لم تعد الحروب تقتصر على المعارك العسكرية المباشرة، بل انتقلت إلى ميادين أخرى أكثر تعقيدًا، حيث تدار من خلف الشاشات, هذا هو النهج الذي اختارته جماعة الإخوان المسلمين في معركتها ضد الدولة المصرية بعد أن فقدت السلطة ورفضها الشعب.
اليوم، يعيش أفرادها في الخارج كـ "ثوار فري لانسرز"، مستغلين التقدم التكنولوجي والمنصات الرقمية لتوجيه حملاتهم التشويهية ضد مصر، تمامًا كما يعمل المستقلون عن بعد( العمل من المنزل) في مجالات العمل الحر.
تحت مسمى الدفاع عن الحرية وحقوق الإنسان، تحولوا إلى أدوات لنشر الأكاذيب، إثارة الفوضى، وزعزعة استقرار البلاد، بينما هم في أمان بعيد عن أي مواجهة حقيقية, يعتمدون على الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي لشن معارك إلكترونية تهدف إلى تشويه الحقائق وتحريض الداخل، دون أي التزام بالمهنية أو الأخلاقيات الصحفية, أو الانتماء للوطن.
هذه هي حربهم الجديدة، حرب افتراضية بلا حدود، تحمل نفس الأهداف: هدم الوطن وإضعاف الدولة، بينما تكشف ممارساتهم حقيقتهم يومًا بعد يوم.
وفي هذا الصدد, علق الباحث الجيوسياسي عمرو عمار, على الدعوات التي أطلقها البعض لثورة مسلحة، متسائلًا:"أي مواطن مصري ينجرف وراء داعي هذه الثورة المسلحة، عليه أن يذهب ويسألهم عبر منصاتهم: من هو قائد هذه الثورة؟, من هم قياداتكم على الأرض؟, ما هي أجندتكم السياسية بعد الإطاحة بالسيد الرئيس؟, وكيف ستدار المرحلة الانتقالية؟, من هو مرشحكم الرئاسي الذي ستقدمونه للشعب؟
وأضاف: إذا لم تجدوا إجابات لهذه الأسئلة، فاعلموا أنهم لا يدعون لثورة للإطاحة بالسيسي، بل يدعون إلى الفوضى والاقتتال، ومن ثم ضرب الجيش المصري وهدم البلاد, هؤلاء الذين يعملون لصالح الصهاينة يساهمون في تمهيد الأرض لجيش الاحتلال الإسرائيلي لاستكمال مخطط "إسرائيل الكبرى"، بدءًا من سيناء بعد أن نجحوا في تنفيذ جزء من هذا المخطط غرب الفرات."
ومن جانبة, يؤكد طارق البشبيشي، الباحث والمتخصص في شئون الجماعات الإسلامية، أن جماعة الإخوان تعتمد على استراتيجية ممنهجة لاستخدام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارها وتحقيق أهدافها السياسية من خلال تضليل الرأي العام.
وأشار "البشبيشي", إلى أن الجماعة تسعى لخلق حالة من الفوضى في المجتمعات عبر نشر الأكاذيب حول الأوضاع الاقتصادية والسياسية بهدف تقويض الثقة في الحكومات وإثارة الفتن بين مختلف فئات المجتمع.
وأضاف "البشبيشي", أن أسلوب الإخوان في نشر الأكاذيب ليس جديدًا، بل هو جزء من تكتيك قديم، حيث يستخدمون الشائعات لتشويه صورة الأنظمة السياسية ويستغلون الأزمات الاجتماعية والاقتصادية لتوجيه الرأي العام ضد الحكومات.
وأكد الإعلامي إبراهيم عيسى, في تصريحات تلفزيونية ,أن الشعب المصري يدرك تمامًا العواقب السلبية التي قد تترتب على الخروج في مظاهرات, موضحاً أن تلك المظاهرات قد تؤدي إلى الفوضى والتخريب، إضافة إلى التأثيرات الكارثية على الاقتصاد وزيادة الأسعار، مما يشكل عبئًا مضاعفًا على المواطنين.
وأشار "عيسى" إلى أن حملات التحريض التي يطلقها الإخوان المسلمين هي "جوفاء"، ولا ينبغي أن تتحول إلى موضوعات للنقاش, ولفت إلى أن هناك فرقًا بين تنظيم الإخوان ككيان وبين الأفكار التي يروجون لها، مؤكدًا أن هذه الأفكار تجد لها أحيانًا من يتبناها نتيجة تأثير الغزو السلفي على المجتمع.
كما أكد الإعلامي, أن المصريين أصبحوا يفصلون بين الأزمة الاقتصادية التي يعيشونها وبين التعبير عن الغضب أو الاحتجاج الذي قد يؤدي إلى انفلات أمني وفوضى في البلاد, مضيفاً أن الخروج في مظاهرات قد يتسبب في توقف المصانع وتعطيل الحياة اليومية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وربما يصل سعر الدولار إلى 100 جنيه.
وأضاف "عيسى", أن الشعب المصري تعلم من التجارب السابقة، مثل أحداث ثورة 25 يناير، وأصبح يدرك تمامًا أن أي احتجاج قد يؤدي إلى نتائج أسوأ, موضحاً أن المواطنين يحرصون على استقرار الدولة ويعلمون أن الفوضى والمظاهرات قد تؤدي إلى تدهور الأوضاع بشكل أكبر.
وختم "عيسى" حديثه بالتأكيد على أن الوعي الشعبي بات يتفوق على محاولات زعزعة الاستقرار، حيث يفضل المواطنون الحفاظ على الاستقرار والأمن بدلاً من المخاطرة بالفوضى والاضطرابات.
ومن جهته, يقول الدكتور محمد أبو العلا، رئيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري، إن جماعة الإخوان الإرهابية تعد من أبرز الجماعات السياسية التي ظهرت في العالم الإسلامي منذ تأسيسها في عام 1928 على يد حسن البنا, وأن هذه الجماعة تسعى لتطبيق ما تسميه "الحكم الإسلامي" أو "الخلافة الإسلامية"، وهي أهداف تتناقض مع استقرار الدول التي تنشط فيها.
وأوضح "أبو العلا", أن جماعة الإخوان تبنت أيديولوجيات وممارسات قد تؤثر سلبًا على استقرار الدول، حيث يؤمنون بأن الشريعة الإسلامية يجب أن تكون مرجعية شاملة لجميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية, كما يروجون لفكرة أن الدولة يجب أن تتبنى مفاهيم الشريعة التي يفسرونها وفقًا لمصالحهم السياسية.
وأشار رئيس الحزب العربي الديمقراطي الناصري, إلى أن أحد المفاهيم المركزية في فكر الإخوان هو "التمكين"، حيث يسعون للسيطرة على المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية والإعلامية في الدول التي يعملون بها, ويرون أن التمكين هو الطريق لتحقيق "الخلافة الإسلامية"، وهو ما يقودهم إلى التآمر على الأنظمة السياسية القائمة.
وأضاف "أبو العلا", أن الإخوان يعتقدون أن التغيير السياسي يجب أن يتم إما عبر المشاركة في النظام القائم أو من خلال استغلاله للوصول إلى السلطة، بغض النظر عن الوسائل المشروعة أو غير المشروعة, وهذا يعنى أنهم يستخدمون الديمقراطية للوصول إلى الحكم، ثم يعملون على قلب النظام السياسي لصالح أجندتهم الخاصة.
0 تعليق