من المتوقع أن يشكّل العام الجديد (2025) طفرة لمشروعات الغاز العربية، في ظل تسابُق عدد من دول المنطقة لتطوير احتياطياتها لتلبية الطلب المتزايد عالميًا على الوقود الذي يُنظر إليه بصفته وقودًا انتقاليًا في رحلة تحول الطاقة.
ووفق رصد لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ستشهد 9 دول عربية تحركات إيجابية في مشروعات غاز ضخمة قد تشكّل إضافة مهمة لسوق الطاقة في 2025.
فمن أقصى غرب قارة أفريقيا، سيشهد العام الجديد دخول دولة عربية إلى سوق الدول المنتجة والمصدرة للغاز المسال، مرورًا بالمغرب والجزائر وليبيا، وصولًا إلى السعودية وسلطنة عمان والعراق.
ومن المتوقع أن تسهم مشروعات الغاز العربية بشكل أكبر في التجارة الدولية للغاز المسال مستقبلًا، بعد إكمال حزمة مشروعات الإسالة الجاري تنفيذها حاليًا، والتي ستسهم في رفع القدرة التصديرية في الدول العربية بقرابة 50%، لتصل إلى 203 مليون طن سنويًا بحلول عام 2027.
في التقرير التالي، تستعرض منصة الطاقة أبرز مشروعات الغاز العربية المرتقبة على خريطة 2025:
مشروع تورتو أحميم في موريتانيا
يمضي مشروع تطوير تورتو أحميم في موريتانيا قدمًا نحو بدء الإنتاج والتصدير خلال 2025، بعد تأخُّر وعدّة تأجيلات لمدة 3 سنوات.
وكان من المقرر بدء الإنتاج من حقل غاز السلحفاة أحميم (المشروع المشترك بين موريتانيا والسنغال) في أبريل/نيسان 2022، إلّا أن عدّة تحديات أدت إلى تأخيره لعام 2025، فضلًا عن زيادة تكاليف عمليات تطوير المشروع.
وستشهد المرحلة الأولى من تورتو أحميم، أحد مشروعات الغاز العربية المنتظرة في 2025، إنتاج 2.5 مليون طن سنويًا من الغاز المسال.
ومن المتوقع أن يرتفع إلى 5 ملايين طن سنويًا خلال المرحلة الثانية، وما يصل إلى 10 ملايين طن سنويًا بعد إكمال جميع المراحل الـ3 للمشروع.
وسيُنتج مشروع تورتو أحميم الغاز من نظام تحت سطح البحر في المياه العميقة للغاية، ووحدة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة، التي ستعالج الغاز.
وسيُصدَّر الغاز عبر خط أنابيب يبلغ طوله نحو 35 كيلومترًا إلى منشأة الغاز المسال العائمة، ليُنقل إلى ناقلات الغاز المسال.
ولتحقيق هذه الغاية، وصلت سفينة جيمي للغاز المسال التابعة لشركة غولار إل إن جي (Golar LNG) إلى موقع المشروع في يناير/كانون الثاني 2024، وتبعتها سفينة تورتو العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ في يونيو/حزيران 2024.
ويُقال، إن المشروع يحتوي على أعمق بنية تحتية تحت سطح البحر في أفريقيا، مع آبار في أعماق مياه تصل إلى 2850 مترًا.
أنبوب الغاز المغربي النيجيري
يترقب عام 2025 تحركًا مهمًا للمضي قدمًا في مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري، إذ يُتوقع إطلاق الشركة المعنية بتطوير المشروع العملاق الذي سيربط دول غرب أفريقيا بأوروبا.
ويخطط المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن في المغرب إلى إطلاق مناقصات لبناء المراحل الأولى للمشروع الواقعة داخل أراضي المملكة خلال العام المقبل.
ومن المتوقع أن تضم المرحلة الأولى من المشروع 3 دول، هي المغرب وموريتانيا والسنغال، وستُوَقَّع خلال 2025 الاتفاقيات الخاصة بنقل الغاز، مع إطلاق مناقصات لتشييد خط الأنابيب، وتأسيس شركة خاصة تتولى مسؤولية إدارة المشروع على مستوى البناء والتشغيل والصيانة.
