«إنكار السلفيات» يحوّل علاقات الود والقرابة إلى خصومة قضائية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«إنكار السلفيات» يحوّل علاقات الود والقرابة إلى خصومة قضائية, اليوم الثلاثاء 25 مارس 2025 12:22 صباحاً

كشف قانونيون عن بدائل قانونية رقمية توفر ضمانات للدائنين في دوائر الأقارب والأصدقاء، الذين يشعرون بالحرج من الحصول على ضمانات كتابية، مثل الشيكات أو إيصالات الأمانة، عند إقراض أحد أقاربهم أو أصدقائهم.

وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن هذا النوع من النزاعات متكرر، وينجم عنه غالباً نوع من القطيعة والخصومة القضائية بين أشخاص سادت علاقاتهم، سابقاً، أواصر الرحم والود، بسبب إنكار المدينين للديون في وقت لاحق، للتعسر أو لأسباب أخرى، وفشل الدائنين في إثبات حقوقهم.

وأفادوا بأن هذه الحلول تتمثل في توثيق السلفة أو القرض عبر رسالة نصية، سواء عن طريق «واتس أب» أو أي من وسائل التواصل الأخرى، في ظل حجية الدليل الرقمي، واعتماده من قبل المحاكم.

فيما كشف أشخاص تعرضوا لهذا الموقف لـ«الإمارات اليوم» أنهم يعانون نفسياً، بسبب عدم التزام أصدقائهم وذويهم معهم، بعد مساعدتهم في الخروج من أزمات مالية، وشعورهم بالحرج من مقاضاتهم، أو لقناعتهم بصعوبة الحصول على أحكام لمصلحتهم في ظل عدم وجود دليل يسند دعاواهم.

وتفصيلاً، سجلت المحاكم دعاوى قضائية، أطرافها أصدقاء وأقارب وأزواج، بسبب مطالبات مالية، نتيجة قروض منحها طرف ولم يلتزم بها آخر، من بينها قضية لشخص أقرض صديقه الذي كان يمر بضائقة مالية 8000 درهم، ولم يلتزم الأخير بالسداد.

وبعد فشله في استرداد الأموال التي دفعها إليه ودياً، لجأ الدائن إلى المحكمة المدنية في دبي، مطالباً بإلزام صديقه بردّ المبلغ، إضافة إلى الرسوم والنفقات وأتعاب المحاماة.

وذكر أنهما كانا يعملان معاً فترة من الوقت، وأخبره صديقه بأنه يعاني مشكلات شخصية واحتياجات أسرية، وطلب منه مساعدة مادية، فدفع له المبلغ المتنازع عليه نقداً، على أن يرده إليه في وقت محدد، لكنه لم يلتزم بذلك، الأمر الذي دفعه إلى إقامة الدعوى.

وبعد نظر الدعوى، انتهت المحكمة إلى أن الأوراق خلت من دليل تطمئن إليه، يؤيد ادعاء الدائن، إذ لم يقدم سوى أقوال مرسلة، ولا يوجد ما يقطع بوجود المديونية.

بدوره، قال عمر محمد إن صديقاً له كان يمر بضائقة مادية بسبب ظروف عمله، فأقرضه مبلغ 30 ألف درهم كان يدخرها لدراسة ابنه الجامعية، على أن يردها إليه خلال 20 يوماً.

وأضاف أنه شعر بالحرج من أن يطلب منه ضماناً للمبلغ، في ظل العلاقة القوية التي تربطهما، وفي الموعد المحدد سدد له جزءاً بسيطاً من المبلغ، واستأذنه في أن يصبر فترة من الوقت حتى يسدد إليه الجزء المتبقي، لكنه لم يلتزم بذلك.

وأضاف محمد أن المزعج نفسياً ومادياً أن صديقه لم يعد يرد على اتصالاته، أو حتى رسائله عبر «واتس أب»، والأسوأ من ذلك أنه في المرات النادرة التي تجاوب معه نصياً، تعمد عدم الاعتراف بالمديونية، ما يعكس سوء نية كانت صادمة له في ظل حرصه على مساعدته في البداية.

وشملت القضايا التي نظرتها المحاكم دعوى أقامها أحد الأشخاص، يطالب صديقه بسداد 55 ألف درهم أقرضه إياها أثناء مروره بضائقة مادية في صورة شيك مسحوب على البنك، لكنه امتنع عن رد الأموال، وظل يماطل ويتهرب من السداد.

وقدم المدعي صوراً من رسائل «واتس أب» متبادلة بينهما، تظهر طلب القرض، ثم التماس المَدين أكثر من مهلة للسداد، إلا أنه لم يلتزم بذلك، رغم وعوده المتكررة، وانتهت الدعوى لمصلحة الدائن، إذ قضت المحكمة بإلزام صديقه برد المبلغ.

وفي دعوى أخرى، ماطل رجل عربي صديقه في رد مبلغ 50 ألف درهم، اقترضها منه في ظروف صعبة، بعد أن تعهد له بالسداد خلال أسبوع واحد فقط.

ولجأ الدائن إلى إقامة دعوى قضائية ضده، في ظل عدم استجابته للحلول الودية، وقدم صورة ضوئية من حوالة بنكية بالمبلغ، إضافة إلى صورة تثب استلامه من قبل المدعى عليه، وصور من رسائل متبادلة بينهما عبر تطبيق «واتس أب»، وقضت له المحكمة بالمبلغ.


من جهته، قال المحامي الدكتور عبدالله يوسف آل ناصر، إن من واقع القضايا فإن ما قد يبدأ شهامة قد يتحول إلى ندم في كثير من الحالات، لافتاً إلى أن حسن النية يظل بلا شك سلوكاً جيداً، لكن يجب أن تكون هناك ضمانة للحقوق، ولا يوجد أكثر حساسية من القروض بين الأقارب والأصدقاء إذ تمتزج الاعتبارات العاطفية بالحاجة إلى الضمانات القانونية.

وأضاف أنه في ظل تردد الأغلبية في طلب إيصال أو مستند رسمي أو عرفي لإثبات الدين، خشية التأثير على تلك العلاقة، فإن التحديثات التشريعية في الدولة توفر حلولاً ذكية، تتمثل في الأدلة الرقمية كضمانة عملية تحمي الحقوق، دون الإضرار بالروابط الأسرية أو الاجتماعية.

وأوضح أن الأدلة الإلكترونية التي يتم الحصول عليها بواسطة التقنيات الحديثة وبرامج التواصل الاجتماعي، على اختلاف أنواعها، وفق الضوابط القانونية التي تراعي قاعدة عدم انتهاك الخصوصية، تعتبر أدلة قانونية على قيام المديونية.

وتابع أن المشرّع أورد ذلك بالمواد من 53 إلى 59 بالباب الرابع من المرسوم بقانون اتحادي رقم 35 لسنة 2022 بشأن الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، والتي تعترف بالأدلة الرقمية كوسيلة من وسائل الإثبات، لافتاً إلى أن هذه المواد تعكس توجه النظام القانوني الإماراتي نحو الاعتراف الكامل بالأدلة الرقمية في المعاملات المدنية والتجارية، وفي إثبات الحقوق والالتزامات تحت السلطة التقديرية للمحاكم، وفقاً للظروف المحيطة بها.

ونصح بتوثيق الديون بطرق مرنة، مثل إرسال رسالة من أي تطبيق إلكتروني توضح المبلغ وموعد السداد، مع الحصول على رد الطرف الآخر بالموافقة، وبهذه الطريقة يمكن تحقيق التوازن بين حفظ الحقوق المالية والحفاظ على العلاقات الأسرية والاجتماعية، ما يقلل من احتمالات الخلافات المستقبلية.


بدوره، قال المحكم والمستشار القانوني، محمد نجيب، إن الحالات الواقعية أفضل وسيلة للتعلم والتوعية، لافتاً إلى أن من القضايا ذات الصلة حالة شخص أرسل لصديقه أكثر من مليون درهم في صورة حوالة مالية من الخارج بغرض حاجته إلى عقد صفقة تجارية، لكنه فوجئ بإنكار الأخير الحصول على المبلغ، وتجاهل كل محاولات الاتصال به، ما دفعه إلى إقامة دعوى قضائية ضده.

وقدم الصديق الدائن إلى المحكمة مستندات، تضمنت صوراً لمحادثات جرت بينهما عبر تطبيق «واتس أب»، لكنها لم تكن كافية لإثبات حقه في ظل عدم تضمنها تفاصيل كافية.

وأوضحت المحكمة في حيثيات حكمها أن المدعي أقام دعواه تأسيساً على أقوال مرسلة، ومحادثات عبر برنامج «واتس أب» غير معروف مصدرها، لذا قضت برفض الدعوى.

وأضاف نجيب أن هناك دعاوى أخرى عدة قضت فيها المحكمة لمصلحة الدائن، نظراً لاحتواء المحادثات التي جرت بينه وبين المدين على تفاصيل واضحة، تبين الاتفاق الذي جرى بينهما، وهذا كفيل بإدراك آلية الحصول على ضمانة قانونية تطمئن إليها المحكمة.

وأشار إلى أن المادة 53 من القانون رقم 35 لسنة 2023 في شأن الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية تنص على أنه «يعد دليلاً إلكترونياً كل دليل مستمد من أي بيانات أو معلومات، يتم إنشاؤه وتخزينه أو استخراجه، أو نسخه، أو إرساله، أو إبلاغه، أو استلامه بوسائل تقنية المعلومات، ويكون قابلاً للاسترجاع بشكل يمكن فهمه».

كما تنص المادة 55 من القانون ذاته على أنه يكون للإثبات بالدليل الإلكتروني حكم الإثبات بالكتابة.

وهكذا يتبين أن المحادثات الإلكترونية عبر «واتس أب» أو البريد الإلكتروني يمكن أن تكون دليل إثبات، بشرط أن يثبت إرسالها من المتنازع ضده.


بدوره، قال المحامي محمد العوامي المنصوري إن توثيق الدين أو السلف بين الأقارب والأصدقاء قد يكون حساساً بسبب الاعتبارات العاطفية والاجتماعية، لكن في ظل التطور القانوني، واعتراف المحاكم بالدليل الرقمي، يمكن الاستفادة من وسائل التواصل الحديثة لإثبات الحقوق دون الإضرار بالعلاقات.

وأكد أهمية توثيق الاتفاق بوضوح عبر رسائل نصية من خلال «واتس أب» أو البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية، لتأكيد الاتفاق على القرض أو السلف، بشرط أن تتضمن الرسالة تفاصيل واضحة، مثل المبلغ المقترض، وتاريخ السداد، وأي اشتراطات أخرى، مثل آلية الدفع أو الفوائد، إن وجدت.

وأفاد بأنه يمكن أن يكون نص الرسالة على النحو التالي: «أؤكد أنني استلمت منك مبلغ 10 آلاف درهم كقرض حسن، وأتعهد بسداده على دفعتين، بواقع 5000 درهم في كل من الأول من مايو والأول من يونيو 2025.. أشكرك على ثقتك ودعمك».

وأضاف أنه يُفضّل في حالة إقراض مبالغ كبيرة يخشى خسارتها أن توثق بعقد بسيط بين الطرفين، ولو كان عبر رسالة بريد إلكتروني قابلة للطباعة، كما أنه في بعض الحالات، يمكن اللجوء إلى إيصال بنكي أو تحويل إلكتروني يكون بمثابة دليل قوي على المعاملة المالية.

وشدد المنصوري على ضرورة تجنب العبارات غير الدقيقة أو الغامضة، وعدم ترك الاتفاقات مفتوحة من دون تحديد مواعيد أو مبالغ، حتى لا يكون هناك مجال للخلاف لاحقاً، وتفادي العبارات التي قد تؤدي إلى التأويل، مثل: «ردها لي لما تقدر»، فهذا قد يجعل السداد غير محدد زمنياً.

وتابع أنه إذا كان الدائن يخشى سوء الفهم أو الإنكار، فيمكن أن يكون هناك شاهد على الاتفاق، سواء كان ذلك عبر إضافة طرف ثالث إلى المحادثة، أو إشراك شخص مقرب يعلم بتفاصيل القرض.

ودعا إلى استخدام أسلوب طلب الاسترجاع بطريقة ودية، فعند حلول موعد السداد، يمكن التذكير بشكل لبق دون الإحراج، مثل: «أتمنى تكون أمورك بخير، بس حبيت أذكرك بالموعد اللي اتفقنا عليه للسداد، بلغني لو في أي ظروف تستدعي التأجيل».

وأكد المنصوري أن التوثيق لا يعني فقدان الثقة، بل وسيلة لحماية العلاقات من النزاعات المستقبلية. ويمكن الجمع بين الشفافية بالتوثيق الذكي، والأسلوب اللطيف، لضمان استعادة الحقوق دون الإضرار بالعلاقات.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق