تواجه مصادر الطاقة المتجددة مشكلات مزمنة في الاتصال بالشبكات عبر الولايات المتحدة في عديد من الدول الأوروبية الرائدة بنشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وأصبحت الطاقة المتجددة تجتذب استثمارات ضخمة حول العالم، لكنها تواجه عقبات الشبكات غير الكافية التي تتسبب في طول مدة الربط البيني بالمشروعات الجديدة، وتخيف المستثمرين.

وباتت ظاهرة طوابير الطاقة المتجددة التي تنتظر الربط البيني مع الشبكات ملحوظة على نطاق واسع في ولايات تكساس وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، كما يعاني المطورون في هولندا وإسبانيا وألمانيا من المشكلة ذاتها.

وتقدّر إحدى الدراسات الحديثة –اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)- وجود مشروعات للطاقة الشمسية والرياح بقدرة توليدية تعادل 480 مفاعلًا نوويًا غير متصلة بالشبكات في الولايات المتحدة وأوروبا، ما يمثّل هدرًا كبيرًا للكهرباء النظيفة.

إضافات الطاقة المتجددة في 2024

ارتفعت إضافات الطاقة المتجددة في العالم بمقدار 102.5 غيغاواط، لتصل إلى 665.8 غيغاواط خلال عام 2024، مقارنة بنحو 563.3 غيغاواط عام 2023، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وجاء ذلك بقيادة الطاقة الشمسية على نطاق المرافق، مع نمو إضافاتها إلى 309.2 غيغاواط عام 2024، مقارنة بنحو 243.4 غيغاواط خلال عام 2023.

بينما ارتفعت إضافات الطاقة الشمسية الموزعة على الأسطح عالميًا إلى 196.2 غيغاواط عام 2024، مقارنة بنحو 182.9 غيغاواط عام 2023.

على الجانب الآخر، تراجعت إضافات قطاع الرياح البرية بصورة طفيفة إلى 105.4 غيغاواط عام 2024، مقارنة بنحو 106.5 غيغاواط في عام 2023.

بينما قفزت قدرة طاقة الرياح البحرية المضافة عالميًا إلى 20.7 غيغاواط في عام 2024، مقارنة بنحو 9.3 غيغاواط عام 2023، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

ومن حيث المناطق، ظلّت الصين محتفظة بالمركز الأول في تركيبات الطاقة المتجددة خلال عام 2024، بفارق ضخم عن أقرب المنافسين، كالتالي:

• تركيبات الصين: 418 غيغاواط.
• تركيبات الاتحاد الأوروبي: 65.3 غيغاواط.
• تركيبات الولايات المتحدة: 46.7 غيغاواط.
• تركيبات الهند: 33.8 غيغاواط.
• تركيبات البرازيل: 20.3 غيغاواط.

تقديرات هدر الطاقة المتجددة

رغم الطفرة الهائلة في تركيبات الطاقة المتجددة حول العالم، فإنها تواجه مشكلات متزايدة في الربط البيني مع شبكات الكهرباء في كبرى الاقتصادات الأوروبية والأميركية والآسيوية.

فقد وصلت سعة المرافق المتجددة غير المتصلة بالشبكات في الولايات المتحدة إلى 1500 غيغاواط على أساس الإنتاج في عام 2023، ما يزيد 9 مرات عن مستواها في عام 2015، بحسب تقديرات مختبر لورانس بيركلي الوطني في كاليفورنيا.

بينما تجاوزت القدرة الإجمالية لمرافق الطاقة الشمسية والرياح التي تنتظر الاتصال بالشبكات في 4 دول أوروبية 860 غيغاواط، بحسب تقديرات شركة أبحاث بلومبرغ نيو إنرجي فايننس.

ويقدّر مختبر لورانس القدرة التوليدية للمحطات المتجددة العالقة في قوائم الربط البيني مع الشبكات في أوروبا والولايات المتحدة بنحو 3300 تيراواط/ساعة من الكهرباء سنويًا، وهو ما يعادل إنتاج 480 مفاعلًا نوويًا قياسيًا، بحسب تقرير منشور في موقع نيكي آسيا المتخصص.

وارتفع عدد المحطات المتجددة التي تقدمت بطلبات للاتصال بالشبكة في الولايات المتحدة بصورة متسارعة بعد تنفيذ قانون خفض التضخم الذي يضم حوافز ضريبية كبيرة شجعت المنتجين، بحسب مدير الأبحاث في معهد اقتصادات الطاقة في اليابان جونيتشي أوغاساوارا.

وفي آسيا، رفضت الحكومة الكورية الجنوبية طلبًا من شركة إدارة الأصول الأميركية بلاك روك لبناء مزرعة رياح كبيرة بسبب نقص سعة الشبكة المتاحة في البلاد.

بينما قررت اليابان السماح لمحطات الطاقة المتجددة المبنية حديثًا بالربط مع خطوط الكهرباء الحالية، وسط مخاوف من أن يؤثّر ذلك بتوازن الشبكات في ظل عدم اكتمال مشروعات توسعتها.

وتثور مخاوف مشغّلي الشبكات من زيادة دمج المصادر المتجددة المتقطعة حسب ظروف الطقس؛ ما قد يربك حساب العرض والطلب ويؤثّر في استقرار الشبكات وموثوقيتها.

ولا تحتاج توسعة شبكات الكهرباء إلى استثمارات ضخمة فحسب، بل تحتاج إلى وقت قد يصل إلى 10 سنوات أو أكثر من التخطيط إلى الإنجاز، إذ يمكن لعمليات الموافقة المعقّدة وارتفاع تكاليف المواد الخام أن تؤخّر أعمال البناء والتوسعة بصورة أو بأخرى.
على العكس من ذلك، يبدو بناء محطات الطاقة المتجددة أسرع نسبيًا، خاصة الطاقة الشمسية التي يسهل تركيبها على أسطح المنازل وبدء التوليد منها بسرعة .

استثمارات شبكات الكهرباء

بلغ الاستثمار العالمي في الطاقة المتجددة قرابة 670 مليار دولار في عام 2023، ما يعادل ضعف المبلغ المستثمر في عام 2015.

بينما تُظهر بيانات وكالة الطاقة الدولية أن الاستثمار في البنية التحتية للشبكات حوال العالم لم يتجاوز 330 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بنحو 295 مليار دولار في 2022.

وتقدّر شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي حجم الاستثمارات المطلوبة في البنية التحتية لشبكات الكهرباء بنحو 3.1 تريليون دولار بين عامي 2024 و2030، حتى تتمكن من مواكبة متطلبات نشر الطاقة المتجددة بمعدلات تتوافق مع سيناريوهات الحياد الكربوني.

ويتطلب سيناريو الحياد الكربوني لوكالة الطاقة الدولية زيادة حصة المصادر المتجددة من مزيج الطاقة العالمي إلى 60% بحلول عام 2050، لكنها قد تنخفض إلى 40% إذا ظلت تواجه مشكلات نقص الشبكات عالميًا.

وتستعد بعض الحكومات لهذه المخاطر بزيادة استثمارات الشبكات، ففي أوائل أغسطس 2024 أعلنت الولايات المتحدة استثمارًا إضافيًا بقيمة 2.2 مليار دولار لتحديث شبكات الكهرباء لديها.

كما تخطط اليابان لاستثمار ما يتراوح بين 6 و7 تريليونات ين (42 و49 مليار دولار) في شبكات النقل حتى عام 2050، في إطار الأهداف الوطنية لتوسيع الشبكات وإزالة الكربون.

موضوعات متعلقة ..

اقرأ أيضًا ..

المصادر:

1. تقديرات هدر الطاقة المتجددة في أوروبا وأميركا من موقع نيكي آسيا.
2. بيانات الطاقة المتجددة في عام 2024 من وكالة الطاقة الدولية.
3. تقديرات استثمارات الشبكات بحلول 2030 من ريستاد إنرجي.