فضّل المشترون الآسيويون شراء نفط الشرق الأوسط وأفريقيا للتحميل في فبراير/شباط المقبل؛ ما يثير التساؤلات حول التغيرات التي طرأت على خريطة الشراء.
وبالتدقيق في بيانات صادرات النفط ووارداته لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، كانت الخامات الروسية والإيرانية الخيار الأقرب لمشتري الخام في كل من الصين والهند.
ويبدو أن الحصار الذي تسعى الإدارة الأميركية -سواء الحالية أو التي تقترب من سدة الحكم- لفرضه على نفط الدولتين الخاضعتين لعقوبات، أسهم في تغيير مسار الشراء الآسيوي، وحوّل أنظار اثنين من أكبر اقتصادات القارة باتجاه إمدادات بعض دول الشرق الأوسط والقارة السمراء.
ويسبح هذا الاتجاه عكس تيار السوق الذي يميل إلى العقود طويلة الأجل؛ إذ يخشى التجار من تحول التهديدات الأميركية لمشتري النفط من موسكو وطهران إلى إجراءات فعلية، مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، منصبه يوم 20 يناير/كانون الثاني 2025.
وصدمت وزارة الخزانة الأميركية الأسواق، مساء اليوم الجمعة 10 يناير/كانون الثاني 2025، بإجراءات مشددة ضد النفط الروسي شملت فرض عقوبات على ما يزيد على 180 ناقلة للخام ضمن أسطول الظل.
وامتدت العقوبات إلى شركتي "غازبروم نفط" و"سورغوت نفط غاز"، بالإضافة إلى تجار ومسؤولين ذوي صلة بالسوق؛ ما دفع أسعار الخام في اتجاه صعودي لتقترب من 80 دولارًا للبرميل.
بيانات شراء نفط الشرق الأوسط وأفريقيا
كشفت بيانات شراء نفط الشرق الأوسط وأفريقيا عن أن الأيام الأولى من شهر يناير/كانون الثاني الجاري، شهدت إقبالًا آسيويًا بمعدلات كبيرة.
ووضعت المصافي الصينية والهندية نصب أعينها الاستعداد لقيود إمدادات النفط الروسي والإيراني، والإجراءات الصارمة المعلنة -والمعتزم إعلانها- بحقهما سواء من قبل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، أو عقب تولي ترمب منصبه.
وفي ظل التحديات التي تلاحق الخامات الروسية والإيرانية، لجأ أبرز المشترين الآسيويين للبحث عن منافذ بديلة.
ففي الهند، أمّنت مصفاتان حكوميتان شراء 6 ملايين برميل من خام عمان وخام مربان الإماراتي، للتحميل في فبراير/شباط، طبقًا لتقديرات بلومبرغ.
وزادت شركة يونيبك الصينية الحكومية ومصافي تكرير ومشترون آخرون معدل شراء النفط من أنغولا وخامات الإمارات.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، استحوذت الإمدادات الروسية على "ربع" واردات الصين و"ثلث" مشتريات الهند، بحسب ما نقلته بلومبرغ عن بيانات كبلر.
فرص نفط الشرق الأوسط
تزايدت فرص نفط الشرق الأوسط في ظل الاتجاه لتقليص الواردات الآسيوية من خامات موسكو وطهران.
وجاءت هذه الزيادة إثر عوامل عدة؛ من بينها: نقص شحنات النفط الروسي الفورية، وارتفاع سعر خامات موسكو خاصة الأورال وإسبو، وكذلك ارتفاع سعر الخام الإيراني الخفيف.
ومن جانب آخر، قد يتأثر المشترون الآسيويون سلبًا مع فرض عقوبات إضافية على الناقلات المحملة بشحنات موسكو وطهران، واحتمال تعرض لمصافي التكرير المستوردة خاماتهم لقيود.
وربما كانت الخامات العربية الأوفر حظًا مقارنة بغيرها؛ لما تتمتع به من الدرجات المتوسطة الحامضة من مواصفات، بالإضافة إلى المواقع الجغرافي لأسواق الشرق الأوسط، ومرونتها في الشحن.
وتؤدي شركة توتال إنرجي الفرنسية دور الوسيط في هذا الشأن؛ إذ تعكف على تجميع خامات عدة؛ من بينها: زاكوم العلوي وخام عمان، وتجهيزها في شحنات للتصدير.
القيود المرتقبة على النفط الروسي والإيراني
بجانب المستوردين ومصافي التكرير، قد تهدد القيود الجديدة على النفط الروسي والإيراني الشركات الداعمة لهما بالخدمات المالية واللوجستية.
وقبيل أيام من تنصيب إدارة ترمب رسميًا، شنّ أعضاء في إدارة بايدن هجومًا على شحنات النفط الروسي مهددين بملاحقة أسطول ناقلات الظل.
ومن زاوية أخرى، تستعد إدارة ترمب بخطة شاملة لزيادة إنتاج النفط الأميركي لتعويض الأسواق عن نقص خامات روسيا وإيران المتوقع، وسط توقعات بتبني الإدارة الأميركية الجديدة اتجاهًا لفرض عقوبات جديدة على نفط طهران أيضًا.
ويبدو أن الرسائل غير المباشرة من التهديدات والإجراءات الأميركية وصلت إلى المشترين الآسيويين؛ ما دفعهم إلى زيادة الشراء من نفط الشرق الأوسط وأفريقيا.
واستعدت كبريات الأسواق الآسيوية للقيود المرتقبة بإجراءات محلية، مثل مطالبة الشركات الصينية لموانيها بعدم استقبال ناقلات النفط المحتمل وقوعها تحت نطاق العقوبات، سواء لأغراض الرسو أو تفريغ الشحنات.
وركزت الشركات في مطالبتها على مواني مقاطعة شاندونغ، التي تعد أكبر مشترٍ عالمي للنفط الخام الإيراني.
وعقب العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على النفط الروسي، باتت خامات روسيا وطهران محاصرة إلى حد كبير؛ ما يعزز فرص نفط الشرق الأوسط وأفريقيا.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر:
0 تعليق