يعود الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، مجددًا إلى طموحه المثير للجدل لشراء جزيرة جرينلاند، على الرغم من المعارضة الدنماركية والجرينلاندية القوية.
وبحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية أصبحت الجزيرة، الأكبر في العالم، محور اهتمام ترامب لعدة أسباب أبرزها الموقع الجيوسياسي الفريد والثروات الطبيعية الهائلة.
رحلة ترامب جونيور
زار دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس المنتخب، جزيرة جرينلاند أخيرًا، واصفًا الزيارة بأنها "قليل من المرح"، وفي تصريح لشبكة "سي إن إن" قال: "أنا متحمس للتوقف في جرينلاند هذا الأسبوع".
أثارت الزيارة تكهنات حول خطط ترامب الأب تجاه الجزيرة، خصوصًا بعدما أعاد في ديسمبر 2024 إحياء فكرته السابقة خلال رئاسته الأولى عن ضرورة امتلاك الولايات المتحدة لجرينلاند، في مؤتمر صحفي، أوضح ترامب أن شراء جرينلاند "ضرورة مطلقة" للأمن الاقتصادي الأمريكي، دون استبعاد استخدام وسائل عسكرية أو اقتصادية لتحقيق ذلك.
موقع استراتيجي وثروات نادرة
تعتبر جرينلاند، التي يبلغ عدد سكانها 56 ألف نسمة، إقليمًا يتمتع بالحكم الذاتي تحت السيادة الدنماركية، وموقعها الجغرافي يجعلها مفتاحًا للأمن الأمريكي، خاصةً في مواجهة روسيا، إذ تقع بين الولايات المتحدة وأوروبا، وتشكل جزءًا من ممرات بحرية استراتيجية.
وفقًا لخبير الجغرافيا السياسية، أولريك برام جاد، فإن الولايات المتحدة تسعى لضمان أن تظل جرينلاند بعيدة عن سيطرة القوى المعادية، وقد عزّزت واشنطن وجودها العسكري في الجزيرة منذ توقيع معاهدة دفاعية مع الدنمارك عام 1951، ما أسفر عن إنشاء قاعدة بيتوفيك الجوية، إحدى أهم النقاط العسكرية الأمريكية في الشمال.
الثروات الطبيعية وذوبان الجليد
تشير شبكة "سي إن إن" إلى أن اهتمام ترامب بالجزيرة يمتد إلى كنوزها الطبيعية، من النفط والغاز إلى المعادن الأرضية النادرة، وتستخدم هذه المعادن، في تصنيع السيارات الكهربائية وتكنولوجيا الطاقة النظيفة، تكتسب أهمية استراتيجية في ظل سيطرة الصين على الإنتاج العالمي لها.
كما يبرز تغير المناخ كعامل اقتصادي مهم، إذ يؤدي ذوبان الجليد في القطب الشمالي إلى تسهيل الوصول إلى الموارد وفتح ممرات شحن جديدة. ومع ذلك، فإن المخاطر البيئية والملاحية الناتجة عن هذه التحولات تبقى عقبة أمام استغلال الفرص بشكل كامل.
معارضة لفكرة البيع
أعربت حكومتا الدنمارك وجرينلاند عن رفضهما القاطع لفكرة البيع، وأكد رئيس وزراء جرينلاند، موتي إيجيدي، في منشور على فيسبوك: "نحن لسنا للبيع ولن نكون كذلك أبدًا".
في الوقت نفسه، تواجه الدنمارك ضغوطًا متزايدة من جرينلاند التي تسعى إلى تعزيز استقلالها، وأعلنت الدنمارك في ديسمبر عن زيادة الإنفاق العسكري على الجزيرة، في حين أطلقت مبادرات رمزية تعزز ارتباط جرينلاند بالهوية الدنماركية.
آفاق المستقبل
يبقى السؤال حول جدية ترامب في متابعة هذا الطموح. هل ستتحول فكرة شراء جرينلاند إلى شراكة استراتيجية؟ وهل يمكن أن تؤدي الإغراءات المالية الأمريكية إلى تغيير موقف الجزيرة؟
حتى الآن، يرى مراقبون، مثل برام جاد، أن هذه التصريحات قد تكون مجرد استعراض للشجاعة السياسية أو وسيلة لتحقيق مكاسب أخرى، ومع ذلك، فإن الاهتمام الأمريكي المتجدد بجرينلاند يعكس بوضوح الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية المتزايدة لهذه الجزيرة القطبية في خضم التحولات العالمية.
0 تعليق