هل تستأنف فرنسا الصرامة في منح تأشيرات الإقامة للمواطنين المغاربة؟

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

عادت مسألة الهجرة لتحتل صدارة الملفات الأكثر إثارة للجدل بفرنسا، إذ ظهر أن مسؤولي الجمهورية يتحدثون عن توجه أكيد نحو التشدد في عملية منح التأشيرة للأجانب في وقت يظهر أن البلاد لا تزال تعيش على وقع أزمة سياسية هي الأولى من نوعها.

وكان برونو ريتايو، وزير الداخلية الفرنسي، أكد، خلال هذا الأسبوع، التوجه الجديد الخاص بضبط وتنظيم الهجرة، إذ قال: “سوف نكون أكثر صرامة فيما يتعلق بإصدار تأشيرات الإقامة القصيرة؛ لأن بعض الأشخاص يستخدمونها للإقامة بشكل غير قانوني على أراضينا”.

كما سجل، ضمن تصريحات إعلامية لصالح BFM TV، “إعطاء تعليمات للمصالح القنصلية للجمهورية بالعالم للتشدد في الإجراءات التي تهم التأشيرات، وتحديدا بالدول التي تشكل بالنسبة لنا مصدر تهديد في هذا الصدد، عبر تفعيل مراقبة صارمة في المراكز القنصلية العشرين الأكثر توفيرا لهذه التأشيرات”، بدون أن يشير إلى مناطق أو دول بعينها.

وتخلّف هذه التصريحات، التي تنطوي على “وعيد فرنسي” بحملة إضافية من التشدد في توفير التأشيرات لفائدة الأجانب، المزيد من الترقب لدى مواطني الدول المغاربية، خصوصا المغرب والجزائر وتونس، والتي تستحوذ على عدد مهم من التأشيرات التي تصدرها المصالح القنصلية لفرنسا بالخارج؛ نسبة مهمة منها لصالح أنشطة السياحة محددة المدة.

وحاولت فرنسا، في الأيام الماضية، تحريك ملف إشكاليات تدبير الهجرة، موازاة مع وجود توتر في علاقتها مع الجزائر بفعل رفض هذه الأخيرة استقبال مؤثر جرى ترحيله، فضلا عن مواصلة آخرين حاملين للجنسية الجزائرية الدعوة إلى أفعال تخريبية بفرنسا؛ وهو ما كان وزير الداخلية سالف الذكر قد أكد أن “باريس لن تتحمل هذه الوضعية”، في إشارة إلى تصعيد مرتقب مع الطرف الآخر.

ويترقب كثير من المغاربة إلى أي حد يمكن أن تصل إليه فرنسا في تطبيق “وعيدها” للدول التي تشكل “مصدر تهديد” لفرنسا في هذا الإطار، في الوقت الذي لم يذكر فيه ريتايو أية منطقة بعينها يمكن أن تشملها هذه الإجراءات؛ في حين أن باحثين مهتمين في الموضوع يرون أن “الجمهورية ستعتمد في معالجتها لهذا الملف على طبيعة علاقتها بكل دولة مغاربية على حدة، ولا يمكن أن تلجأ إلى التعميم، ما دام أن ذلك عرف الفشل في وقت سابق”.

وأكد خالد مونا، باحث في شؤون الهجرة، أن “الأمر يتعلق باستمرار فرنسا في تطبيق السياسة نفسها في مجال ضبط الهجرة، والتي تثير عادة مسألة منح التأشيرات لفائدة المواطنين المغاربيين على الخصوص، في الوقت الذي تعيش فيه الجمهورية أزمة داخلية تحاول التخفيف من حدتها بإثارتها لوضعية المواطنين القاطنين بفرنسا خارج إطار قانوني”.

وأوضح مونا لهسبريس أن “النقاش يستهدف في الأساس التأشيرة الخاصة بالأغراض السياحية، إذ لا يعني الأمر عادة نظيرتها الخاصة بكل من المهنيين والكفاءات؛ غير أن محاولة فرنسا اعتماد منطق العداء مع الدول المغاربية من جديد لن يكون ناجعا لكونه عرف الفشل في وقت سابق لكل الأطراف”.

كما تحدث عن “كون أي تصعيد من قبل فرنسا سيكون رهينا بعلاقاتها مع كل دولة على حدة، إذ إن مبدأ التخصيص في هذا السياق وارد، إذ لا يمكن تعميم وضعية معينة على مختلف الدول، بما فيها دول المغرب الكبير”، مبيّنا أن “مسألة التعاون في منح وثيقة أو ترخيص العودة يظل رهينا بإشكاليات كبيرة، في الوقت الذي يتخذ الفرنسيون هذا الشق من تدبير آثار الهجرة بمنطق الأرقام، حيث تصرّ وزارة الداخلية على ترحيل عدد معين خلال سنة على سبيل المثال”.

من جهته، أوضح فريد حسني، أكاديمي ونائب عمدة بانيوه بفرنسا، أن “إثارة النقاش من جديد حول الهجرة يرتبط بالأزمة السياسية التي تلت حل البرلمان، إذ عاد هذا الموضوع ليحتل صدارة المواضيع السياسية الأكثر إثارة للانتباه؛ فالتصريحُ بوجود توجّه نحو التشديد في مسألة منح التأشيرات للأجانب يبقى نوعا من طمأنة التجمع الوطني لا غير، بعدما لم يتم بعدُ تمرير قانون الميزانية”.

وأكد حسني، في تصريح لهسبريس، أن “التشدد الفرنسي في منح التأشيرات للأجانب، من بينهم المغاربة، معمول به منذ وقت سابق، وليس بالجديد، حيث إن المصالح القنصلية للجمهورية تتشدد دائما في هذا الصدد”، مبيّنا أن “مسألة التوجه نحو مزيد من القيود من عدمه سيتضح في المستقبل القريب”.

وجوابا عن مواصلة فرنسا التشبث بضرورة تعاون الدول المغاربية معها فيما يتعلق بترحيل المهاجرين غير النظامين، بمن فيهم المغاربة، كشف المتحدث ذاته أن “هذا الإجراء يرتبط بمسار جد معقّد، إذ تستوجب حلحلته نوعا من العقلانية بين فرنسا وهذه الدول، بما فيها المغرب، بعيدا عن أي منطق أمني خالص”، وفق تعبيره.

صلاح جميل

الكاتب

صلاح جميل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق