حرائق لوس أنجلوس.. الأمريكيون يستنكرون الشماتة ويفضلون نظريات المؤامرة

الرئيس نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

حولت الحرائق بعض أحياء كاليفورنيا إلى رماد، وانتشرت المشاهد لآلاف المباني المسواة بالأرض في قطاع غزة، ولعل القاسم المشترك الواضح هو شكل الدمار.

ووفقًا لصحيفة ميامي هيرالد، نظر آلاف المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي من دول عربية إلى هذا المشهد على أنه "عقاب إلهي" و"انتقام سماوي"، وهو تيار يروج لفكرة قوبلت بمعارضين اعتبروا هذه النظرة "قصيرة النظر"، تدل على "عدم القدرة وعدم الاعتراف بالهزيمة”. كان منهم فلسطينيون من غزة نفسها وفي داخل الولايات المتحدة، هناك رؤية أخرى ترتبط بنظريات المؤامرة، وسط موجة من التعاطف والدعم وكذلك الغضب والاستياء من عدة جهات، وتنتشر العديد من المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي يزعم ناشروها أنها لأشخاص يقفون خلف الحرائق المتواصلة في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا منذ عدة أيام.

يركب تيار "العقاب الإلهي" قاطرة التعبير عن السعادة لمصائب الآخرين في الولايات المتحدة ودول أوروبية، وهو تيار يتجدد مع كل كارثة إنسانية وبيئية تحل في الشرق أو في الغرب، ويعتبر مؤيدو هذا التيار أن السماء تنتقم من الدول التي لها وجود عسكري وتدعم حلفائها في صراعات الشرق الأوسط التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا خلال العقدين الماضيين.

وكان المثال الأحدث هو الحرب بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة، بقيادة حماس، منذ أكتوبر 2023، ومؤيدو هذا الرأي، الذين شكلوا موجة ضخمة على وسائل التواصل الاجتماعي، شملوا عدة فئات من المتابعين إلى صانعي الرأي في الإعلام والسياسة والاقتصاد.

335.jpg

على منصة X، كتبت إعلامية أردنية تعليقًا على حقائق إخبارية أشارت فيها إلى حرائق كاليفورنيا وحرب غزة، "إن الله عزيز ذو انتقام" مع صورة للدمار في لوس أنجلوس.

وكتب إعلامي يمني: “مشهد عظيم يسر الناظرين. هنا كانت لوس أنجلوس، ثاني أكبر مدينة أمريكية”.

وفي منشور آخر على موقع X، قال نفس الإعلامي في تعداد خسائر كاليفورنيا، "كل هذا حصل بعد ساعة فقط من خطاب ترامب الذي توعد فيه بتحويل الشرق الأوسط إلى جحيم. فاندلعت حرائق الغابات، وحولت أمريكا إلى جحيم حقيقي، ونهارها تحول إلى ليل أسود بفعل الدخان الكثيف".

وكتب أستاذ بإحدى كليات الطب العربية: "دمر الكيان الفاشي غزة بالسلاح الأمريكي ولكن الله أراد أن يذيقهم من نفس عملهم فأرسل عليهم الأعاصير لتحرق وتدمر ديارهم.

ومن سلطنة عُمان، كتب صحفي: "ترامب يواجه الجحيم الذي وعد به غزة”.

كما اعتبر صحفي عراقي الحرائق "عقوبة إلهية"، واصفًا إياها بـ"انتقام الرب"، وربط العجز عن إخمادها بوجود مسؤولين أمريكيين ذوي ميول جنسية مثلية. حتى أنه شارك مقطع فيديو يزعم فيه أن الأمريكيين "تحولوا للإسلام" بسبب الحرائق، وخصوصًا "النساء”. 

وكتب باحث وحامل شهادة الدكتوراه في علم النفس - كما يعرف نفسه -: "إنها علامات يوم القيامة والنهاية الحقيقية للعالم في كاليفورنيا” ووصف حرائق كاليفورنيا، رغم أنه يعيش في الولايات المتحدة، بأنها "انتقام إلهي مباشر بلا شك”. 

