إنتاج النفط الإيراني.. خبراء يرسمون حدود سياسة "الضغط الأقصى" لترمب

الطاقة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

تُنذر عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتضييق الخناق على إنتاج النفط الإيراني وصادراته في وقت تعصف فيه التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، التي كان على رأسها سقوط نظام بشار الأسد الحليف القوي لطهران سابقًا.

وبعد أن خرج من الاتفاق النووي خلال مدّته الرئاسية الأولى، توعّد ترمب في نوفمبر/تشرين الثاني (2024) بالعودة إلى حملة الضغط الأقصى على إيران ونفطها؛ لتكبيل يدها عن دعم وكلائها بالمنطقة، ومنعها من تطوير سلاح نووي.

والتقط قطاع النفط الإيراني أنفاسه خلال عصر الرئيس جو بايدن، كما منحته الحرب الروسية الأوكرانية في مطلع 2022 دفعة لزيادة الإنتاج عندما تحولت الأنظار بعيدًا عن طهران.

وتوضّح أحدث بيانات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) ارتفاع إنتاج النفط الإيراني إلى 3.22 مليون برميل يوميًا في نوفمبر/تشرين الثاني (2024) من 2.1 مليون برميل يوميًا في 2019.

وثمّة خطة طموحة لزيادة إنتاج النفط الإيراني بمقدار 200 ألف برميل يوميًا بحلول مارس/آذار، وصولًا إلى 400 ألف برميل يوميًا في العام الجديد، لكن السؤال يدور حول قدرة قطاع إنتاج النفط الإيراني على تحقيق ذلك وسط التحديات القائمة، وهو ما أجاب عنه محللون في السطور التالية.

إنتاج النفط الإيراني في 2024 و2025

ترى طهران أن زيادة قدرات إنتاج النفط الإيراني ما زالت قابلة للتحقيق رغم العقوبات الصارمة التي يلوّح بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب عند وصوله للبيت الأبيض في يناير/كانون الثاني (2025).

يؤكد ذلك الموقف وزير النفط محسن باكنجاد الذي قال في 8 ديسمبر/كانون الأول، إن خطط الزيادة تسير على الطريق المحدد.

ويرى باكنجاد الذي جاء ضمن أعضاء الحكومة الجديدة التي أعقبت مصرع الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية، أنه لا علاقة لقدرة الإنتاج بتشديد العقوبات.

وارتفعت الطاقة الإنتاجية إلى 3.62 مليون برميل يوميًا بحلول ديسمبر/كانون الأول من 3.56 مليون برميل يوميًا في 21 أغسطس/آب، وفي نوفمبر/تشرين الأولى بلغ حجم الإنتاج 3.2 مليون برميل يوميًا.

فرد أمن داخل مجمع بتروكيماويات في إيران
فرد أمن داخل مجمع بتروكيماويات في إيران - الصورة من وكالة الأنباء الفرنسية

ويقول مسؤولون، إن حقل أزادغان (Azadegan) أحد خيارات إيران لتحقيق الهدف في ضوء زيادة إنتاجه بنسبة 30%، ليصل إلى 200 ألف برميل يوميًا خلال العام المقبل، بفضل أعمال الصيانة.

وعلاوة على ذلك، قد يُثمر نجاح أعمال المرحلة الثانية من أعمال التطوير برفع إنتاج الحقل الإيراني من 400 ألف برميل يوميًا إلى 600 ألف برميل يوميًا خلال العام الإيراني الجديد (يبدأ في 21 مارس/آذار).

كما سجلت حقول كارون (Karun) و"أغارجاري" (Aghajari) و"غاشساران" (Gachsaran) زيادات في الإنتاج تراوحت بين 70 ألفًا و100 ألف برميل يوميًا على مدار الأشهر الـ3 الماضية.

وهنا، يقول محلل شؤون الطاقة عبد الله باباخاني، إن إيران لا تمتلك حاليًا قدرات غير مستغلة للزيادة، لكن يمكنها بناء قدرة الإنتاج بما يتراوح بين 200 ألف و250 ألف برميل يوميًا بنهاية الربيع المقبل، بالإضافة إلى ما يتراوح بين 150 ألفًا و200 ألف برميل يوميًا بنهاية العام الإيراني الجديد.

دونالد ترمب والنفط الإيراني

فور انتخاب دونالد ترمب رئيسًا جديدًا لأميركا على مدار 4 سنوات مقبلة، خفضَ محللو منصة "كوموديتي إنسايتس" (Commodity Insights) توقعاتهم لإنتاج النفط الإيراني في عام 2025 المقبل بمقدار 150 ألف برميل يوميًا في المتوسط.

وجاء في تحليلهم: "لا نتوقع أن يكون لعقوبات ترمب التأثير نفسه في عام 2018-2019، عندما انخفض إنتاج النفط الإيراني من 3.8 مليون برميل يوميًا إلى 2.1 مليون برميل يوميًا".

وهنا، يتوقع المحللون أن يتوقف نمو إنتاج النفط الإيراني بما يهدد خطط زيادة قدرات الإنتاج في ضوء عاملين رئيسين، هما:

  • عودة دونالد ترمب إلى المشهد.
  • الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط.

ومن أبرز الأسباب التي تعرقل هدف إيران الطموح: انسحاب الشركات الغربية -منذ وقت طويل- من البلاد التي تحولت إلى الاعتماد على حليفتيها الصين وروسيا؛ من أجل صيانة مرافق البنية الأساسية المتقادمة وتمويل أعمال الحفر الجديدة.

بدوره، يقول المحلل عبد الله باباخاني، إنه سيكون من الصعب أن يفرض ترمب عقوبات على كل قطاع النفط الإيراني، وربما ثُلثه فقط؛ لأن الرئيس الأميركي لن يحظى في ذلك بدعم الصين ودول الخليج.

يتفق مع ذلك الرأي مستشار منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، الذي يقول، إن ترمب لن يفرض عقوبات على إيران إلّا إذا طلب من دول الخليج زيادة إنتاج النفط.

وإذا وافقت الدول الخليجية على طلب ترمب؛ فسيؤدي فائض الإنتاج إلى تراجع أسعار النفط، لكن ثمة "شبه إجماع" بين المحللين على عدم الاستجابة الفعلية، بحسب الحجي.

وأوضح خلال إحدى حلقات برنامجه "أنسيات الطاقة" المذاع أسبوعيًا عبر منصة "إكس": "لن تفعل دول الخليج ذلك؛ لأن إيران موجودة على الجانب الآخر منها، وهي جارة، وستفسّر طهران هذا على أنه عداء، ومن ثم ليس هناك مخرج أمام دول الخليج لتفادي أيّ مشكلات مباشرة معها، إلّا أن تقول، إن لديها مخططًا قديمًا، وهو إعادة التخفيضات الطوعية للسوق بتاريخ معين، وإنها ملتزمة به قبل أن يأتي ترمب".

خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي

وتحمل الرئيسة التنفيذية لشركة الاستشارات فاندا إنسايتس (Vanda Insights)، فاندانا هاري، وجهة نظر تقول، إن العقوبات التي يهدد بها ترمب -وقد ينفّذها- هدفها إجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن قضايا جيوسياسية شرق أوسطية مثل برنامجها النووي وإسرائيل.

صادرات النفط الإيراني

تحاصر العقوبات الأميركية صادرات النفط الإيراني وإيراداته، بعدما قطعت السواد الأعظم من خيارات البيع خارج الحدود.

والصين هي أكبر مستورد للنفط الإيراني بنسبة تتجاوز 90%، كما خسرت طهران منفذ بيع قريب في سوريا، بعد سقوط حليفها الرئيس السابق بشار الأسد الذي كانت تدعم بقاءه بقوة.

وتوقفت إمدادات النفط الإيراني إلى سوريا، التي كانت تحوم حول 50 ألف برميل يوميًا، وما زال الغموض يكتنف موعد استئنافها في ظل الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع.

وعلى صعيد الصين، يُصَدَّر معظم النفط وبخصومات كبيرة تقلّ بنحو 30% عن أسعار النفط بالسوق العالمية بسبب العقوبات.

يُقارن ذلك بالتصدير إلى 10 دول بما لا يقلّ عن مليوني برميل يوميًا قبل العقوبات.

لكن محافظ البنك المركزي محمد رضا فارزين يتوقع ألّا تقل صادرات النفط الإيراني إلى الصين في المستقبل، واصفًا ذلك بـ"الشائعة والكذبة"؛ لأن كلًا من الإنتاج والاستثمارات في زيادة، على حدّ زعمه.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

1- توقعات النفط الإيراني في عصر ترمب من منصة ستاندرد آند بورز فلوبال

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
رانيا عبد المقصود

أخبار ذات صلة

0 تعليق