وجد مقتولا في شقته في التاسع عشر من أكتوبر عام 1986، ومنذ ذلك التاريخ، ومنذ اللحظة التي تم فيها اكتشاف الجريمة، أحاطت الإثارة والتوتر بالقضية التي شغلت الرأي العام وهي مقتل شيخ المخرجين الأستاذ "نيازي مصطفي"، وكان علي رجال المباحث أن يبحثوا ويسيروا في كل الاتجاهات والبحث عن خيط يقودهم إلي إزالة الغموض والقبض علي القاتل المجهول.

كانت الأسئلة تدور وتلف وتحوم حول سؤال واحد: لماذا قتل نيازي مصطفي؟ ومن قتله؟.

كانت الإشارة التي وصلت قسم الشرطة، تم العثور علي جثة المخرج السينمائي نيازي مصطفي مقتولا في شقته التي تحمل رقم 12 بالعمارة رقم 1 بشارع قرة ابن شريك.

شيخ المخرجين وأشهر من أخرج أفلام الرعب في السينما المصرية والعربية وجدوه مقتولا في شقته، التي تتكون من ثلاث غرف ومطبخ وحمام، وغرفة صالون علي يسار المدخل، ومكتبة مليئة بالكتب تتصدر الجانب الأيمن من مدخل الشقة، ثم جهاز تليفزيون ضخم، ثم حجرة الطعام وبها منضدة خشبية امتلآ سطحها بالأوراق والدوسيهات المبعثرة وبوفيه خشبي مليء بالكتب القديمة.

بينما كانت غرف نوم المخرج القتيل، واسعة تقع في مواجهة الداخل إلي الشقة، ودولاب للملابس وأريكة وتسريحة، كانت جثة المخرج العجوز مسجاة علي الفراش، كان يرتدي جلباباً أبيض اللون، وبجوار رأسه قطعة قماش خاصة بمفرش المقعد، أما يداه قد كانتا مقيدتين من الخلف بواسطة ربطة عنق "كرافتة".

أثار الدمار باقية علي أنف وفم المخرج القتيل، شقيق نيازي مصطفي هو من أكتشف الجريمة، حيث أبلغه أحد زملائه أن شقيقه نيازي مصطفي يعاني من أزمة مرضية، فأسرع يتصل بمنزله تليفونيا حيث أخبره الطباخ بأن الشقة مغلقة وأنه أحضر مفتاحا من شقيقته فأسرع ودخلا ليجد نيازي قتيلا.

نيازي مصطفي المخرج الكبير عمل معه طيله 18 عاما طباخا عجوزا يدعي محمد عبد الله محمد عمره 61 سنة، حيث قال لرئيس المباحث وقتها أنا عملت مع الأستاذ نيازي منذ 18 عاما وقد حضرتك في الثامنة من صباح أمس ودخلت الشقة عن طريق باب المطبخ وانصرفت بعد أن قمت بطهي الطعام له، ثم عدت مرة أخري في السادسة والنصف من مساء اليوم لإعداد وجبة العشاء وانصرفت في الثامنة والنصف، عندما حضرت صباح اليوم وجدت باب المطبخ مغلقا، فعدت لأدق باب الشقة لكن أحدا لم يرد، وهنا شعرت بالريبة وتوجست أن يكون مكروه حدث للأستاذ، واتصلت بشقيقه الأستاذ جلال في الأستديو وحضر وفتحنا الشقة.

بقي السؤال لماذا يقتل نيازي مصطفي وهل قتله لص مجهول؟ المعاينة من رجال المباحث أثبتت عدم وجود أثار عنف تدل علي أن القاتل معروف للمخرج القتيل وأنه فتح له باب الشقة، أو أن القاتل نفسه كان يمتلك نسخة من المفتاح.

تزوج المخرج الكبير من الفنانة كوكا لكنها رحلت قبله وعاش نيازي وحيدا في الشقة، هل وقعت الجريمة لأسباب غرامية.

فور نشر خبر القتل أصيب الفنانون بصدمة كبيرة من بينهم كان عادل إمام الذي قال أنه صاحب فضل كبير في شهرتي، وقدمني في أول فيلم قمت ببطولته البحث عن فضيحة، أما الفنانة فاتن حمامة قالت: لم أعمل معه لكنني كنت أتابع أعماله الفنية باهتمام، الكل حزن عليه، لكن من قتل نيازي مصطفي؟ ظل هذا السؤال حائرا حتي هذه اللحظة كما جاء في كتاب الكاتب الصحفي محمود صلاح في كتابه "ضد مجهول وحوادث أخري".

بالعودة إلي سجل نيازي مصطفي السينمائي سوف نكتشف أن لديه 123 عمل فني، قام بتأليف البعض منها وهم "فتوة الناس الغلابة"، الرجل اللي باع الشمس، جحا وبندر شهبندر التجار، أزواج طائشون، الأنثي والذئاب، في قافلة الزمان، كما برع في مهنة المونتاج وأيضا التصوير، صال وجال في عالم السينما وأخرج العديد من الأفلام من بينها "سلامة في خير، الرجل الذي قال لا، الدكتور، مصنع الزوجات، شارع محمد علي، حبابة، حسن وحسن، الأنسة بوسه، ملكة الجمال، رواية، أول نظرة، ليالي الأنس، غني حرب، سلطانة الصحراء، أفراح، ست الحسن، الصبر جميل، حميدو، تاكسي الغرام، أرض الأبطال، سيجارة وكاس، شياطين الجو، الفارس الأسود، فضيحة في الزمالك، سر طاقية الإخفاء، وحوش الميناء، فتوة الناس الغلابة، التوت والنبوت، وكان أخر أعماله الفنية القرادتي عام 1987.

ولد نيازي مصطفي في 11 نوفمبر عام 1911 في مدينة أسيوط ودرس في ألمانيا والتحق بمعهد الفيلم الألماني هناك، ثم عاد ليعمل مونتيرا في ستوديو مصر، ثم مساعد مخرج مع الفنان يوسف وهبي، وتوفي في 19 أكتوبر 1986.