البرد يجمد إيقاع الحياة في إملشيل

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

في أعالي جبال الأطلس الكبير، وتحديدا بدائرة إملشيل التابعة لإقليم ميدلت، تعيش الساكنة أياما بيضاء تثقلها المعاناة، حيث تحولت الثلوج التي تبهر الزوار بجمالها إلى كابوس حقيقي بالنسبة للقاطنين، وفق إفادة نشطاء جمعويين من المنطقة.

منذ أيام غطت تساقطات ثلجية كثيفة المنطقة، ورغم أنها لم تقطع الطرقات والمسالك، إلا أنها وضعت السكان في مواجهة مباشرة مع الطبيعة القاسية دون موارد كافية لتحمل هذا الوضع، خاصة مع تسجيل نقص كبير في حطب التدفئة وبعض المرافق الأساسية بعدد من الدواوير.

“البرد هنا لا يطاق، بسبب الثلوج”، يقول الحاج موحى، أحد سكان دائرة إملشيل، مضيفا أن “أعواد الحطب أصبحت عملة نادرة في هذه الأيام”، وزاد بنبرة غاضبة: “كل سنة نعيش السيناريو نفسه؛ الثلوج تغلق الطرق، والبرد يفتك بنا، ولا أحد يلتفت إلينا؛ حتى حطب التدفئة أصبح صعب المنال، والأسعار مرتفعة جدا مقارنة بقدرتنا الشرائية”.

ورغم أن الثلوج تشكل جزءا من هوية إملشيل الطبيعية إلا أن السكان يرون فيها نقمة أكثر منها نعمة، إذ أشار عدد من أبناء المنطقة، في تصريحات متطابقة لهسبريس، إلى أنهم كل سنة يحاصرون في قراهم، ولا يستطيعون الخروج لجلب المؤن أو حتى الذهاب إلى الأسواق.

فاطمة، التي فضلت الحديث لهسبريس دون الإدلاء باسمها العائلي، قالت: “أطفالنا يرتجفون في الليل من البرد. وأغلب السكان لا يملكون سوى بعض البطانيات القديمة، وحطب التدفئة الذي كنا نخزنه نفد بسرعة. ولا أحد يشعر بنا هنا في هذا الجبل”، مطالبة بزيارة ملكية إلى المنطقة من أجل الوقوف على معاناة السكان.

وفي وقت بدأت الساكنة تشكو معاناتها مع الثلوج والبرد القارس صرح مصدر مسؤول من بإقليم ميدلت بأن “التساقطات الثلجية التي تشهدها دائرة إملشيل عادية في مثل هذا الوقت من السنة”، وبأن “السلطات على استعداد للتدخل عند الحاجة”، وبين أن “فرق التدخل وآليات إزالة الثلوج تمت تعبئتها لتأمين فتح الطرق الرئيسية والمسالك الحيوية، في حالة انقطاعها”.

لكن على أرض الواقع يبدو أن الساكنة ترى الوضع بشكل مختلف تماما. “عن أي استعداد يتحدثون؟ نحن هنا نعيش في عزلة تامة، لو كان لديهم استعداد فعلي لكانت الطرق وصلت إلى جميع الدواوير، ولما كنا نواجه هذا الجحيم”، يقول عزيز بهرى، شاب من المنطقة، مضيفا أن “الجهات المسؤولة تولي أهمية كبيرة للطرق المصنفة والمناطق القريبة منها خوفا من وسائل الإعلام، فيما القرى النائية غالبا ما تصلها الأشغال متأخرة”، بحسبه.

ويضيف المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس: “نحن لا نطلب المستحيل، فقط توفير آليات كافية لفتح الطرق بسرعة، وتوزيع حطب التدفئة على السكان؛ هذا أقل ما يمكن فعله”، مشيرا إلى أن “الوضع مغاير تماما بين إقليم تنغير وإقليم ميدلت، إذ إن الجهات المسؤولة بالأخير تتدخل بسرعة كبيرة مباشرة بعد التساقطات الثلجية والمطرية، فيما سكان منطقة إملشيل ينتظرون لمدة طيولة”، وفقه.

ومع استمرار تساقط الثلوج وتوقعات بأيام أكثر برودة تتزايد مطالب الساكنة بضرورة إنشاء مرآب خاص بالآليات في المنطقة، ليكون على أهبة الاستعداد للتعامل مع الحالات الطارئة. “كل مرة ننتظر مجيء آليات من الريش أو ميدلت، وهذا يضيع الوقت ويزيد من معاناتنا”، يقول أحد السكان.

رسالة واضحة وصريحة وجهها سكان إملشيل عبر بعض النشطاء الجمعويين إلى السلطات المحلية والجهات المعنية، قالوا فيها: “توقفوا عن تقديم الوعود وابدؤوا اتخاذ خطوات فعلية. نحن نعيش هنا في ظروف لا يعلم قسوتها إلا من جربها، أطفالنا ونساؤنا وشيوخنا يعانون، والوقت ليس في صالحنا”.

وأكدت مصادر محلية أن عامل إقليم ميدلت الجديد بات يولي أهمية استثنائية للمناطق الجبلية المتضررة من موجة الثلوج، وعلى رأسها دائرة إملشيل.

ووفقا للمصادر ذاتها فقد أصدر العامل تعليماته بضرورة التدخل العاجل لتقديم الدعم اللازم للساكنة، مع التركيز على تسريع فتح الطرق والمسالك المغلقة وتوفير وسائل التدفئة والمؤن الضرورية.

وشدد عامل الإقليم، وفق المصادر ذاتها، على ضرورة تعبئة جميع الإمكانيات اللوجستية والبشرية للتخفيف من معاناة السكان، خاصة في ظل التوقعات الجوية التي تشير إلى استمرار التساقطات الثلجية الكثيفة في الأيام المقبلة.

أحمد مسعود
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق