تحلّ عاشوراء هذا العام في مدينة بنت جبيل بجنوب لبنان مثقلةً بالفقد، حيث يغيب عن مجالسها الحسينية ومضائفها عددٌ من خُدّام المجالس ومنظّمي المواكب الذين ارتقوا شهداء خلال التصدي للعدوان الإسرائيلي الأخير.

في كل إحياء لعاشوراء، لا تزال الأصوات تُدوّي والذكريات تنبض. الذين خدموا في سبيل الإمام الحسين (ع) غابوا هذا العام بأجسادهم، لكن أرواحهم حضرت، وصورهم زيّنت الجدران، تروي مسيرة الفداء وتحرس درب الاستمرار.

في مضيف “سيد الشهداء” في بنت جبيل، يواصل الرفاق والأحبّة السير على نهج من سبقهم، متمسكين بالرسالة ذاتها، مستندين إلى بركة دماء الشهداء ودم الإمام الحسين (ع). وتبقى الساحة شاهدة على الحضور والتضحية، ماضية بعزيمة من تبقّى.

في شوارع المدينة، كما في مضائفها ومجالسها، تتجلى بصمات الشهداء، فيما يتعلّم جيل من آخر دروس الصمود والإصرار. منذ نحو ستّ سنوات، تأسّست هيئة “المولى أبي طالب (ع)” في بنت جبيل، بجهود الأحياء والشهداء معًا، وما زال بعض المؤسسين يواصلون مسيرة الإحياء وحمل الأمانة.

رسالة أهالي بنت جبيل إلى الاحتلال الإسرائيلي لا تزال واضحة: “من هنا انطلقنا، ومن هنا نكمل المسير”، وفي كل موسم عاشورائي، يجدّد الجنوبيون تمسكهم بالنهج الحسيني، مهما اشتدت التحديات.

هو الجنوب، الذي لم يبخل يومًا بدماء أبنائه ولا بتضحيات أهله، دفاعًا عن الكرامة والعزّة، وتعبيرًا عن حبّ الحسين (ع)، حيث تُبذل الأرواح والمهج، تحت راية شعار خالد: “هيهات منّا الذلّة”.

المصدر: موقع المنار