نال منشور لرسام كاريكاتير فلسطيني تفاعلًا إيجابيًا كبيرًا مع آلاف المشاركات على فيسبوك، أشار فيه إلى الانتقام الإلهي. وأتبعه بكاريكاتير يُظهر الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وهو يهدد بالجحيم، بينما تشتعل حرائق كاليفورنيا خلفه.

وانتشرت تعليقات مشابهة على طول الخريطة العربية في إكس وفيسبوك وتيك توك، وقوبلت برفض كبير من تيار آخر، رأى فيها "جهلًا بالحقائق" واستغلالًا لتفسيرات دينية "محدودة”.

وبدأ الناجون من حرائق الغابات التي اجتاحت مناطق من مدينة لوس أنجلوس الأمريكية في العودة إلى منازلهم بعد إجلائهم منها في الأيام القليلة الماضية، على أمل أن تكون منازلهم قد نجت من أسوأ آثار الدمار.

تيار يرفض "الشماتة"

ثمة رفض وسخرية وأيضًا وصم بالجهل والتطرف وحتى التجرد من قيم التعاطف والإنسانية، كانت جزءًا من ملامح منشورات مناهضة لفريق "العقاب الإلهي" على وسائل التواصل الاجتماعي. كان من بينهم مدير شركة يثعيش في أمريكا، أعرب عن صدمته أمام تعليقات "المسيحيين والمسلمين" عن العقاب والجحيم. وتساءل مستنكرًا، "هل يعقل هذا؟ من هو الإله الذي تعبدونه؟"، داعيًا لأهمية الصلاة وطلب الشفاعة والرحمة حيال المصائب "بغض النظر عن الأسباب”.

حرائق الغابات في لوس أنجلوس.. هل هي حقًا مفتعلة؟

في الأثناء، تنتشر العديد من المقاطع المصورة على وسائل التواصل الاجتماعي يزعم ناشروها أنها لأشخاص يقفون خلف الحرائق المستمرة في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا منذ عدة أيام.

فلسطينيًا، تصدّى العديد من الإعلاميين والأدباء والسياسيين للربط بين مآسي الغزيين، وحرائق كاليفورنيا. وأبدوا تعاطفهم مع الضحايا القتلى، أو الذين خسروا منازلهم وممتلكاتهم. وأشار العديد منهم إلى الدعم الكبير الذي قدمته فئات من الشعب الأمريكي لغزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، ممثلة بالاحتجاجات الطلابية لوقف إطلاق النار. كما قال آخرون إن الشعب "ليس المشكلة"، بل "الحكومة التي تدعم التسلح الإسرائيلي"، حسب تعبيرهم.

وكتبت صحفية فلسطينية من غزة وتقيم في فرنسا، "لا يريد الفلسطيني أن يكون العالم كله ضحايا لأنه ضحية. لا يريد الفلسطيني أن يحترق العالم لأنه يُحرق.. لا يريد الفلسطيني أن يقتل أطفال العالم لأن أطفاله يموتون”. وقالت إن ما كتبه الشامتون يمثل "نظرة قاصرة وظالمة لنا ولقضيتنا وفيها خلل نفسي وديني وإنساني”.

تيار ثالث؟

وقال  صحفي عربي يقيم في تونس، عبر فيسبوك، إن من يعد الحرائق عقابًا ينسى أن إمكانيات الولايات المتحدة "الهائلة" حدت من وقوع الضحايا. وأضاف أنه لو حصلت الحرائق في بلد "إسلامي"، لأدت إلى مقتل الآلاف، دون أي تعويض. بالنسبة له، فإن الأولى للمجتمعات العربية والإسلامية بدلًا من "الشماتة"، أن تؤسس بنية تحتية قادرة على مواجهة كوارث مشابهة. 

ومن داخل لوس أنجلوس نفسها، ورد تعقيب مغاير لكل ذلك، يمثل على ما يبدو "تيارًا ثالثًا" نظرًا لحجم التفاعل الإيجابي معه. فيه خاطبت سيدة مسيحية (الأم ماجي) عبر البث المباشر في فيسبوك، مسلمين "شامتين" بالحرائق، وتصف لهم مدينة لوس أنجلوس بأن أهلها "فنانون ومثليّون وملحدون"؛ لذا فإن "الخالق لا يُسأل عن (حماية) مَن يرفضه”.
 

أحمد مسعود
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق