السيطرة على الفوضى النووية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
السيطرة على الفوضى النووية, اليوم السبت 14 يونيو 2025 09:35 مساءً

 

إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية يتطلب انضمام إسرائيل لمعاهدة عدم الانتشار وإخضاع منشآتها النووية لضمانات الوكالة

 

 

يعيش العالم اليوم فوضى نووية، من باكستان والهند إلى كوريا الشمالية، وصولاً إلى إيران وإسرائيل، ودولاً أخرى قد تكون في طور النشاط النووي، لكنها تعمل في الخفاء، والغريب أن القوى الغربية الكبرى تركز فقط على برنامجين "إيران وكوريا الشمالية"، وتتغاطى ربما عمداً عن برامج أخرى، قد تكون أشد خطورة من النووي الإيراني والكورى الشمالى.

 

ويؤكد الواقع ان هناك اطرافاً دولية، تبدو سعيدة بهذه الفوضى، وعدم الحسم، كون هذه الفوضى تحقق لها بعض من أهدافها السياسية.

 

وفي منطقتنا يدور الحديث دوماً عن إيران وبرنامجها النووي، وهناك تجاهل تام للحديث عن النووي الإسرائيلي، وكأن الغرب راض تماماً عن البرنامج الإسرائيلي، رغم أن الأخير هو الأكثر تهديداً للمنطقة، كونه في يد حكومة متطرفة، غير ملتزمة بالمواثيق والقوانين الدولية، وما يحدث اليوم من مجازر في قطاع غزة خير شاهد على إجرام هذه الحكومة.

 

ومن مصلحة كل دول المنطقة، أن تكون خالية من أي نشاط نووي عسكرى، أيا كان مصدره، سواء كانت إسرائيل أو إيران أو أي دولة أخرى، لذلك فإن مصر، كانت أول من طالبت بإخلاء المنطقة من النووي، ولا تزال على موقفها، الذى تعلنه في كل مناسبة وفاعلية، ومحاضر وجلسات مجلسى محافظى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ملئ بالمطالب المصرية، في هذا الخصوص، بل أن مصر دوماً تقف في مواجهة أي تحرك دولى يحاول منح الصفة القانونية لاى دولة أخرى غير نووية.

 

وخلال زيارته للقاهرة قبل أيام، سمع "رافاييل جروسي" مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من القاهرة المحددات الهامة التي يمكن البناء عليها لتحقيق أمن واستقرار المنطقة، حيث أكد له الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن مصر كانت دوماً في طليعة الدول الداعمة لمنظومة نزع السلاح وعدم الانتشار النووي باعتبار أنها تهدف إلى الوصول إلى عالم خال من الأسلحة النووية، وأن مصر تؤكد بشكل دائم على ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، وتتطلع لتعزيز الوكالة لدورها في دعم جهود تحقيق عالمية معاهدة عدم الانتشار، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.

كما أكد الرئيس السيسى لمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على أهمية تبني مقاربة شاملة لمعالجة كافة مسائل الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط لضمان الأمن والإستقرار في الشرق الأوسط.

 

وفى نفس اليوم، الذى استقبلت فيه القاهرة "رافاييل جروسي" كان هناك ضيف أخر مرتبط بالملف النووي، وهو وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي"، الذى أكد له الرئيس السيسى أيضاً الموقف المصري الرافض لتوسّع دائرة الصراع، مع التشديد على ضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الإنزلاق إلى حرب إقليمية شاملة ستكون ذات تداعيات خطيرة على أمن ومقدرات جميع دول وشعوب المنطقة، مشيراً في هذا الإطار إلى أهمية المفاوضات الجارية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

 

في القاهرة أيضاً سمع "رافاييل جروسي" مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مخاطر وتهديدات الخلل التعاهدي الحالي بالنسبة لالتزامات الدول في إطار منع الانتشار في منطقة الشرق الأوسطن والذى يفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة، حيث أكد له الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية، أن إسرائيل تظل الدولة الوحيدة بالمنطقة التي لم تنضم لمعاهدة عدم الانتشار وترفض إخضاع كافة منشآتها النووية لضمانات الوكالة، مشدداً له على ضرورة انضمام إسرائيل لمعاهدة منع الانتشار النووى كدولة غير نووية، كما أعرب له عن التطلع لقيام المدير العام ببذل الجهد في إطار تنفيذ القرار السنوي الصادر عن المؤتمر العام للوكالة بشأن تطبيق الضمانات في الشرق الأوسط.

 

هذه هي المواقف المصرية الواضحة والمعلنة، التي سمعها مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسمعها العالم كله، ومفادها أن السيطرة على الفوضى النووية في العالم تبدأ من الشرق الأوسط، من خلال العمل على نزع الأسلحة النووية، والتي يجب أن تدعمها عملية إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط، لما سيكون لذلك من مساهمة كبيرة فى دعم الاستقرار، لأنه ليس من المنطقى التركيز على برنامج وتجاهل برامج أخرى.

وانطلاقاً من هذه الرؤية، يمكن النظر بشكل أوسع إلى الرؤية العالمية تجاه ما يمكن تسميته بالفوضى النووية، فالولايات المتحدة الامريكية ومعها دول أخرى أعضاء في النادى النووي، وأقصد تحديداً بريطانيا وألمانيا لا يريدون فتح الحديث عن النووي الروسى، لذلك فإنهم يركزون بشكل كبير على إيران وملفها، بينما تقف فرنسا في منطقة رمادية، تعارض النووي الإيراني، ولديها تحفظات على النووي الإسرائيلي لكنها ليست تحفظات كاملة، أخذا في الاعتبار أن فرنسا هي من تولت بناء وتأسيس المفاعل النووي الإسرائيلي.

 

أما روسيا فمن مصلحتها عدم وجود قوى نووية جديدة في العالم خارج الأعضاء الحاليين في النادى النووي، الا بعد وضع آليات وضوابط للمراقبة، او ما يمكن تسميتها بالشروط والضمانات التي ليس من المتوقع حدوثها في القريب العاجل لوجود تباينات واضحة في الاراء والأفكار بين الدول النووية الكبرى، كما أن الخلاف الغربى الروسى، يصعب من عملية التوصل إلى رؤية واضحة ومحددة تجاه الملفات النووية.

 

في المجمل يمكن القول أن الفوضى النووية التي نراها تحدث اليوم، تقف خلفها قوى مستفيدة من وجود هذه الفوضى، كونها مرتبطة بمصالح سياسية واقتصادية مع دول بدأت في انتاج السلاح النووي، وبعض من هذه الدول الكبرى ضالعة في هذه الفوضى، وتعمل بمنطق أنها قادرة في أي لحظة على السيطرة، كما حدث مؤخراً في الخلاف الهندى الباكستانى الذى بدأ بشرارة صغيرة وتحول إلى تحديد نووي، الى أن تدخل الإدارة الامريكية وأنهت هذا الخلاف بهدنة بين البلدين الجارتين.

 

لذلك فمن المهم على دول المنطقة، ان تعيد ترتيب نفسها، وحساباتها المستقبلية، والا تراهن على موقف دولى لإخلاء المنطقة من السلاح النووي، لان القوى الدولية الكبرى، لن تتدخل الا بما يحقق مصلحتها فقط، كما يحدث اليوم في إيران، وهو ما يكشف أن الحل في السيطرة على الفوضى النووية بالمنطقة يبدأ من هنا وليس من واشنطن أو موسكو او غيرها من العواصم الغربية الأخرى.

 

أخبار ذات صلة

0 تعليق