وحسب معلومات منصة الطاقة المتخصصة، فإنه من المتوقع اتخاذ قرار الاستثمار النهائي بالمشروع الذي أصبح يُعرَف باسم أنبوب الغاز الأطلسي الأفريقي (AAGP) خلال النصف الأول من العام الجاري.
ومن المقرر ربط المشروع بأنبوب الغاز المغربي الأوروبي، وبشبكة الغاز الأوروبية، وستبلغ السعة القصوى 30 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز.
ويوصف المشروع، الذي يبلغ طوله 6800 كيلومتر، ويمتد عبر 13 دولة، بأنه أكبر مبادرة للبنية التحتية في القارة، إذ أطلقه المغرب ونيجيريا في عام 2016 لربط موارد الغاز النيجيري بأوروبا عبر المغرب، بتكلفة تُقدَّر بنحو 25 مليار دولار.
الخريطة التالية، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، تستعرض مسار أنبوب الغاز المغربي النيجيري:
أنبوب الغاز الجزائري النيجيري
بالموازاة مع مشروع المغرب، يجرى العمل على قدم وساق من أجل تحركات جادّة لتجسيد مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري، ما يسمح للصادرات النيجيرية بالوصول مباشرة إلى أوروبا عبر الخطوط الجزائرية.
وأنبوب الغاز الجزائري النيجيري من المشروعات الإستراتيجية في أفريقيا، إذ يبلغ طوله نحو 4 آلاف و128 كيلو مترًا، أُنجِز منها قرابة 2200 كيلو متر، وتصل ميزانيته إلى أكثر من 13 مليار دولار.
ويمتد أنبوب الغاز الجزائري النيجيري على مسافة 4 آلاف كيلو متر من أبوجا حتى السواحل الجزائرية، أُنجز العمل فيه داخل نيجيريا حتى منطقة كامو، ولم يتبقَّ منه سوى 100 كيلو متر للوصول إلى حدود النيجر.
أمّا الجزائر، فوفق البيانات المتوفرة لدى منصة الطاقة المتخصصة، أنجزت الخطوط حتى منطقة أهنات، ويتبقى 700 كيلو متر إلى الحدود مع النيجر.
ويتبقى من مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري 100 كيلومتر في نيجيريا، و700 كيلومتر من جهة الجزائر، بالإضافة إلى 1000 كيلومتر تمثّل شريط النيجر، بإجمالي 1800 كيلومتر لإتمام المشروع.
وتمتلك الجزائر شبكة من الأنابيب التابعة لمجمع سوناطراك، تفوق 2000 كيلومتر، الأمر الذي يعكس جاهزية أنبوب الغاز الجزائري للتنفيذ على أرض الواقع.
ويستهدف المشروع نقل نحو 30 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر الجزائر، ويحظى المشروع بدعم كبير من البنك الأفريقي للتنمية، وتُعوّل عليه دول القارة العجوز التي تسعى إلى الاستغناء عن الغاز الروسي.
ليبيا تدخل على خط الغاز النيجيري
من المتوقع أن يشهد العام الجديد تحركات من قبل ليبيا للمنافسة على نقل الغاز النيجيري إلى أوروبا أسوة بالجزائر والمغرب، مستغلة في ذلك بُنيتها التحتية الجاهزة، التي ترتبط مباشرة مع إيطاليا عبر غرين ستريم.
واقترحت ليبيا خلال عام 2024 تنفيذ مشروع خط أنابيب لتصدير الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر النيجر، لتلبية احتياجات القارة الأوروبية.
وترسل ليبيا الغاز إلى إيطاليا عبر خط "غرين ستريم"، الذي أُنشِئَ وفقًا لاتفاق بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة إيني الإيطالية، بالمناصفة 50% لكل طرف.
ويُضَخ الغاز من محطة لضغط الغاز بمجمع مليتة، ويُرسَل عبر خط طوله 520 كيلومترًا إلى محطة أخرى تستقبل الغاز في جزيرة صقلية، بقدرات تصل إلى 8 مليارات متر مكعب سنويًا.
وينتج معظم صادرات الغاز الليبية من حقل بحر السلام، ومن حقل الوفاء جنوب غرب البلاد، ويُرسَل إلى مجمع مليتة للمعالجة قبل التصدير إلى إيطاليا.
وكانت ليبيا قد وقّعت خلال العام الماضي صفقة مع شركة إيني الإيطالية لتطوير قطعتين غازيتين في المنطقة البحرية غرب طرابلس، باحتياطيات تصل إلى 6 تريليونات قدم مكعبة، مع توقعات بإنتاج 850 مليون قدم مكعبة يوميًا لمدة 25 عامًا.
حقل الجافورة
يمثّل حقل الجافورة في السعودية أحد أهم مشروعات الغاز العربية المنتظرة خلال 2025، إذ من المتوقع أن تدخل المرحلة الأولى منه حيز الإنتاج خلال الربع الثالث من العام.
وتنفّذ أرامكو السعودية خطة لتطوير حقول الغاز غير التقليدي للعمل على زيادة إنتاج السعودية من الغاز الطبيعي، لتلبية الطلب المحلي على الطاقة منخفضة الانبعاثات، والتصدير للخارج.
ويعدّ حقل الجافورة الضخم أكبر مورد غاز غير تقليدي في السعودية، مع ارتفاع احتياطياته من 200 تريليون قدم مكعبة قياسية (5.7 تريليون متر مكعب) إلى 229 تريليون قدم مكعبة قياسية (6.48 تريليون متر مكعب)، بالإضافة إلى 75 مليار برميل من المكثفات.
ومن المتوقع أن ينتج الحقل مع بدء تشغيله في عام 2025، نحو 200 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا (5.7 مليون متر مكعب يوميًا) من الغاز الطبيعي.
وبحلول عام 2030، من المقدّر أن يصل إنتاج الجافورة إلى ملياري قدم مكعبة قياسية يوميًا (57 مليون متر مكعب يوميًا)، بالإضافة إلى إنتاج كميات من ضخمة من الإيثان.
ووقّعت أرامكو خلال عام 2024، نحو 16 عقدًا بقيمة إجمالية 12.4 مليار دولار، لتطوير المرحلة الثانية من مشروع الجافورة، التي تشمل إنشاء مرافق ضغط الغاز وخطوط الأنابيب المرتبطة بها، وتوسعة معمل الغاز، بما في ذلك بناء وحدات معالجة الغاز، والمرافق العامة، ومرافق الكبريت والتصدير.
وسيتضمن المشروع إنشاء مرافق (رياس) الجديدة لتجزئة سوائل الغاز الطبيعي التابعة للشركة في الجبيل، بما في ذلك وحدات تجزئة سوائل الغاز الطبيعي ومرافق التخزين والتصدير لمعالجة سوائل الغاز الطبيعي المنتجة من الجافورة.
الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض أبرز المعلومات عن حقل الجافورة السعودي:
مشروع توتال في العراق
يعوّل العراق على مشروع توتال في دعم خططه الإستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز، ووضع حلول جذرية لأزمة نقص الوقود في محطات الكهرباء.
وتخطط شركة توتال إنرجي الفرنسية لإكمال المرحلة الأولى من مشروع الكهرباء من الطاقة الشمسية خلال عام 2025، بالإضافة إلى إنجاز المرحلة الأولى من مشروع استثمار الغاز المصاحب خلال العام نفسه، وبطاقة إنتاجية 50 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، من أصل الطاقة التصميمية البالغة 300 مليون قدم مكعبة.
وفي 10 يوليو/تموز 2023، وقّع العراق اتفاقًا مع عملاقة الطاقة الفرنسية توتال إنرجي، بقيمة 27 مليار دولار، وهي الصفقة التي تأجلت لمدة طويلة، بسبب الخلافات السياسية التي شهدتها البلاد.
وتستهدف الاتفاقية زيادة حجم إنتاج النفط في العراق، وتعزيز قدرته على إنتاج الكهرباء، من خلال 4 مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة.
وتستهدف توتال استثمارًا مبدئيًا بقيمة 10 مليارات دولار في العراق خلال المرحلة الأولى، عبر بدء تنفيذ الأعمال الهندسية لبعض المشروعات.
وتتضمّن صفقة الـ27 مليار دولار 4 مشروعات ضخمة، تتمثل في:
- مدّ خط الأنبوب البحري الذي ينقل ماء البحر إلى الحقول النفطية، بطاقة تصميمية قدرها 7.5 مليون برميل مياه يوميًا، بهدف إدامة الإنتاج من الحقول النفطية.
