الاربعاء 25 ديسمبر 2024 | 07:16 مساءً
مع اقتراب بداية كل عام جديد، تتزايد مظاهر التنجيم والتنبؤ بالمستقبل، سواء عبر وسائل الإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه الظاهرة التي باتت تُقدم كوسيلة للتسلية أو حتى العلم المزعوم، تشكل خطرًا متناميًا على المجتمع.
لا يقتصر هذا الخطر على التلاعب بالعقول، بل يمتد ليهدد القيم الدينية والاجتماعية، في ظل تجاهل متعمد لتعاليم الدين الإسلامي وأسس التفكير العلمي.
التنجيم في ميزان الدين
قال مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، إن الإسلام الإسلام حسم موقفه من ادعاء علم الغيب بشكل قاطع، والله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ}، وأكد النبي محمد ﷺ أن التعامل مع العرافين والمنجمين يُفسد الإيمان، فقال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».
وأضاف المركز أن التنجيم ليس مجرد خرافة، بل هو منازعة لله في اختصاصه بعلم الغيب، فالكهنة والمنجمون لا يملكون نفعًا ولا ضرًا، ورغم ذلك يستغلون جهل الناس لترويج أكاذيبهم؛ حتى إذا صادفت تنبؤاتهم شيئًا من الواقع، فهذا لا يغير من كونهم كاذبين، حيث يعتمدون على احتمالات عشوائية وخداع بصري.
الأضرار الاجتماعية والنفسية للتنجيم
وأشار إلى أن التنجيم لا يضر فقط بالعقيدة، بل يؤدي إلى نتائج خطيرة على المستوى الاجتماعي والنفسي، فالأفراد الذين يصدقون هذه الخرافات يقعون في فخ الإحباط، وفقدان الثقة بالنفس، وربما الإدمان على متابعة هذه الأكاذيب بشكل مرضي.
كذلك، ينتج عن تصديق التنجيم اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب، الخوف المزمن من المستقبل، والعجز عن اتخاذ قرارات حياتية. في بعض الحالات، يدفع التنجيم الأشخاص إلى تصرفات خطيرة مثل إيذاء النفس أو الآخرين، نتيجة التفسيرات السلبية التي يتلقونها من مدعي الغيب.
الكهانة بعباءة العلم الزائف
وأوضح مركز الأزهر للفتوى أنه في الوقت الذي تسعى فيه البشرية للتقدم العلمي، تظهر هذه الظواهر لتعيد المجتمعات خطوات إلى الوراء، وأن المنجمون يقدمون أنفسهم تحت مسميات جذابة مثل "خبراء الطاقة" أو "محللي الأبراج"، ويستغلون الإعلام لنشر خرافاتهم.
وأشار إلى أن ما يجعل الأمر أكثر خطورة هو أن بعض المنجمين يقدمون توقعاتهم على أنها مستندة إلى العلم، مثل حركة النجوم والكواكب؛ لكن العلم التجريبي يرفض هذه الادعاءات، إذ أن التنجيم لا يعتمد على أي منهجية علمية، بل هو خليط من الخرافات القديمة والأساطير الوثنية.
موقف القانون والمجتمع
بين مركز الفتوى أن التنجيم لا يُعتبر مخالفة دينية فقط، بل إنه جريمة اجتماعية وأخلاقية، فاستغلال الناس مادياً أو نفسياً من خلال هذه الخرافات يجب أن يُواجه بحزم، وعلى الجهات المسؤولة أن تضع ضوابط واضحة لمنع انتشار هذه الظاهرة، سواء عبر وسائل الإعلام أو الفعاليات العامة.
كيف نواجه هذه الظاهرة؟
ذكر مركز الأزهر للفتوى أن هناك عدة طرق يتم من خلالها مواجهة هذه الظاهرة، ومنها:
التوعية المجتمعية
على المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية أن توضح خطورة التنجيم وأضراره.
التشريعات القانونية
تجريم ممارسات التنجيم التي تستغل جهل الناس، مع فرض عقوبات رادعة على مروجيها.
تعزيز الإيمان والعلم
نشر الثقافة الدينية الصحيحة وتشجيع التفكير العلمي القائم على المنهجية والتحليل.
واختتم مركز الأزهر للفتوى حديثه عن ظاهرة التنجيم أنها ليست مجرد تسلية بريئة، بل هي خطر يهدد الدين والعقل والمجتمع، والإسلام، الذي حرص على حماية العقل والنفس، يرفض كل أشكال الكهانة والخرافة، وعلينا جميعًا أن نعمل على مواجهة هذه الظاهرة، حفاظًا على قيمنا وديننا.
0 تعليق