لمصر لا لعبد الناصر يجسد العلاقة الفريدة بين الرئيس الراحل والجورنالجي

الشروق 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

محمود عماد
نشر في: الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 5:30 م | آخر تحديث: الإثنين 23 سبتمبر 2024 - 5:30 م

تحل اليوم الذكرى الـ101 لميلاد الكاتب والصحفي الأشهر محمد حسنين هيكل، والذي ولد في 23 سبتمبر عام 1923، ورحل عن عالمنا في 17 فبراير عام 2016 عن عمر ناهز 92 عاما.

محمد حسنين هيكل الصحفي الأكبر والأكثر تأثيرا في تاريخ الصحافة المصرية على مدار أكثر من 70 عاما، رئيس تحرير جريدة الأهرام الأشهر، والذي صنع من الأهرام المؤسسة الكبيرة التي نعرفها الآن، والذي شغل منصب رئيس تحريرها لأكثر من 17 عاما، ولم يقتصر تأثير هيكل فقط على الصحافة فقط، بل الإعلام والثقافة بشكل عام، بل واتصل بالسياسة لسنوات وسنوات.

واتصاله القوي بالسياسة ورجالها، حتى يعطي مذكراته عنوان «بين الصحافة والسياسة»، وذلك سواء كونه رجل صحافة من أعمدة النظام، وهذا النظام بالتأكيد هو النظام الناصري، أو رجل كان قريبا للغاية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وخاصة قبل حرب أكتوبر في بدايات حكم السادات، وبعدها عارض النظام الساداتي وسياسة الإنفتاح، حتى تم إعتقاله في إعتقالات سبتمبر عام 1981 الشهيرة، أو أحد الصحفيين الذي ناصب نظام مبارك الفتور، ووصفه بأنه النظام الذي شاخ على مقاعده، وأيد ثورة يناير عام 2011، أو رجل صحفي كبير رفض النظام الإخواني رغم تغزله فيه، ودعم ثورة يونيو عام 2013، ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي سواء قبيل ترشحه، أو في بدايات حكمه، داعيا له "ربنا يكون في عونه".

ولكن تظل علاقته الأقوى بالنظام الناصري، وبرأسه الأكبر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والذي كان صديقا لهيكل، وكان هيكل بمثابة المستشار الشخصي لعبد الناصر في الدولة الناصرية من منتصف الخمسينات، وحتى بداية السبعينات.

تلك العلاقة بين ناصر وهيكل كانت علاقة شديدة التفرد بين صحفي ورئيس جمهورية، أمن هيكل بالمشروع الناصري وبزعامة جمال عبد الناصر، وكان صوت ناصر ونظامه في مقالاته في بابه الأشهر "بصراحة" الذي ظل هيكل يكتبه لسنوات في جريدة الأهرام الذي شغل رئاسة تحريرها كما ذكرنا لأكثر من 17 عام.

ووثق ناصر في هيكل ثقة فريدة، حتى أنه عرض عليه تولي وزارة الإعلام، أو الإرشاد كما كانت تسمى في قت سابق، في أربع مناسبات مختلفة في حقب مختلفة، ولكن كان يرفض هيكل ويتمسك بذلك القرب الإستشاري من ناصر، وبرئاسة تحرير جريدة الأهرام الذي جعلها هيكل جريدة الأهرام التاريخية، ولكنه وبعد نكسة يونيو عام 1967، قرر ناصر في عام 1970 تعيين هيكل وزيرا للإعلام، ووافق هيكل لما يحمله الموقف من خطورة في ظل ذلك الوقت الحرج.

ويقول هيكل بنفسه عن علاقته بعبد الناصر ويصفها بأنها كانت فى حوار مستمر حتى 28 سبتمبر 1970 وهو تاريخ وفاة ناصر نفسه: «لم أكن أفصل، بمعنى أننى كنت أكتب ما أتكلم حوله مع عبدالناصر، وحدث أن تناقشنا ساعات فى قضايا وآراء، وكان بيننا فيها اتفاق على ألا أتناولها فى مقالاتى أبدا، ومع ذلك هناك كثيرون كانوا يفترضون أننى أذهب إلى عبدالناصر يوم الخميس لآخذ منه أفكار مقالاتى يوم الجمعة، وهذا التصور سبّب لى إحراجات كثيرة، لكننى أجزم بأن الاتفاق الذى بيننا أن يكون نقاشا وتبادل الآراء بيننا بمعزل عن المقالات، وكان هذا الاتفاق ينفذ بدقة».

وحتى بعد رحيل ناصر ظلت العلاقة الفريدة تربط هيكل باسم وروح ناصر، وعندما تعرض جمال عبد الناصر لهجمة وحملة شرسة لنيل منه ومن مشروعه، كتب هيكل واحدا من كتبه الأشهر "لمصر لا لعبد الناصر"، والذي كتبه على هيئة مقالات نشرت خارج البلاد، ليدافع فيها عن ما قدمه عبد الناصر لمصر وعن مشروعه أمام الحملة التي شنت عليه. وقال هيكل عن الحملة التي تم شنها على عبد الناصر، بعد رفضه للمناصب التي عرضت عليه ليتولاها في النظام الساداتي: «إننى وقد اعتذرت عن عدم تولى المنصب أريد ولوجه الله والوطن أن أنبه إلى مخاطرها، فهذه الحملة ستؤدى ضمن ما تؤدى إليه إلى تقويض شرعية النظام، لأنها تضرب فيه عند الأساس».

وأضاف: «إننى وقد اعتذرت عن عدم تولى المنصب أريد ولوجه الله والوطن أن أنبه إلى مخاطرها، فهذه الحملة ستؤدى ضمن ما تؤدى إليه إلى تقويض شرعية النظام، لأنها تضرب فيه عند الأساس». ولكن استمرت الحملة على عبدالناصر بعد ذلك، ولم يجد هيكل مفرا من بدء نشر المقالات التي تدافع عن ناصر، ولكن خارج مصر، وكانت المقالات بعنوان «لمصر لا لعبدالناصر»، والتى تم جمعها بعد ذلك في الكتاب بنفس الاسم، ويبلغ عدد المقالات 12 مقال. حمل كل منها لقب «حديث»، وهى على الترتيب «الحملة على جمال عبدالناصر.. ماذا وراءها؟ ومن وراءها؟»، و«مجموعة القيم الاجتماعية لدى جمال عبدالناصر»، و«الحكم القائم فى مصر الآن وقضية عبدالناصر»، و«حكايات المذابح: اليمن.. القضاء.. وحرية الصحافة»، و«قصة التجاوزات: الاعتقالات والحراسات والفصل التعسفى»، و«نيران الصراع الطبقى.. من أشعلها فى مصر»، و«هل وزع الفقر وخلف وراءه تركة مثقلة»، و«عبدالناصر والحركة العربية العامة»، و«النكسة.. 1967»، و«الصدام مع الولايات المتحدة الأمريكية»، و«عبدالناصر وفتح الأبواب للاتحاد السوفيتى»، و«نهاية المطاف».

ويقول هيكل في مقدمة الكتاب: «حاولت قدر ما أستطيع أن أتجنب الكتابة عن جمال عبد الناصر، وحياته الحافلة وتجربته الكبيرة، ولم أقترب من الحديث عنه إلا عند الضرورة القصوى.. فعلت ذلك مرة فى أعقاب رحيلة مباشرة ونشرت مقالا فى ذكرى الأربعين بعنوان "عبد الناصر ليس أسطورة)، أبديث فيه خشيتى من استغلال المستغلين، لأغراضهم لقصة البطل فيه والرمز، وعبرت عن مخاوفى من تحويل تراثه إلى كهنوت غيبى، بينما هو فى الحقيقة تجربة إنسانية زاخرة قابلة للحياة والنمو والتطور، ثم فعلت أخيرا وقبل شهور وكانت الحملات ضده فى مصر قد تصاعدت، أردت أن أنبه إلة مقاصده وإلى مصادرها».

حاول هيكل في المقالات، التي جمعت بعد ذلك في الكتاب الدفاع عن الحلم الناصري في جوهره، وعن مشروع عبد الناصر الخاص مصر، وحاول عدم تأليه جمال عبد الناصر أو جعله أسطورة، وفي نفس الوقت عدم بخثه حقه فيما قدمه ناصر لمصر، وحاول تحليل ما وراء تلك الحملة على ناصر، وأخرج بعض ما في جعبته من أرشيفه الخاص الذي جمعه بعبد الناصر، ومن أهم تلك الأشياء كانت محاولة إغتيال المخابرات الأمريكية لناصر ثلاث مرات مختلفة ، وحاول تفنيد كل شئ جوهري له علاقة بالنظام الناصري والهجوم عليه، ونشر الكتاب في طبعات عدة، ومنها بالطبع الطبعة الأحدث، والتي صدرت عن دار الشروق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق