حركات يغوص في حكامة الأحياء الجامعية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدر حديثا للدكتور محمد حركات، أستاذ الاقتصاد السياسي والحكامة بجامعة محمد الخامس بالرباط، كتاب جديد باللغة الفرنسية تحت عنوان “ما لم يقل بشأن حكامة الأحياء الجامعية والحياة الطلابية”.

ويتوخى العمل الجديد للخبير الدولي في مجال تقوية القدرات الاستراتيجية والمؤسسية للمنظمات، الذي يتزامن مع الدخول الجامعي وانطلاق استقبال الأحياء الجامعية للطلبة على المستوى الوطني، المساهمة في إثراء النقاش حول هذا الموضوع، الذي لم يستأثر بالاهتمام الكافي من قبل الباحثين بشأن ظروف الإقامة والعيش بالحي الجامعي بالمغرب.

وحسب معطيات حول الإصدار، فإن الكتاب يسلط الضوء على شريحة الوافدين الجدد من الجهات والشرائح الاجتماعية المهمشة والفقيرة، كما يبحث في إشكالات هذه الأحياء التي تفتقر إلى أهم المرافق الأساسية، والتي لا تليق بصيانة كرامة الطالب، كما استنتجت ذلك المهمة الاستطلاعية التي قامت بها لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب في أكتوبر 2023 إثر مأساة حريق الحي الجامعي بوجدة، ليلة 12 شتنبر 2022، الذي شب بأحد أجنحة الحي ونجمت عنه وفاة ثلاثة طلبة وإصابة أربعة وعشرين آخرين بحروق متفاوتة الخطورة.

ويعد هذا الكتاب بمثابة مشروع دعم تعزيز القدرات المؤسسية والاستراتيجية للأحياء الجامعية والحياة الطلابية بشكل عام، والتعريف بدور الحكامة الاستراتيجية بها، بشكل خاص في التنمية الإنسانية الشاملة، وبناء مجتمع المعرفة من خلال ترسيخ قيم الديمقراطية والتسامح والتعبئة الاجتماعية لدى الطلاب الشباب عبر ضمان الظروف المواتية التي تسمح لهم بالتنمية المجتمعية وأمنهم وحماية كرامتهم.

ويقر الكاتب مبدئيا بأن “ليس هناك تشكيك فيما تم إنجازه من مكتسبات وطنية كبرى ومجهودات محمودة في مختلف المدن الجامعية، ومع ذلك إذا كانت هناك أشياء لم يتم الإفصاح عنها بما فيه الكفاية في مجال حكامة القطاع والحياة الطلابية بشكل خاص وقادتنا إلى ما نحن عليه الآن، فلا شيء يمنعنا من تطوير بدائل أخرى بشرط أن نقوم أولاً بإجراء تقييم صادق وشفاف للوضع العام في الأحياء الجامعية”.

وينقسم المؤلف إلى ثلاثة أقسام، خصص القسم الأول منها لعرض الفرضيات والمناهج العلمية المعتمدة في تحليل أسس ومميزات وخصائص حكامة الأحياء الجامعية والحياة الطلابية بصفتها منظمات معقدة ودعامة استراتيجية جوهرية في سبيل تجويد نجاعة أداء الجامعة وتوفير ظروف ملائمة في التعليم والبحث العلمي والإبداع لدى الطلبة من خلال توسيع الطاقات الاستيعابية والقدرات؛ وقد عالجها الكاتب وفق مقاربة شمولية موضوعية ونقدية علمية عمادها توسيع الطاقات الاستيعابية للأحياء، وتجويد الخدمات المقدمة داخلها في زمن الأزمة متعددة الأبعاد (الركود التضخمي، الجفاف وتداعيات جائحة “كوفيد- 19”) لأسر وأولياء الطلبة، حيث لم يحظ السكن الجامعي بالأولوية في عمليات تطوير المنظومة الوطنية للتعليم العالي الجامعي عند الحكومة، رغم العلاقة الوطيدة بين الحي الجامعي والمدرج الجامعي في التلقين وتقاسم ونشر المعرفة في المجتمع.

ويتميز القسم الثاني من الكتاب بالوقوف على حالة الأمكنة من تنظيم وبنيات اشتغال والمهام المنوطة بالأحياء الجامعية في تكريس قيم التعايش والديمقراطية والابتكار والمثابرة، فضلا عن إبراز مظاهر معيقات الحكامة بشكل عام بها عبر قيام الكاتب بتقييم مهني لقدرات الأحياء الاستراتيجية والمؤسساتية واستخراج نقط القوة (الحصيلة والإنجازات الإيجابية)، والوقوف على ضعف القدرات في استيعاب الطلبات المتزايدة على الأحياء في شتى المجالات الوظيفية والعملية، وفي مستلزمات تجويد الخدمات الاجتماعية المقدمة للطلبة (المنح، الإقامة، الإطعام، المرافق الصحية، البيئة، الأنشطة الثقافية والرياضية، التكوين الديمقراطي، الشفافية الإدارية والمالية للمرفق، الإشعاع العالمي للطالب الأجنبي القاطن بالسكن الجامعي).

أما القسم الثالث والأخير فيتجلى في تقديم بعض الدعامات الجوهرية والاستراتيجية المندمجة والشاملة الكفيلة بابتكار وتجديد وتجويد فضاء الحي الجامعي والحياة الطلابية داخل الموقع، والمتمثلة في سبعة عناصر هامة، بدءًا بتعزيز وتقوية كافة القدرات القيادية في الأحياء الجامعية، مع ضمان انخراط مختلف الفاعلين الإداريين والاقتصاديين والاجتماعيين والمتبرعين من المقاولات والأسر الثرية في سبيل دعم الدولة في تجسير الخصاص في تلبية الاحتياجات والطلبات المتزايدة للباحثين الشباب عن السكن والإيواء والظروف المريحة بالحي لمتابعة دراساتهم العليا، إلى جانب تحديد مختلف المخاطر التي يجب السيطرة عليها داخل المساكن الجامعية، ووضع الطالب القاطن في صلب الحكامة الاستراتيجية، مع الالتزام بخطة شاملة لتكوين وتحفيز الأطر الإدارية والفنية والأعوان، والاهتمام ببلورة سياسة عقارية ولوجستية وبيئية مبتكرة وآمنة، وتعميم استخدام التكنولوجيا في جميع أنشطة الأحياء الجامعية، وبلورة استراتيجية جديدة لتطوير التعاون الدولي في مجال الدبلوماسية الجامعية الموازية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق