لم تكن ليلة السبت ١٣ أبريل ليلة عادية فى سماء مصر..فهى ليلة أعلن فيها مراقبو المجال الجوى المصرى عن بطولة من طراز خاص.. بطولة شهدت بها الهيئات الدولية التى لطالما عهدناها تتصيد لمصر وتترصد لها ولكن أبطالنا كالعادة أجبروا الجميع على الإشادة ورفع القبعة.. ليلة ١٣ أبريل شهدت إغلاق المجالات الجوية لبعض الدول المجاورة لبنان والأردن والعراق بعد الضربة التى وجهتها إيران لإسرائيل مما ادى لزيادة معدلات التشغيل وأعداد الطائرات وتكثيف الضغط على المجال الجوى المصري، مما أدى إلى حركة جويه طارئة خلال ظروف استثنائية لم تكن متوقعة ولكن رجال الطيران المدنى الأوفياء رجال الملاحة الجوية كانوا أهلًا للمسئولية والتحدى وقاموا على الفور بالتعامل بكل سلاسة وأمان يثبت كفاءتهم ومهارتهم مما جعل هيئة الأمان والسلامة الاوروبية (اليوروكنترول) تشيد فى تقريرها اليومى بكفاءة أداء الجانب المصرى من خلال التخطيط المتقن لإدارة الحركة الجوية بالمجال الجوى المصرى والتى ظهرت بالشكل المشرف والمتميز وتعاملهم باحترافية ودقة عالية فى الظروف الاستثنائية والتزامهم أعلى معايير الأمن والسلامة الدولية.. وتفعيل خطة طوارئ بين إقليمى الطيران المصرى والسعودى وتحديد مسارات محددة بدقة عالية ساعدت على استيعاب الحركة....

<< يا سادة.. المجال الجوى للدولة يعتبر جزءًا من حدودها وسيادتها يحظر عبوره أو الدخول فيه الا بتصريح مسبق أو اتفاقية مبرمة (شيكاغو 1944)، كما أن مجال الطيران أصبح واحدا من المجالات الرئيسية والأساسية فى حياتنا المعاصرة واستخدامه سواء بالسلب أو بالإيجاب أصبح من الآليات المتعارف عليها بين الدول...

<< يا سادة.. على الجانب الآخر أعلن رجال مطار القاهرة الدولى وجميع الأجهزة العاملة به أيضاً فى نفس الليلة عن جهود رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه من البذل والعطاء الكبير الذى شهدت به صالاته التى استقبلت فى ذلك اليوم ٦٤٧ رحلة جوية من مختلف دول العالم نقلت ٩٤ ألف راكب فى سابقة هى الأولى فى تاريخ مطار القاهرة منذ إنشائه.. هذا بخلاف ٥٠٠ ألف راكب تم نقلهم على متن ٣٦٣٦ رحلة جوية خلال أجازة عيد الفطر المبارك دون أى مشكلات أو ازدحام.

يا سادة.. أعتقد أن الطيران المدنى المصرى هو حالة خاصة جدًا نظرا لكم التحديات التى يشهدها طوال الوقت وذلك لأنه يتعلق بصناعة ثقيلة وخطيرة وحساسة جدًا وهى صناعة النقل الجوى التى تتعلق بمنظمات دولية واتفاقيات عالمية ومواثيق ومعاهدات لا يمكن تخطيها فى أى حدث من الأحداث وكذلك لتعلقه بالأمن القومى للوطن وتداخله مع كيانات دول أخرى من خلال المجالات الجوية.

وما تم سرده ليس بالجديد ولن يكون بالنسبة لقطاع الطيران المدنى راعى أفراح وأتراح المصريين فى كل وقت ومكان، حيث يعد قطاع الطيران واحدًا من المحاور الأساسية فى نجاح خطط التنمية الاقتصادية، حيث يسهم بشكل أساسى فى تنمية الحركة السياحية الخارجية والداخلية وتنشيط حركة التجارة، كما يسهم بقدر كبير فى تنمية الموارد ودعم وتحسين الاقتصاد القومى لتأثيره على قطاعات كثيرة فى الدولة سواء كانت خدمية أو إنتاجية.. وتمثل خدمة نقل الركاب والبضائع أحد أهم المحاور الرئيسية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية للوفاء بحاجة الإنسان إلى التنقل سواء للعمل أو الترفيه...

<< يا سادة.. عاش الطيران المدنى سنوات عجافًا منذ يناير ٢٠١١ شهد فيها انخفاض إيرادات مصر للطيران خلال العام المالى «2013/2014» لتصل إلى 7.16 مليار جنيه وتحقيق عجز بمقدار 8.2 مليار جنيه مع عدم وجود استراتيجية واضحة لإيقاف نزيف خسائرها وتحديث أسطولها، وانخفـاض عـدد الـركاب خـلال العـام المالى «2013/2014» ليصبـح 4.8 مليـون راكـب ومعامـل الامتلاء 8.62٪ وهـو أقـل نحو 5٪ عـن نظيـره عـن العـام المالى «2012/2013».. وتوقف إنشاء مبنى ركاب «2» بمطار القاهرة، وتوقفت إنشاءات مبنى الركاب الجديد بمطار الغردقة، وتوقف مشروع رفع كفاءة مطار شرم الشيخ، وتوقفت عملية رفع كفاءة الممر الرئيسى بمطار النزهة، والافتقار إلى الاستثمار فى التدريب وصعوبة إيجاد قيادات مدربة.. وبعد أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم مصر فى يونيه ٢٠١٤ أولى الطيران المدنى اهتمامًا خاصًا كانت وراء نجاح القطاع وقتها وتجاوزه بسرعة فائقة للإرهاصات التى يمر بها وبدأت الإنجازات العالمية تدق أبواب مصر عبر بوابة الطيران المدنى وشهد القطاع طفرة كبيرة خلال الـ١٠ سنوات، حيث افتتحت مطارات جديدة، وتم تحديث منظومة المطارات القائمة وتحديث الأسطول الجوى للطائرات، وذلك تماشيًا مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية مصر 2030، وربط ربوع الجمهورية بالمطارات، مما سيكون له مردود إيجابى كبير على الأجيال المقبلة، بما يخدم عملية التنمية المستدامة، ويسهل الاستثمار ويدعم الصناعة وتم اتخاذ إجراءات سريعة لرفع كفاءة المطارات المصرية، منها تطوير الإجراءات الأمنية، بما يضمن عدم وجود ثغرات أمنية، وتطوير البنية التحتية، حيث تم تنفيذ العديد من المشروعات الجديدة التى تتماشى مع رؤية الجمهورية الجديدة، وأنفقت الوزارة بدعم القيادة السياسية نحو 45.5 مليار جنيه لتنفيذ 414 مشروعًا يخدم قطاع الطيران بمنشآته التابعة ويساعد على إعادة حركة الطيران والسياحة وخدمة المسافرين، وتم الانتهاء من معظمها خلال العشر سنوات ويجرى تنفيذ واستكمال باقى المستهدف منه.. ونفذت الشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية، مشروعات بتكلفة 16.8 مليار جنيه، وجار تنفيذ مشروعات بتكلفة 8.7 مليار جنيه.. وتم افتتاح مطارات جديدة وتحديث القديمة وتطوير المنظومة الأمنية وفقًا للنظم العالمية بتكلفة 2.3 مليار جنيه مع شبكة أقمار صناعية لـ٢٢ محطة و٨ خطوط ميكروويف لتأمين المجال الجوى المصرى بتكلفة 10.2 مليون يورو وتركيب منظومة الرادارات.. لتأمين الأجواء المصرية بتكلفة ٣٠٥ ملايين دولار وتم توقيع بروتوكول بين سلطة الطيران المدنى المصرى و(الاياتا) للارتقاء بكافة مجالات السلامة وحصدت شـهادة التميـز مـن المنظمة الدوليـة للطيران المدنى «ICAO» فى السـلامة الجويـة وحدثت أسطول مصر للطيران والنجاح فى تجاوز خسائر ما قيل ٢٠١٤.. مع منافسة شرسة وناجحة فى سوق النقل الجوى وتولى أول مصرى مديرًا إقليميًا لـ«الايكاو» فى ٢٠١٦ وحصدت مصر منصب المدير الإقليمى للجنة النقل والطيران المدنى بالجامعة العربية وأصبحت عضوًا فى المجلس التنفيذى للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية فى مجال الرصد الجوى والهيدروليكى وحققت أكاديمية الطيران المصرية الريادة فى التدريب بمنطقة الشرق الأوسط بمنح إجازة صيانة الطائرات طبقًا لتشريعات EASA وICAO. وحصل فندق مريديان المطار على ٣ جوائز من ماريوت العالمية لتميزه على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا وحصول شركة تكنولوجيا معلومات الطيران AVIT على شهادة دولية فى تطوير البرمجيات.. وسطرت مصر للطيران إنجازًا جديدًا فى تاريخ صناعة النقل الجوى المصرى عندما استقبلت طائرتها الخامسة من الدريملاينر فى يوليو ٢٠١٩ أطول وأول رحلة صديقة للبيئة بالوقود الحيوى بنسبة ٣٠-٧٠ بمحرك Trent1000 فى إطار خطة الشركة لاستخدام الطاقة النظيفة الصديقة للبيئة فى صناعة النقل الجوى للحد من الانبعاثات الضارة.. ووضعت الشركة القابضة لمصر للطيران رؤية استراتيجية لتطوير الشركة تعتمد على اختيار القيادات الشابة المؤهلة والنهوض بالعنصر البشرى من خلال تعظيم روح الانتماء واستكمال خطة تطوير الأسطول وإعادة هيكلة القابضة واستهدفت الشركة الوطنية الوصول بحجم أسطولها إلى 80 طائرة خلال عام 2020 فى إطار خطتها الاستراتيچية نحو تحديث أسطولها لتضم أحدث الطرازات العالمية بعد استلام الطائرات الجديدة التى تم التعاقد. 

<< همسة طائرة.. تحية إلى كل الشرفاء والمخلصين بالطيران المدنى.. تحية لزملائى فى كل موقع عمل ودائمًا وأبدًا يظل الطيران المدنى أحد أهم قطاعات الدولة التى دائما تثبت وفاءً وولاء للوطن ورجاله أبطال فوق العادة تحية لرجال الملاحة الجوية والمراقبة الجوية تحية لجميع العاملين بمطار القاهرة الدولى والأجهزة المساعدة، وكذلك المطارات المصرية وجهودهم التى جعلته أيقونة عطاء وحب للوطن لا تنقطع ويظل العاملون به جنودًا فى خدمة ضيوف مصرنا الحبيبة دائمًا وأبدًا.