- تطوير حقل أرطاوي وزيادة الإنتاج من 80 ألف برميل يوميًا -حاليًا- إلى 200 ألف برميل يوميًا.
- إنشاء مجمّع غاز أرطاوي بسعة 600 مليون قدم مكعبة قياسية، بغرض استثمار حرق الغاز من 5 حقول نفطية.
- إنشاء محطة لتوليد الكهرباء تعتمد على الطاقة الشمسية، بقدرة إجمالية تصل إلى 1000 ميغاواط.
مشروعات قطر وعُمان والإمارات
لا يمكن الحديث عن مشروعات الغاز العربية دون الإشارة إلى الخطوات الكبيرة التي تنفّذها كل من قطر والإمارات وسلطنة عمان، إذ تستهدف إضافة قدرات ضخمة لصادرات الغاز العربية.
وخلال عام 2025، ستواصل قطر تنفيذ مشروع التوسعة الضخم لحقل الشمال تمهيدًا لبدء الإنتاج في 2026، إذ يستهدف المشروع زيادة إنتاج قطر من نحو 77 مليون طن سنويًا من الغاز المسال، إلى 110 ملايين طن في عام 2026، وصولًا إلى 126 مليون طن في 2027.
ويعدّ مشروع توسعة حقل غاز الشمال أولوية مطلقة بالنسبة لدولة قطر، إذ يتصدر قائمة اهتمامات كل الشركات العالمية الراغبة بالمشاركة في عمليات التطوير، وهو ما اتّضح خلال العامين الماضيين، مع تقدُّم عدد كبير من شركات الطاقة العالمية للحصول على حصص في المشروع.
ومن المتوقع أن تضيف توسعة حقل الشمال إلى سوق الغاز المسال العالمية نحو 49 مليون طن سنويًا، نجحت قطر للطاقة حتى منتصف العام الجاري في تسويق أكثر من 25 مليون طن منها، بموجب عقود طويلة الأجل.
وتخطط قطر للطاقة خلال عام 2025 لمواصلة تسويق وبيع باقي إنتاج المشروع المتوقع من خلال عقود طويلة الأجل من العملاء، مع تزايد الاهتمام خاصة من الدول الآسيوية على الغاز المسال.
وفي الإمارات، من المتوقع أن تنتهي أدنوك من تسويق وبيع كامل الإنتاج المتوقع من مشروع الرويس للغاز المسال، المقرر دخوله حيز التشغيل في 2028، بعد أن نجحت حتى الآن في توقيع العديد من الصفقات طويلة الأجل.
وحتى الآن، وقّعت عملاقة النفط الإماراتية اتفاقيات ببيع أكثر من 8 ملايين طن متري سنويًا لعملاء دوليين بموجب اتفاقيات طويلة الأمد من سعة المشروع البالغة 9 ملايين طن سنويًا.
وبمجرد اكتمال العمل فيه، سيسهم المشروع من خلال خطَّي تسييل غاز طبيعي مسال، تبلغ سعة كل منهما 4.8 مليون طن متري سنويًا، وبسعة إجمالية تصل إلى 9.6 مليون طن متري سنويًا، بزيادة سعة الشركة في إنتاج الغاز المسال إلى أكثر من الضعف، لتصل إلى 15 مليون طن متري سنويًا.
ويعدّ مشروع الرويس أول مشروع لتصدير الغاز المسال يعمل بالطاقة النظيفة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يجعله واحدًا من أقل مصانع الغاز الطبيعي المسال من حيث كثافة الكربون في العالم.
الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض عدد من الصفقات التي وقّعتها أدنوك لتسويق إنتاج مشروع الرويس حتى أغسطس/آب 2024:
وفي سلطنة عمان، يجرى العمل على قدم وساق من أجل زيادة قدرات البلاد من خلال تنقيذ خط رابع بالمجمع الصناعي في قلهات بولاية صور بسعة إنتاجية سنوية تُقدَّر بـ 3.8 مليون طن متري.
سيسهم الخط الرابغ، الذي يُتوقَّع دخوله حيز التشغيل في 2029، برفع إنتاج سلطنة عُمان من الغاز المسال إلى 15.2 مليون طن متري سنويًا، إذ يعزز الخط الجديد الإنتاج السنوي من الغاز الطبيعي المسال ومشتقاته، ويمكّن البلاد من الاستغلال الأمثل للاحتياطات المتوفرة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق