مسؤولان سابقان في البوليساريو: ماضي وحاضر "الجبهة" يحبطان الحلول السلمية

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بمناسبة تخليد العالم لليوم الدولي للسلام، الموافق 21 شتنبر من كل سنة، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل نبذ الحروب وإشاعة ثقافة السلم والتسوية السلمية للنزاعات والصراعات المنتشرة في عدد من البقاع الجغرافية، انتقد مسؤولون وقيادون سابقون في جبهة البوليساريو تشبث الأخيرة بخيار الحرب رغم فشلها في تحقيق أي تقدم ميداني أو دبلوماسي منذ إعلانها استئناف ما تسميه “الكفاح المسلح” أواسط نونبر من العام 2020.

واعتبر المسؤولون السابقون في التنظيم الانفصالي الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية، بهذه المناسبة، أن القيادة الحالية للبوليساريو لا يمكن أن تنحو منحى السلام والبحث عن حلول سلمية، بالنظر إلى مجموعة من العوامل المرتبطة بظروف نشأة هذا التنظيم نفسه، وارتهان القرار السياسي للجبهة برغبات النظام في الجزائر الذي يوظفها في صراعه الإقليمي مع المغرب.

وفي هذا الإطار قال محمد لمين النفاع، مسؤول عسكري سابق في البوليساريو عضو اللجنة السياسية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، إن “الحديث عن رفض البوليساريو الجنوح للخيارات السلمية يقتضي أولا الحديث عن ظروف نشأتها، إذ أسست بقرار ودعم من نظام معمر القذافي من أجل تحقيق حلم الزعامة العربية الذي كان يراود القيادة الليبية لخلافة جمال عبد الناصر”.

وأضاف النفاع، متحدثا لهسبريس، أن “البوليساريو أسست داخل دهاليز المخابرات الليبية من أجل خلق بؤرة توتر لانطلاق ثورات للإطاحة بالأنظمة العربية، تكون ليبيا عرابتها”، مسجلا أن “إنشاء الجبهة كان في بداية الأمر بغرض وظيفي واضح، قبل أن يتفجر الصراع حول الصحراء لتقوم الجزائر باستقطابها، إذ وجدتها مدربة ومؤهلة وبدأت تستعملها في تحقيق أجندتها وأهدافها في المنطقة، وهو ما تفطن إليه القذافي متأخرا حين اكتشف أن ولاء البوليساريو هو للجزائر وليس لليبيا”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “تشبث القيادة الحالية بخيار الحرب يجد له تفسيرا في سببين، الأول مرتبط بظروف النشأة وبكون البوليساريو أنشئت فقط لتقوم بأدوار معينة في الصراعات الإقليمية، وبالتالي فهي ليست سيدة قرارها، وثانيا لأن الأساس الإيديولوجي الذي سوقته للصحراويين وللعالم على أنها حركة تحرير تريد إقامة دولة للصحراويين يجعل من الصعب على القياديين الحاليين، الذين هم بالمناسبة شيوخ في أغلبهم ولم يتبق لهم رصيد كثير في الحياة، القبول بخيار السلام لأنهم يعتبرونه انتحارا سياسيا”.

وخلص عضو اللجنة السياسية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، المنشقة عن التنظيم الانفصالي، إلى أن “قادة البوليساريو وداعميها في الجزائر لا يريدون خيار السلام، ويستمرون منذ أكثر من خمسين سنة في إضاعة مستقبل أجيال من الصحراويين، وبالتالي فعلى المغرب أن يبحث عن بدائل ومفاوضين آخرين من الذين كونوا تجربة مهمة، وهم موجودون ويؤمنون بالخيار السلمي ومستعدون لإيجاد حل لهذا النزاع”.

من جهته أورد مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، ناشط صحراوي وقيادي سابق في جبهة البوليساريو، أن “كل من تبنى خيار السلام أو من غادر البوليساريو وقف على حقيقة استحالة تحقيق هدف الجبهة، أي التحرير وقيام دولة صحراوية”، وزاد: “حتى الكثيرون ممن مازالوا في البوليساريو يقفون على هذه النتيجة، لكن عدم وضوح البدائل وتأثيرات النزاع مما يعوق عدم اتخاذهم قرار التخلي عن الجبهة حتى الآن”.

وأوضح ولد سيدي مولود أن “السبب الرئيس لهذه المراجعات هو أن البوليساريو كانت فكرة وافدة من خارج الإقليم بشعارات براقة، من قبيل التحرر من الاستعمار وبناء الكيان والإنسان”، مردفا: “وقتها كان الإقليم تحت نير الاستعمار الإسباني، وزاده أنه البقعة الوحيدة المتبقية تحت الاستعمار في المنطقة كلها”، وتابع: “انخرط الناس في البوليساريو بدوافع عاطفية، ولم تتح لهم الفرصة لدراسة الخلفيات والإمكانيات المتاحة بسبب الدعم الجزائري والليبي والمكاسب الميدانية التي كانت تحققها البوليساريو في حربها مع المغرب، مع تغييب تام لصورة الجهة الأخرى، أي المملكة، بتسويق أن انهيارها مسألة وقت ليس إلا، دون أن تكون للناس إمكانية للتحقق مما يسوق لها بسبب غياب المعلومة التي تحتكرها القيادة حتى يومنا هذا”.

وتابع المتحدث ذاته في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية بأنه “لما صارت المعلومة متاحة بدأ الناس يقارنون ويراجعون معتقداتهم”، مشددا في الوقت ذاته على أن “العائق اليوم أمام السلام ليس الصحراويين بل دول الجوار وخاصة الجزائر، التي تريد معاكسة ومعاندة المغرب في صراعها الإقليمي معه وتوظف البوليساريو في هذا الصراع”.

وسجل الناشط ذاته أن “جبهة البوليساريو ليست لديها أي قدرات لهزيمة المغرب، وهي مهزومة إستراتيجيا منذ بناء الأحزمة الدفاعية في الصحراء؛ ناهيك عن أن المغرب لا يستطيع أبدا التفريط في أقاليمه الجنوبية بأي شكل من الأشكال، لأنها منفذه البري الوحيد على العالم”، واسترسل: “كما أن الجزائر نفسها لن تخوض حربا مباشرة ضد المغرب من أجل الصحراء لأنها فاقدة للمشروعية، ولأنها ستتضرر بالقدر الذي سيتضرر به المغرب أو أكثر”، مؤكدا أن “حل الحكم الذاتي حل سلمي يحفظ ماء وجه جميع الأطراف ويحقق مجمل طموحات الصحراويين، إلا أن المشكل في الجزائر التي لم تحدد بعد ماذا تريد من هذا النزاع”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق