شيوخ زوايا: الهبات الملكية تدعم جهود تنزيل الوسطية ومحاربة الإرهاب

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مازالت الزوايا الصوفية بالمغرب تستأثر باهتمام المؤسسة الملكية، إذ تحظى بهبات ملكية تتسلمها من الحجابة الملكية بشكل دوري، بالموازاة مع عدد من المناسبات الدينية والوطنية كذلك، لعل أبرزها الذكرى السنوية لوفاة الملك الراحل الحسن الثاني التي تحل في التاسع من ربيع الثاني من كل سنة هجرية.

وبهذه المناسبة تسلم مشرفون على عدد من الزوايا شمال المغرب هبات ملكية، خلال الأيام الماضية، عادة ما يستفيد منها حفظة كتاب الله بهذه الزوايا ومنتسبوها، وتُخصص لإقامة حفلات دينية تتم خلالها تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم، وتجديد الولاء لإمارة المؤمنين والتأكيد من جديد على الوسطية والاعتدال والتشبث بثوابت المملكة والعقيدة الأشعرية.

وعادة ما تحظى هذه الالتفاتة بتقدير كبير من قبل الواقفين على شؤون عدد من الزوايا بالمغرب، إذ يرون فيها التفاتة رمزية وذات دلالات مختلفة تتصل بالاعتراف المؤسساتي المغربي بأدوار هذه الزوايا التربوية والدينية، والمساهمة في التنزيل الأمثل للوسطية والاعتدال التي يتبناها المغرب ضد التوجهات المتطرفة.

دعم التمسك بالثوابت

البداية كانت مع توفيق عبد الله، فقيه مدرسة سيدي أحمد أوموسى بتازروالت (الزاوية السملالية)، الذي أكد أن “الهبة الملكية التي تستفيد منها المدرسة نوعان؛ الأولى يأتي بها الحاجب الملكي خلال الموسم الذي يقام في فترة الصيف، ويتم توزيعها على حفظة القرءان الكريم، وأصحاب اللطف بالزاوية، والمعوزين والأرامل، فضلا عن الشرفاء كذلك”.

أما النوع الثاني من الهبة الملكية، وفق عبد الله، فهي “تلك التي يتم توزيعها خلال إحياء ذكرى وفاة الحسن الثاني في التاسع من ربيع الثاني من كل سنة هجرية، ويتم تسخير قيمتها المادية لتمويل الأنشطة الدينية التي يتم القيام بها، بما فيها قراءة دلائل الخيرات واللطف، وإقامة المعروف والسلكة والدعاة مع إمارة المؤمنين”، وزا: “الهبة دائما تعني لنا الكثير، وهي رمزية أكثر من كونها ذات طبيعة مادية”.

وأكد المتحدث ذاته لهسبريس أن “الهبة الملكية في نهاية المطاف تساهم في تشجيع الطلبة والعامة من الأمة على البذل والعطاء والتشبث بثوابت الأمة والاستعانة بمذهب الإمام مالك، والمحافظة على الإمارة المؤمنين”، مشيرا إلى أنها كذلك “تساهم في دحر التيارات غير الوسطية، داخليا وخارجيا”.

فقيه مدرسة سيدي أحمد أوموسى بتازروالت اعتبر أن “استمرار إمارة المؤمنين في تقديم الهبات يؤكد تشبثها بمؤسسات الزوايا، في وقت نتشبث نحن كذلك بها، وسعينا إلى دعم التصوف السني والمحافظة على الثوابت والعقيدة الأشعرية”، خالصا في الأخير إلى أن “رمزية الهبة الملكية في نهاية المطاف أعمق وأدل من ماديتها، لكونها شيئا عظيما”.

هبات بخلفيات رمزية

عبد العزيز المقدم، نقيب الزوايا الركراكية بالمغرب، أكد من جهته أن “تسليم الهبات لفائدة الزوايا بالمغرب هو تراث وممارسة سارت على نهجها الملكية طيلة العقود الماضية، وهي بذلك من مظاهر الاعتراف بالأدوار الدينية والتربوية لهذه المؤسسات الصوفية، وما تقوم به في سبيل الحد من تناسل الأفكار الهدامة وذات النفحات الإرهابية”.

وأضاف المقدم في تصريح لهسبريس: “نتحدث عن هبات ذات قيمة رمزية وليست ريعا، إذ إن قيمتها يتم توزيعها على حملة كتاب الله والمنتسبين إلى الزاوية في بعض الأحيان، بما ينضاف إلى مساعدات لوجيستية خلال إقامة الموسم الخاص بنا، حيث تتدخل وزارة الداخلية عبر مصالحها لتمكيننا من بعض المرافق التي تقع تحت تسييرها”.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن “الهبة الملكية هي ذات أبعاد رئيسية في نهاية المطاف، إذ إن رمزيتها تصب في اتجاه دعم الزوايا من أجل القيام برسائلها التربوية والدينية، خصوصا عن طريق المدارس القرآنية التي تقوم بتدبير أمورها ومساندة الناشئة على التشبث بدين الله وإمارة المؤمنين”، مشيرا إلى أن “الزوايا بالمغرب تندرج في إطار منظومة التصوف التي تتصدى في نهاية المطاف للتوجهات الخارجة عن الوسطية والاعتدال وتنبذ الغلو”.

لتجديد العهد

سعيد الناصري، أخ شيخ الزاوية الناصرية الواقعة بتمكروت بإقليم زاكورة، كشف من جهته أن “الهبات الملكية تساير توجهات الدولة من أجل الحفاظ على الأمن الروحي للبلاد، إذ تدعم جهود زرع المحبة بين الناس وإسداء المعروف وتجديد الود وإطفاء الغضب بينهم كذلك”.

متحدثا لهسبريس أورد الناصري: “للأمانة فإن دعم الملك محمد السادس غير محدود للزوايا، بل يتقوى ويتمظهر أكثر في المناسبات الدينية والوطنية من أجل إكرام زوايا المملكة”، معتبرا أن “الزوايا لديها مساهمات في دفع المغاربة نحو التشبث بثوابت المملكة وبإمارة المؤمنين كذلك، وهو ما يبرز الدعم المتواصل للملك لهذه المؤسسات الدينية والتربوية”.

وأردف المتحدث ذاته: “الزاوية الناصرية ظلت تحظى باهتمام أكبر من قبل الملكية، وذلك منذ عهد السلطان مولاي إسماعيل، ومازال هذا الاهتمام بارزا من خلال توصلها بالهبات الملكية في كل سنة، وهو ما يشجعنا كلك على المحافظة على النهج نفسه في القيام بأعمالنا والأدوار المنوطة بنا”، خاتما بأن هذه الهبات “تجدد العهد بيننا وبين إمارة المؤمنين”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق