تناقض في بيانات الاحتلال حول التصدي للصواريخ الإيرانية… وتأثير نفسي متصاعد داخل الجبهة الداخلية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تناقض في بيانات الاحتلال حول التصدي للصواريخ الإيرانية… وتأثير نفسي متصاعد داخل الجبهة الداخلية, اليوم الأحد 22 يونيو 2025 05:09 مساءً

تشهد بيانات جيش الاحتلال بشأن أداء منظوماته الدفاعية تناقضًا فاضحًا على مستويات متعددة، لا سيّما في ما يتعلق بادعاء إسقاط الغالبية العظمى من الصواريخ الإيرانية. إذ تُظهر المعطيات التي نشرتها وسائل إعلام تتابع هذا الملف، إلى جانب شهادات المستوطنين، أن هناك ما لا يقل عن عشرة مواقع أمريكية استُهدفت بشكل مباشر، بينما تتحدث تقديرات أخرى عن 25 موقعًا، ما يشير إلى أن نسبة اختراق الصواريخ تلامس، بحسب تقديراتهم، 50%.

ويعكس هذا المؤشر واقعًا ميدانيًا جديدًا، يُظهر مدى توسّع نطاق الاختراق الإيراني بشكل غير مسبوق خلال جولة واحدة من الهجمات، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل هذه النسبة العالية من الصواريخ التي وصلت إلى أهدافها، بحسب المعطيات الميدانية، وسط عجز الاحتلال عن إنكار ذلك أو تقديم تفسير مقنع.

وتفيد المعلومات بأن عمليات الاستهداف الإيرانية طالت مواقع حساسة ومهمة في البنية التحتية العسكرية للعدو، ما دفع الاحتلال إلى نشر مشاهد محددة لبعض المواقع المستهدفة، مع تعمُّد إخفاء أخرى شهدت دمارًا أكبر وأضرارًا جسيمة، في محاولة منه لتجنّب الاعتراف بالانكشاف الأمني والعسكري الخطير الذي يضرب عمق الجبهة الداخلية.

ويحرص الاحتلال على إخفاء حجم الأضرار الحقيقية، تفاديًا لتقديم اعتراف ضمني للحرس الثوري الإيراني والجمهورية الإسلامية بفاعلية الضربات التي نُفّذت بدقة عالية. وقد كشفت الصواريخ الإيرانية، بما أحدثته من دمار، عن حجم التطور النوعي في القدرات العسكرية الإيرانية، ومدى فاعلية منظومتها الصاروخية، لا سيّما في مجالي الدقة التوجيهية والتدمير.

في المقابل، ورغم محاولات الاحتلال – مدعومًا بإمكانات استخباراتية وتقنية أميركية وغربية – تحديد مواقع إطلاق الصواريخ واستهدافها، إلا أنه فشل مرارًا في منع هذه الهجمات، كما فشل في اعتراض الصواريخ قبل أن تصل إلى أهدافها.

هذا الواقع الميداني ترك أثرًا نفسيًا ومعنويًا بالغًا في نفوس المستوطنين، الذين باتوا يشعرون بأنهم مكشوفون بالكامل، وأن الدمار يطرق أبوابهم ويسقط فوق رؤوسهم في أي لحظة، في مشهد صادم لم يكن أحد في كيان الاحتلال يتصور وقوعه بهذا الحجم.

ورغم الحملة الدعائية والبيانات الصادرة عن المتحدثين الرسميين باسم جيش الاحتلال، فإن محاولات التعتيم على حجم الانكشاف داخل الجبهة الداخلية تبدو غير مجدية. وتندرج هذه المحاولات ضمن سياق معالجة الأثر النفسي الخطير الذي تتركه الضربات الإيرانية، خصوصًا بعد فشل الاحتلال في احتوائها أو منعها.

وفي ما يخصّ خيارات الكيان الصهيوني في مواجهة هذا الوضع، يبدو أن الجمهورية الإسلامية تعتمد سياسة استنزاف متصاعدة، تستند إلى استهداف مواقع حساسة بصواريخ دقيقة تُحدث دمارًا واسعًا، وذلك على الرغم من التدخل الأميركي العلني، والذي شمل قصف مواقع نووية إيرانية، وصفها الاحتلال بـ”الإنجاز التاريخي”.

إلا أن المؤشرات الميدانية توحي بأن كلًّا من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني قد وقعا في سوء تقدير واضح للموقف، إذ كانا يعتقدان أن الضربات الأولى ستكون كافية لإحداث شلل وردع يُجبر إيران على الإسراع نحو طاولة المفاوضات وتقديم تنازلات. غير أن ما جرى كان عكس ذلك تمامًا، فبعد عشرة أيام من بدء التصعيد، تواصل إيران تصعيدها بوتيرة متصاعدة، وتنتقل من مستوى إلى آخر، بينما يواصل الكيان الصهيوني تكرار ضرباته في محاولات يائسة.

وقد جاءت الضربة الأميركية في محاولة لدعم الكيان الصهيوني وتخفيف الضغط عنه، وسط صعوبات ميدانية كبيرة، وقد عُوّل عليها من قبل الساسة الأميركيين، بمن فيهم الرئيس دونالد ترامب، الذي راهن على أن هذه الضربة قد تدفع إيران إلى الرضوخ للمفاوضات. إلا أن الرد الإيراني كان مغايرًا تمامًا، ما يدلّ على عمق الفجوة في التقدير الأميركي الصهيوني.

ففي غضون ساعات من تنفيذ القصف الأميركي على ثلاثة مواقع نووية، جاء الرد الإيراني واسعًا، شاملاً، ومباشرًا، وأكد أن طهران لا تخشى التهويل الإعلامي أو العسكري، ولا تُعير اهتمامًا للغارات الأميركية مهما بلغ حجمها أو نوع القنابل المستخدمة فيها.

وأوضحت إيران، من خلال هذا الرد، أنها غير مستعدة للتنازل عن حقوقها الأساسية في برنامجها النووي السلمي، ولا تقبل بأي حال الخضوع لوصاية أو إملاءات أميركية، أو أن تتحول إلى كيان ضعيف تابع لواشنطن. وقد شكّل هذا الرد المفاجئ ضربة قاصمة للتقديرات الأميركية والصهيونية، ونسف كلّ الرهانات التي بُنيت على إمكانية إخضاع إيران سريعًا.

في المقابل، بدأت تظهر في الداخل الصهيوني أصوات تحذيرية تشير إلى أن الجمهورية الإسلامية، بما تمثله من تاريخ طويل وحضور إقليمي وازن، لا تملك فقط قوة الردع العسكري، بل تتمتع كذلك بثقافة قتالية واستشهادية عريقة، وقدرة راسخة على الصمود والمواجهة والتحدي.

وعند طرح السؤال حول مدى تأثير هذه التحذيرات على الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال، خصوصًا مع تصاعد الأصوات المطالِبة بوقف الحرب، فإن هذه الأصوات قد لا تكون قادرة وحدها على إحداث التغيير، لكنها تعكس بدقة حجم المأزق البنيوي الذي يعيشه الاحتلال.

ويُطرح سؤال أساسي: ماذا حقق رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعد عام وثمانية أشهر من الحرب على غزة؟ فالمقاومة لا تزال فاعلة، وتواصل إطلاق صواريخها وتحقيق إنجازات ميدانية، رغم اختلاف طبيعة المعركة الحالية. وهل يستطيع نتنياهو إقناع المجتمع الصهيوني بخوض حرب طويلة ومكلفة بهذا الشكل؟

تقديرات عسكرية صهيونية تشير إلى أن الحرب قد تستمر لأسابيع، لكن استمرارها بهذا الشكل سيتسبب في كلفة باهظة لا يمكن للاحتلال تحمّلها. فالوضع الداخلي يواجه شللًا شبه تام، بفعل الخسائر الاقتصادية، وتعطّل المرافق العامة، والإنهاك الذي أصاب الجيش والأجهزة الأمنية، إلى جانب توقف مصالح المستوطنين بشكل كامل.

وقد يحاول نتنياهو أن يطرح خطابًا يدعو فيه الإسرائيليين إلى تحمّل التضحيات، غير أن هذه الدعوة تشكل اختبارًا جديًا لقدرة المجتمع الصهيوني على الصمود في وجه الخسائر المتزايدة. إذ بات السؤال المطروح داخليًا: ما الهدف من هذه التضحيات؟ وما هو السقف الزمني والمعياري الذي يمكن أن تُنهي عنده هذه الحرب؟

وإذا انتهت العملية العسكرية دون تحقيق أهدافها، فإن الكيان الصهيوني سيكون أمام معضلة كبرى، تُحمّله أثمانًا باهظة على المستويات المعنوية والاقتصادية والسياسية، في مشهد يبدو أنه يعيد رسم موازين الردع في المنطقة.

المصدر: موقع المنار

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق