مسؤولون ورواد أعمال يبحثون أدوار التكنولوجيا في تعزيز الشمول المالي

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أجمع مسؤولون ماليون ورواد أعمال خلال ندوة نظمها صندوق الإيداع والتدبير للاستثمار “CDG INVEST”، فرع الاستثمار التابع لـ”سي دي جي”، اليوم الثلاثاء في الرباط، على الدور الحاسم للتكنولوجيا في تعزيز الشمول المالي ودعم الابتكار في القطاع المالي بالمغرب وإدماج المزيد من المواطنين في النظام المالي، وبالتالي بناء اقتصاد مستدام تماشيا مع حجم الرهانات الكبرى والتحديات التي تواجه المملكة.

وأكد المتدخلون خلال جلستي العمل اللتين تخللتا هذه الندوة المعنونة بـ”فرصة التكنولوجيا المالية من أجل مغرب أكثر شمولا”، على ضرورة التأسيس لنموذج مغربي في الشمول المالي والدفع في اتجاه وقف نزيف المعاملات النقدية “الكاش” باعتبار تأثيرها على السوق النقدية، وتشجيع الانخراط في الموجة الرقمية من خلال حلول مبتكرة، مع استغلال التكنولوجيا من أجل تحسين وصول الجميع إلى الخدمات المالية.

في هذا الصدد، قال خالد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، في كلمة له بهذه المناسبة، إن “هذا اللقاء يتناول موضوعا مهما ومستقبليا بالنسبة لاقتصادنا الوطني، ألا وهو موضوع الشمول المالي، إذ سيتم من خلاله استكشاف الفرص التي توفرها التكنولوجيا المالية والبحث في محددات خلق نموذج للابتكار المالي قادر على تحفيز وتطوير اقتصاد أكثر شمولية ودينامية في بلدنا”.

وأوضح سفير في كلمة أمام الحضور أن “شركات التكنولوجيا المالية توظف الآليات والوسائل الرقمية من أجل تقديم حلول بسيطة وسريعة ومكيفة مع احتياجات المواطنين، مع إيلاء الاهتمام أيضا لأمنهم الرقمي”، مشيرا إلى أن “التكنولوجيا المالية في إفريقيا تواصل رسم مشهد استثمارات رأس المال المُخاطر، بما أنها تستجيب لحاجات أساسية في قارة لا تتعامل شريحة واسعة من مواطنيها مع البنوك”.

وشدد المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير على أن “المغرب بدوره لا يمكن أن يقفز على هذه الحاجة إلى الإدماج والشمول المالي”، مسجلا في الوقت ذاته أن “الرهانات بالنسبة للمملكة تبقى متعددة، إذ يقع الشمول المالي وتقليص دائرة التعامل بالنقد (الكاش)، ثم التحول نحو اقتصاد رقمي، في صلب أولوياتنا”.

وأكد المتحدث أن “المغرب وبتوجيهات من الملك محمد السادس، قام بمجهودات جد مهمة من أجل إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتحفيز الإدماج المالي، كما سرع من وتيرة الانتقال الرقمي من خلال دعم تطور النظام البيئي لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة، بهدف دعم جاذبية الاقتصاد وتعزيز تنافسيته على المستوى العالمي”.

ولفت إلى أن “الهيئات التنظيمية المالية تلعب دورا كبيرا في تشجيع الابتكار المالي”، معتبرا أن “التكنولوجيا المالية يمكن أن تلعب دورا محوريا في إدماج عدد مهم من المواطنين في النظام المالي وتحفيز الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من المستثمرين”، معبرا في ختام كلمته عن أمله في أن “يؤسس اللقاء لمسار جديد من الشراكة والتعاون بين مختلف المتدخلين للمساهمة في تطوير هذا القطاع الواعد”.

من جهتها، أوردت سراح العمراني، الكاتبة العامة لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أن موضوع جعل التكنولوجيا المالية في خدمة الإدماج المالي يكتسي أهمية بالغة ويقع ضمن انشغالات الوزارة لما يوفره من فرصة لبناء مغرب أكثر شمولية وإدماجا واتصالا مع الاقتصاد العالمي”.

وذكّرت المسؤولة ذاتها في كلمة لها بالخطاب الملكي الموجه إلى القمة الاستثنائية لزعماء ورؤساء حكومات الدول الإفريقية المنعقدة بكيغالي في سنة 2018، الذي أكد فيه أن الرقمية غيرت وجه القارة السمراء بفعل الانخراط الفعلي لشبابها المسلح بروح الإبداع والإقدام، مسجلا أن “الفضل في هذه القفزة الرقمية يعود إلى المقاولات الناشئة النشطة في عدة مجالات… فالشباب من ذوي الدخل الضعيف هم في الغالب من يقودون عملية الابتكار هذه. وبالتالي، فحري بنا أن نضع العناية بهم في صلب سياساتنا العمومية”.

وتابعت الكاتبة العامة لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة بأنه “بناء على التوجيهات الملكية، قامت وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بالتشاور مع الأطراف المعنية، بوضع استراتيجية المغرب الرقمي التي تولي أهمية كبرى لشركات التكنولوجيا المالية الناشئة، بحيث وضعتها في صلب النظامي البيئي الرقمي”، مضيفة أن “الاستراتيجية تقوم على مجموعة من الركائز الأساسية التي تروم دعم الابتكار والترويج لعلامة [صنع في المغرب] في المجال الرقمي”.

وأشارت إلى “عرض startup-maroc الذي يهم مواكبة الشركات الناشئة في مختلف دورات حياتها، بما فيها الدعم المالي والمواكبة من خلال برامج موجهة”، مبرزة “انخراط وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة في العديد من المبادرات لدعم وتطوير النظام البيئي للشركات الناشئة والتكنولوجيا المالية من أجل جعله مدخلا مهما للنمو والازدهار في المغرب”.

جلسة العمل الأولى التي تداول فيها المشاركون في شأن كيفية جعل التكنولوجيا المالية في قلب الرهانات والتحديات التي يواجهها المغرب وإفريقيا، افتتحتها فدوى جوالي، رئيسة مصلحة تطوير التكنولوجيا المالية والأداءات ببنك المغرب، التي قالت إن الأخير “أطلق مجموعة من المبادرات بهدف دعم الإدماج المالي منذ سنة 2016، ووضع البنية التحتية التي تحتاجها البلاد للسير في هذا المسار وتطوير وسائل الأداء وخدمات التمويل، وإتاحتها إلى جميع الأشخاص على قدم المساواة”.

وأضافت المتحدثة أن “الحلول البديلة تمكن من تحقيق هذا الهدف، وهنا يظهر دور شركات التكنولوجيا المالية التي يمكن أن تضن الوصول إلى مختلف هذه الخدمات وتجاوز العقبات الضريبية وكذا الجغرافية، من خلال البحث عن حلول تستجيب للاحتياجات الخاصة للأفراد، ذلك أن حاجة المرأة القروية، مثلا، تختلف عن حاجة نظيرتها في العالم الحضري”.

وأكدت رئيسة مصلحة تطوير التكنولوجيا المالية والأداءات ببنك المغرب أن “المغرب يتوفر على نظام بنكي يستجيب لحاجيات المالية لكل شخص، لكن علينا الذهاب أبعد من ذلك، ومن هنا بدأنا نتحدث عن الأداء بالهواتف ومختلف الحلول الأخرى البديلة التي تستند إلى التكنولوجيا”.

متحدثا خلال جلسة العمل الثانية التي تداول فيها المتدخلون حول آليات تأسيس نموذج مغربي في الابتكار المالي، قال إسماعيل بلخياط، صاحب منصة “شاري” للتجارة الإلكترونية، إن “الرهان المطروح اليوم هو التخلص من الأداء النقدي الذي يتجاوز حجمه 400 مليار درهم”، مضيفا أن “هناك بعض الدول الآسيوية حتى المتسولون فيها باتوا يقبلون الأداء بشكل إلكتروني”.

وأشار المتحدث إلى أن “المغاربة من بين الشعوب الأكثر استعمالات للإنترنت ولمواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن الجميع تقريبا لديهم هواتف، بمن فيهم تجار القرب لكنهم مازالوا يفضلون المعاملات النقدية على نظيرتها الإلكترونية”، معتبرا أن “الانتقال الرقمي يجب أن يوازيه أيضا إدماج مالي، خاصة وأننا مقبلون على تنظيم كأس العالم الذي سيعرف توافد الملايين الذين سيتوجهون إلى أحد محلات البقالة، مثلا، وسيرغبون في الأداء ببطائقهم البنكية، وبالتالي يتعين معالجة هذا الإشكال”.

نادية بوهوش، مكلفة بمهمة بالهيئة المغربية لسوق الرساميل، قالت من جهتها إن “الهيئة مهتمة وتؤمن بموضوع الشمول المالي”، مشيرة في هذا الإطار إلى مجموعة من الخطوات والمبادرات التي اتخذتها الهيئة التي تمثلها على هذا المستوى، على غرار إطلاق بوابة إلكترونية مخصصة للتكنولوجيا المالية بهدف مواكبة الفاعلين في هذا القطاع وحاملي المشاريع لتنفيذ وتنزيل مشاريعهم ودعم التحول الرقمي في القطاع المالي.

ولفتت المتحدثة إلى أن “البوابة الإلكترونية المحدثة سمحت لنا بالتعرف على مدى الاهتمام بالتكنولوجيا المالية في المغرب، حيث جرت معالجة أكثر من 60 ملفا، 80 في المائة منها بجهتي الرباط والدار البيضاء، و20 في المائة الأخرى تهم باقي جهات المملكة”، مضيفة أن “المثير للاهتمام أن الشباب ما بين 25 و45 سنة هم الفئة الأكثر اهتماما بمجال التكنولوجيا المالية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق