الطاقة والذكاء الاصطناعي.. هل تفي الشبكة بمتطلبات المستقبل؟

رؤية الاخبارية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
2

قبل 45 عامًا، أطلقت هوليوود فيلم “The China Syndrome”، الذي أثار قلقًا واسعًا بشأن كارثة نووية محتملة، الفيلم يصور انفجارًا في محطة نووية في كاليفورنيا، مما دفع إلى تساؤلات حول مخاطر أن ينصهر قلب المفاعل وينفذ إلى أعماق الأرض وصولاً إلى الصين.

المثير للدهشة أن أقل من أسبوعين بعد عرضه، وقع حادث نووي جزئي في محطة “ثري مايل آيلاند” في ولاية بنسلفانيا، مما أثار جدلاً واسعًا حول استخدام الطاقة النووية في الولايات المتحدة.

إعلان مريب

لكن بعد نصف قرن تقريبًا، ظهرت تقنية جديدة غيّرت كل التوقعات، فقد وصف الرئيس التنفيذي لشركة “جوجل”، سوندار بيتشاي، الذكاء الاصطناعي بأنه “أكثر عمقًا من الكهرباء أو النار”، وأعلنت “مايكروسوفت” بالتعاون مع “كونستليشن إنرجي” عن استثمار بقيمة 1.6 مليار دولار لإعادة تشغيل مفاعل نووي متوقف في “ثري مايل آيلاند” لدعم احتياجات الذكاء الاصطناعي الهائلة من الطاقة.

ومع سباق عالمي للاستفادة من القدرات الاقتصادية والعسكرية للذكاء الاصطناعي، يبدو أن مخاوف الطاقة النووية القديمة تراجعت أمام الضرورات الجديدة.

الحاجة المتزايدة للطاقة لتشغيل الذكاء الاصطناعي

بحسب تقرير صادر عن صحيفة “فورين بوليس” الاثنين 14 أكتوبر 2024، فإنه لا يخفى على أحد أن الذكاء الاصطناعي يتطلب كميات هائلة من الطاقة، فعلى سبيل المثال، استخدام أداة مثل “ChatGPT” يمكن أن يستهلك عشر مرات أكثر من الطاقة التي يتطلبها بحث عادي على “جوجل”، ووفقًا لتوقعات “معهد أبحاث الطاقة الكهربائية”، ستشكل مراكز البيانات حوالي 9% من استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، مقارنةً بـ 4% حاليًا.

وتتوقع “جولدمان ساكس” أن الثورة في مجال الذكاء الاصطناعي ستتطلب إضافة قدر من الطاقة إلى الشبكة الكهربائية عالميًا بحلول عام 2030 يساوي إنتاج اليابان بأكمله،

هذه الحاجة المتزايدة للطاقة تأتي في وقت تواجه فيه شبكة الكهرباء الأمريكية تحديات كبيرة، فالشبكة، التي تواجه بالفعل صعوبات في التعامل مع مصادر الطاقة المتقطعة مثل الطاقة الشمسية والرياح، غير مجهزة للتعامل مع الاستخدام المتزايد للطاقة، في مناطق مثل كاليفورنيا وفيرجينيا، بدأت الشركات ترفض توصيل مراكز بيانات جديدة إلى الشبكة بسبب قيود في توليد الكهرباء ونقلها.

كيف تتعامل شركات التكنولوجيا الكبرى مع التحدي؟

في ظل هذه التحديات، لا يمكن لشركات التكنولوجيا الكبرى مثل “أمازون” و”جوجل” و”مايكروسوفت” المخاطرة بعدم الحصول على الطاقة اللازمة، على سبيل المثال، قامت “أمازون” بشراء محطة نووية في بنسلفانيا لتأمين الطاقة لاحتياجات الذكاء الاصطناعي، أما “مايكروسوفت”، فقد أعادت تشغيل مفاعل نووي متوقف منذ سنوات.

ولكن هذه الخطوات لا تحل المشكلة بالكامل، فمن غير المتوقع أن تكون هناك الكثير من المحطات النووية الجاهزة لإعادة التشغيل في الولايات المتحدة، في المقابل، تبدو مثل هذه الخيارات أكثر منطقية في دول مثل اليابان وألمانيا، حيث أُغلقت أساطيلها النووية بعد كارثة “فوكوشيما”. ومن المثير للاهتمام أن بعض الأحزاب المعارضة في ألمانيا بدأت تطالب بوقف تفكيك المحطات النووية، في ظل ارتفاع أسعار الكهرباء.

العقبات التي تواجه الطاقة المتجددة

قبل بناء المزيد من محطات الطاقة الشمسية والرياح في الولايات المتحدة، لا بد من تجاوز عقبات مثل تصاريح البناء وتوفير البنية التحتية اللازمة لنقل الكهرباء، ورغم أن مصادر الطاقة المتجددة تعد جزءًا من الحل، إلا أنها ليست مناسبة تمامًا لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب إمدادات طاقة مستقرة على مدار الساعة.

في ظل هذه التحديات، قد يكون الغاز الطبيعي هو الخيار الأقرب لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في الولايات المتحدة في المدى القصير، ورغم أن شركات التكنولوجيا تفضل استخدام الطاقة النظيفة، فإن الواقع يفرض على هذه الشركات أحيانًا تقديم الأولويات الاقتصادية على الالتزامت البيئية، كما فعلت “جوجل” عندما تخلت عن هدفها بأن تصبح محايدة كربونيًا بسبب زيادة استهلاك الطاقة من الذكاء الاصطناعي.

التداعيات الأمنية والاقتصادية

التحديات المتعلقة بتوفير الطاقة لا تؤثر فقط على مكان بناء مراكز البيانات، بل تثير أيضًا مخاوف أمنية واقتصادية، فإذا عجزت الولايات المتحدة عن تلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة، قد تضطر شركات التكنولوجيا الكبرى إلى نقل استثماراتها إلى مناطق غنية بالطاقة، مثل دول الخليج، مما يثير تساؤلات حول نقل التكنولوجيا واحتمالية الوصول إلى الأنظمة الحيوية في فترات الأزمات.

مواجهة التحديات المستقبلية

مع تسارع التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، تبقى الولايات المتحدة في صدارة السباق، لكنها قد تخسر هذا التفوق إذا لم تتعامل بجدية مع أزمة الطاقة. لذلك، يتعين على الإدارة الأمريكية المقبلة اتخاذ عدة خطوات لضمان توفر البنية التحتية اللازمة لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي من الطاقة.

أولاً، يجب تقليل استهلاك الطاقة من خلال تحسين كفاءة الأنظمة الحوسبية. ثانيًا، يتعين على الحكومة تسهيل بناء مشروعات الطاقة الجديدة عبر إصلاح أنظمة التصاريح وتسريع الإجراءات. ثالثًا، يتوجب تعديل نموذج عمل المرافق العامة لتحفيز الشركات على بناء بنية تحتية جديدة واستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة.

الذكاء الاصطناعي ومستقبل الطاقة النظيفة

تحتاج الولايات المتحدة إلى تشجيع الأبحاث وتطوير تقنيات طاقة نظيفة مثل التكنولوجيا النووية المتقدمة والطاقة الحرارية الجوفية. ولكن حتى يتم الانتهاء من هذه المشاريع على نطاق واسع، قد تظل شركات التكنولوجيا تعتمد جزئيًا على الغاز الطبيعي لتلبية احتياجاتها من الطاقة.

الولايات المتحدة ما زالت تمتلك زمام الأمور في سباق الذكاء الاصطناعي، لكن استمرار هذا التفوق يتطلب تحسين البنية التحتية الكهربائية وتبني سياسات مرنة تتيح بناء مشروعات طاقة نظيفة بسرعة.

اقرأ أيضا:

إخلاء مسؤولية إن موقع مصر النهاردة يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق