نسائيات يحفزن تطوير مدونة الأسرة

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

قالت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب إن “الرفض التام لاعتماد الخبرة الجينية ضمن مقترحات تعديل مدونة الأسرة كدليل على النسب ليس أقل إثارة للدهشة”، متسائلةً: “ألا يتعارض هذا الرفض بشكل مطلق مع الفصل 32 من الدستور ومع اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب؟ هل سيظل مصير الأطفال المولودين خارج إطار الزواج مرادفاً للتمييز والوصم إلى الأبد؟”.

وأفادت الجمعية ذاتها ضمن إعلانٍ توصلت به هسبريس بأن “المراجعة ‘الجديدة’ لمدونة الأسرة تم تصوّرها ضمن إطار محدود لا يتعدى عموما ‘تعديلات بسيطة'”، معتبرةً أنها “تعديلات لا ترقى إلى مستوى مواجهة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الأسر والنساء اليوم؛ كما أنها منفصلة عن الديناميات الديمقراطية المعلنة والخطاب المتعلق بحقوق الإنسان”.

وأوردت الهيئة نفسها أن هذه المراجعة “تتماشى أكثر مع منطق التوافق المحافظ بدلاً من السير قدما وبالجرأة الكافية نحو تطوير تشريع يلائم طبيعة العلاقات الجديدة داخل الأسر”، مضيفة أنها “بذلك تنتصر للحفاظ على الوضع الراهن بدلاً من تمكين المغربيات والمغاربة، وخاصة الأجيال الصاعدة، من استشراف مستقبل أكثر عدالة ومساواة خلال العقود المقبلة”.

سؤال الهبة

ترى الجمعية ذاتها أنها “بعد استبعاد المجلس العلمي الأعلى أهم المطالب المطروحة من طرف الحركة من أجل حقوق النساء وحقوق الإنسان، ولاسيما مذكرتها ‘من أجل تشريع أسري يضمن المساواة في الحقوق والعدل في الوضعيات والحالات ‘، يقترح المجلس ‘بدائل’ متوفرة أصلا ضمن الإطار القانوني الوطني وفي الممارسات الاجتماعية”.

على سبيل المثال قالت المنظمة عينها، في إعلانها الموسوم بـ”إعادة النظر في التشريع الأسري: كيف، لماذا، ولمن؟”، إن “الهبة تُستخدم (المادة 238 من مدونة الحقوق العينية) في كثير من الأحيان لمعالجة كل المطالب المتعلقة بإعمال العدل”، وزادت: “في حالة المطلب المتعلق بإلغاء التعصيب يُبرم العديد من الآباء عقود هبة لتوزيع متساوٍ للتركة بين الأبناء والبنات أو لحماية الوارثات الإناث من العصبة، كما تُقترح الهبة كجواب ‘بديل’ للسماح بحقوق الوراثة بين الزوجين من ديانتين مختلفتين”.

وتابعت الهيئة عينها شارحة: “مدونة الأسرة تجيز زواج المسلم بالكتابية، وفي الوقت نفسه لا تعتمد الأسباب الشرعية للإرث القائمة، حسب مدونة الأسرة، على القرابة والزوجية”، خالصة إلى أنه في كلتا الحالتين، “ولأسباب اقتصادية واجتماعية، لا يمكن للهبة أن تكون بديلاً شاملاً وفعالاً وعادلاً للمآسي العائلية والاجتماعية الناجمة عن التعصيب وعن منع التوارث بين أفراد الأسرة، بما في ذلك الأطفال، والمكونة من أبوين من ديانتين مختلفتين”.

وأردفت الجمعية النسائية: “كما هو الحال مع الهبة التي أضحت الحل/المعجزة فإن البديل لمطلب إلغاء تعدد الزوجات هو السماح به في حالات استثنائية، مثل عقم الزوجة أو مرض يمنعها من المعاشرة الزوجية، بناءً على تقدير القاضي” متسائلة: “لكن، كيف يمكن للقاضي تقييم قدرة المرأة على أداء واجباتها الزوجية؟”.

وبالنسبة للمنظمة الحقوقية النسائية سالفة الذكر فإن “هذه ‘البدائل’ المفترضة ليست فعالة ولا عادلة”، مشيرة إلى أنها “بذلك تكشف عن عدم بذل المجلس العلمي الأعلى، وهو هيئة دستورية، المجهود المنتظر منه في مجال الاجتهاد الذي يُفترض أن يكون جزءًا من أسباب وجوده ومهامه”.

“إشكالات متواصلة”

حسب الإعلان المذكور فإنه “بدلاً من معالجة أوجه عدم المساواة الهيكلية تُظهر التعديلات السطحية المقترحة نقصًا في إرادة الخروج من ‘منطقة الراحة’ لمواجهة مختلف التحديات المعاصرة، وعدم الوعي بأهمية القانون في تقديم إجابات حقيقية للمشاكل الواقعية، في ‘الحياة الدنيا’، حيث يزيد ظلم القانون من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية لملايين النساء والأطفال الذين يتوقف مصيرهم على ‘فيتو’ لا ندري لماذا يُرفع فقط عندما تُطرح المساواة بين النساء والرجال في الكرامة والحقوق للنقاش في الساحة العمومية”.

كما أوردت الجمعية: “لم يسبق أن شهدنا أي موقف استنكاري أو إدانة علنية من العلماء عندما تُنتهك الأحكام القرآنية لاستبعاد النساء من الإرث، كما هو الحال في الوقف الذري أو الخاص أو كما كانت عليه القوانين المنظمة للأراضي الجماعية”، مضيفة: “ألم يحظر المغرب على سبيل المثال العقوبة البدنية (الحدود) في جرائم السرقة والخيانة الزوجية، وشرعن القروض بفائدة، وصوت في دجنبر الماضي لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى وقف تنفيذ عقوبة الإعدام؟”.

وعودة إلى اللقاء التقديمي للمقترحات ترى الهيئة نفسها أن سمته الأساسسية هي “فشله في معالجة السؤال المركزي الذي يتعين أن يجيب عنه أي مشروع إصلاح: ما الغاية من الإصلاح؟”، معتبرة أنه “تغاضى عن إبراز المبادئ والأطر المرجعية التي استندت إليها المقترحات، لاسيما تلك المتعلقة بعدم التمييز والعدالة لنصف المجتمع، التي نص عليها الدستور والتزامات المغرب الدولية بموجب الاتفاقيات المصادق عليها”.

كما أغفلت المقتضيات المقدمة، حسب قول الجهة النسائية، “معطى مهيكل، يتمثل في المجهود المفترض أن يبذل على مستوى الاجتهاد الفقهي، الذي ينبغي أن يُفهم ويُنفّذ باعتباره نتاج معادلة قائمة على تحليل دقيق وصارم لمقاصد الشريعة، من جهة، ومن جهة أخرى يعتمد على مراعاة سياق مجتمع دائم التطور منذ القرن الثامن الميلادي، وصولا إلى ما هو عليه مغرب اليوم”.

عبد الله السعيد
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق