بينما تستمر هيئات وتنظيمات متقاعدي القطاعات الحكومية بالمغرب في تسطير الأشكال الاحتجاجية الرافضة لاستمرار “جمود” المعاشات “الهزيلة” وحدها الأدنى، في ظل “غياب” الأثر المادي للإعفاء الضريبي المقر في قانون مالية 2025، يعتزم متقاعدو القرض الفلاحي بدورهم العودة إلى الشارع للتظاهر، بدءا بوقفة احتجاجية يوم الأحد المقبل، رفضا “لتواصل الحرمان من الحق في الانخراط في نظام تقاعد أساسي إجباري، أساسا، رغم عشرات السنين من الاقتطاعات من أجورهم”.
وأعلنت جمعية متقاعدي القرض الفلاحي، في بيان توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، أن تنظيم الوقفة المزمعة يأتي بغرض “إيجاد حلول عادلة ومنصفة لأزيد من 754 متقاعدا ومتقاعدة حرموا من الاستفادة من حقهم في الانخراط في نظام تقاعد أساسي إجباري”، وذلك رغم “قضائهم أكثر من 30 و42 سنة من العمل، وتم الاقتطاع من أجورهم، بمن فيهم الذين استفادوا من المغادرة الطوعية”.
وذكرت الجمعية أن مطالب متقاعدي القرض الفلاحي التي استدعت الاحتجاج، تشمل كذلك “الاستفادة من خدمات المصلحة الطبية للمؤسسة، وأغلبهم بدون تغطية صحية ويعانون من أمراض مزمنة،ومن نادي المؤسسة، ومن الحج والعمرة على غرار باقي القطاعات والمؤسسات البنكية”، إضافة إلى “تعيين مسؤول خاص لاستقبال المتقاعدين لطرح قضاياهم”، و”إرجاع المطرودين تعسفا”.
وهذه الخطوة الاحتجاجية تأتي، وفق ما أكده أعضاء الجمعية لهسبريس، “بعد عدم تأدية المراسلات الموجهة إلى رئاسة الحكومة والوزارات المعنية فضلا عن المدير العام للقرض الفلاحي إلى أي تقدم في الملف”، محذرين من أن جمعيتهم “قد تلجأ إلى مراسلة مكتب العمل الدولي في حال بقي هذا الملف الذي عمر لأزيد من عقد قائما، رغم أنها تحرص ما أمكن على تفادي هذا القرار”.
التهامي بلمعلم، رئيس جمعية متقاعدي القرض الفلاحي، قال إن “الجمعية مضطرة لخوض هذه الوقفة، بعدما لم تدفع مراسلات عدة بعثتها إلى المدير العام للقرض الفلاحي، آخرها في أكتوبر الماضي، وأخرى إلى رئاسة الحكومة ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الفلاحة خلال الشهر ذاته، نحو الاستجابة لمطالبها العادلة؛ أهمها رفع الحيف الذي طال متقاعدي هذا البنك جراء حرمانهم من الانخراط في نظام تقاعد أساسي”.
وذكّر بلمعلم، في تصريح لهسبريس، بأن “هؤلاء المتقاعدين كان يتم الاقتطاع من أجورهم، وبعضهم لما يزيد عن أربعين سنة، على أساس أن يستفيدوا من هذا الانخراط، إلا أنه مع تحول الصندوق الوطني للقرض الفلاحي إلى شركة مجهولة الاسم تحت مسمى القرض الفلاحي للمغرب، تم إقصاؤهم من هذا الحق في حين استفاد زملاؤهم الذين كانوا يشتغلون في البنوك التي تم إدماجها بهذه الشركة من التقاعد”.
وتساءل المصرح عن “سبب إقصاء هذه الفئة من المتقاعدين، الذين نوهت الأبناك الدولية بكفاءتهم، لأنهم اشتغلوا منذ كان القرض يشتغل على مجالات مرتبطة بالقطاعين البنكي والفلاحي، وقدموا خدمات جليلة للعالم القروي؟”، مستنكرا “بقاء الملف يراوح مكانه لأزيد من عقد، رغم وعد وزير التشغيل السابق عبد السلام الصديقي بتشكيل لجنة تضم القرض الفلاحي وصندوق الضمان الاجتماعي، وكون المحكمة الابتدائية حكمت بتعويضات، قبل أن يدفع القضاء الإداري بعدم الاختصاص”.
وأكد المتحدث ذاته أنه “بالإضافة إلى الحرمان من نظام أساسي للتقاعد، مع منح تقاعد تكميلي هزيل في غالب الأحيان، فإن العودة إلى الاحتجاج يستدعيها كذلك استمرار منع متقاعدي القرض الفلاحي من ولوج المصلحة الطبية ونادي البنك، الذي يقدم خدمات ترفيهية ورياضية، فضلا عن الحرمان من الاستفادة من دور الاصطياف التي تم تمويل إنشائها بجزء مهم من الاقتطاعات من أجورهم خلال فترة نشاطهم”.
وعاد بلمعلم للتأكيد أن “لجوء متقاعدي القرض الفلاحي إلى الاحتجاج يأتي اضطرارا منهم، ولأنهم يحاولون ما أمكن تفادي الاحتكام إلى المكتب الدولي للشغل، بما أنه سبق أن أرجع مطرودين منهم، وإلى المنظمة الدولية للشغل، حرصا منهم على مصلحة البلد، ولأنهم وطنيون”، بتعبيره.
من جهته، استنكر صلاح المنفلوطي، نائب رئيس جمعية متقاعدي القرض الفلاحي مدير سابق لوكالة بالبنك عينه، “عدم التجاوب مع هذه الفئة التي ذهب الاقتطاع من أجورها لما يزيد عن 40 سنة هدرا؛ إذ لم تستفد من حقها في الانخراط في نظام أساسي للتقاعد”، مضيفا: “التقاعد التكميلي الذي نتقاضاه هزيل جدا؛ إذ يصل بالنسبة لبعضنا إلى 2000 درهم، فيما يهوي إلى 900 درهم بالنسبة لمن كانوا اختاروا المغادرة الطوعية”.
وأكد المنفلوطي، في تصريح لهسبريس، أن “هذه الوقفة الاحتجاجية تأتي بعد سلسلة مراسلات إلى مدير البنك المعني، ورئاسة الحكومة والوزارة التي لها صلة بالملف، وبعد عدم إنصاف شريحة متقاعدي القرض الفلاحي التي لا تطالب سوى بحقها في التقاعد”، مشددا على أن “غالبية هؤلاء تعاني أمراضا مزمنة تتطلب منهم تكاليف باهظة، وكثير منهم يضطرون إلى الاشتغال في مهن عدة من أجل توفير القوت اليومي لأسرهم”.
وشدد نائب رئيس جمعية متقاعدي القرض الفلاحي على “عدم التقاط رسائل الوقفة الاحتجاجية المزمعة؛ فعدم التجاوب مع مطالب هذه الفئة ذات المظلومية قد يدفعها إلى مراسلة المكتب الدولي للشغل، رغم أنها تفضل أساسا طي هذا الملف بالمغرب، فنحن في دولة الحق والقانون في نهاية المطاف”.
0 تعليق